جمعتني جلسة طيبة قبل أيام قلائل مع مجموعة من كبارالشعراء والفنانين تسامرنا فيها كثيراً، ولم تخلُ من الطرائف والحكايات الجميلة ولكن أخذ الحوار منحني آخر مهم للغاية وكان محوره وضع الساحة الفنية خاصة فيما يتعلق بالأغنيات المسماة والمطلق عليها بالهابطة، التي لا ترتقي لمستوى الذوق العام التي تفشت مثل الأمراض الخطيرة، ووصلت لمرحلة متأخرة جداً وتطورت أكثر دون أن تجد من يردعها ووصلت لمرحلة أغنيات المغارز أو الخادشة للحياء العام التي يرددها بعض المغنواتية دونما أدنى حياء أو خجل أو يرمش لهم جفن حتى في أدائها- قمة الانحطاط والتردي- وأدرنا خلال الجلسة حديثاً ونقاشاً مستفيضاً ولمست من خلال حديثهم مدى الوجعة والألم ونبرات صوتهم تتحدث عن الساحة الفنية بآسىً وأسف وحسرة، وبصراحة أكثر وضع الساحة الفنية الآن لا يطاق بتاتاً وتعج بالفوضى والهرج والمرج لغياب الضوابط رغم وجود القانون الذي يردع أمثال هؤلاء المغنواتية من أصحاب أغنيات (الكتمات) و(المغارز) وغيرها من الأغنيات التي تخجل الأسر من دخولها للمنازل حفاظاً على تربية أبنائهم من هذا التلوث الذي يجد انتشاراً غريباً ويتمدد يومياً عبر مساحات أوسع وأوسع، وتنزع أغنياته كل يوم رداء الخجل أكثر وتتمادى ولا يعرف آخرها وين- ربك يستر- وفي ذلك إهانة كبيرة بل جريمة ترتكب في حق الأغنية السودانية التي يدنسها أمثال هؤلاء المغنواتية يومياً ويتلاعبون بها وأوصلوها الى نفق مظلم، مخرجه الوحيد هو درب الضياع والهلاك، لذلك نفقد الأمل كل يوم بأن تتطور الأغنية السودانية وتمثلنا خارجياً ولا تمثل بنا بمثل هذه الأعمال الساقطة.. ويبقى السؤال القائم ما هو المخرج من كل هذه الفوضى والعلاج المناسب لإيقاف سيل الهبوط المنحدر، هذا يجب أن تتضافر كل الكيانات المختلفة الفنية بمسمياتها المتعددة والإعلامية لحل هذه القضية، فلا يعقل أن تعمل هذه الكيانات منفصلة عن بعضها البعض، يجب أن تتكاتف كل الجهود فعمل هذه الكيانات الفنية وحيداً لن يفعل شيئاً، فهو لن يقدم اي شئ فمثلاً المصنفات الأدبية والفنية بعيدة جداً عن هموم الساحة الفنية، وكل ما تقوم به هو حملات خجولة من حين لآخر وبعيدة جداً، ورقابتها ضعيفة للغاية وشبه معدومة على الفضائيات والإذاعات، وما يبث فيها من أغنيات دعك من فوضى الحفلات وغيرها.. هذا بالطبع مع العلم وفي البال إن مجلس المهن الموسيقية والمسرحية جرد المصنفات من الكثير من صلاحياتها حسب لائحة القانون الجديد المجاز من قبل الدولة، ولكن ما فائدة هذه القوانين التي يتم وضعها دون تنفيذ أو تطبيق وتنزل لأرض الواقع، فرئيس المجلس علي مهدي يواصل رحلة الطيران من دولة لأخرى وما فاضي لمتابعة القوانين، والله علي مهدي ده حتى ولو فاضي ومتفرغ فهو لن يحل أو يربط شيئاً وهذا بالطبع ليس تقليلاً من شخصه فهو أستاذ وصديق حبيب على قلوبنا ولكنه ليس الشخص المناسب لقيادة المجلس وتنفيذ قوانينه لأنه وبطبعه زول مجاملات وأخوانيات وجودية ما زول حسم بكل صراحة.. بالإضافة لغياب دور اتحاد الشعراء تماماً كما فاتني أن أترحم على لجان النصوص والألحان في التلفزيون والإذاعة، ونطالب بضرورة عودتها بصلاحيات مطلقة.. فهل من يسمع ويعي خطورة الموقف ويبدأ مرحلة العلاج؟!!!. ...و... و... و يا خلاصة الحسن كلو قلبي ريدك ما بيملو وابقى جنبك طول حياتي وتبقى ريد عمري المثالي