منذ عدة سنوات انتابت العالم موجة من القتل والحرق والتدمير، وبدأت في التصاعد بصور تدعو للوقوف عندها، لأنها باختصار أصبحت جزءاً أساسياً في حياتنا اليومية.. ففي السابق لم يكن قتل الإنسان أمراً هيناً مثل الآن.. والمتابع للأحداث وللأخبار يجد أنه يتابع حصيلة أموات العالم، فكل خبر يبدأ بتفجير ويحصد الأرواح، والغريب أنها أرواح مدنيين في الأسوق أوغيرها من أماكن تواجدهم، كما أن الإنسان نفسه يتابع أخبار الغارات الجوية والصدامات البرية وأقلها فشل الحوار الذي يمكن أن ينهي أزمة العزل من النساء والأطفال الذين وجدوا أنفسهم ضحية للمطالبين بالسلطة وللمتمسكين بها، وكل طرف يستخدمهم لأغراضه الشخصية، وحتى الصور التي يتم عرضها عن القتلى والمصابين يقصد منها جلب أسلحة جديدة لمقاومة من يقومون بذلك، وبالتالي يردون بالقتل أيضاً ترى. لماذا تدنت قيمة الإنسان الى هذا الحد.. والغريب ما يحدث في عالمنا العربي الذي كان يقف في السابق (ألف أحمر) ضد اي تدخل أجنبي في اي دولة من دوله، لكنه الآن أصبح يستصرخ الغرب ليساعده على تدمير إحدى الدول، وهو يتدخل بفرحة لأن الدول التي دعي لتدميرها تمثل خميرة عكننة لاسرائيل وتهددها في كل صباح، وبعد أن قضت على العراق وترسانتها توجهت لسوريا، ولم تتدخل إلا بعد أن رأت أن مصلحتها في إبعاد السلاح النووي والكيماوي ومنها ورغم أن سوريا ليست بيت أبو الدول الغربية إلا أن كل دول (عافرت لشيل شليتها) من كيماوي سوريا وبعدها سكتت وسكنت علا السوريين يقتلون بعضهم بعضاً دون ان يفقد الغرب المستصرخ اي جندي من جنوده.. فما حدث لهم في العراق وافغانستان جعلهم يتأدبون وكيف لا والمثل يقول«البقرصو للدبيب بخاف من جر الحبل» وأصبح تدخلهم خجولاً، ووفقاً لما تقتضيه مصلحتهم.. أما نحن في السودان فلسنا بعيدين من ذلك، فالسلاح أصبح أحد اللغات الرسمية عندنا، فبعد أن امتلأت أطراف البلاد بالحركات المسلحة أصبح السودان أحد أسواق السلاح الأساسية، ولكم أن تقيسوا ذلك بأعداد الحركات المسلحة وبأعداد الأخبار التي ترد بصورة شبه يومية عن ضبط كميات من الأسلحة والذخائر هنا وهناك.. كما أن المتابع يجد أننا نسير في نفس خط الدول التي ذكرناها، فالحروب مدورة واستصراخ الغرب للتدخل أصبح مألوفاً وبحث المعارضة عن سند خارجي، أصبح طبيعياً ورفض البعض للحوار وانتهاء كل جلساته بالفشل بات أمراً مألوفاً إذ أن نحن لن ننتج فيلماً سياسياً جديداً، بل أننا نمثل السيناريوهات الخارجية بحذافيرها. وكنت أتمنى لو يخرج السودانيون بسيناريو جديد يضربون فيه مثلاً بأنهم أهل السياسة، وأن قدراتهم على حل مشاكلهم عالية، ولكنهم يفعلون عكس ذلك وليس إلا أن نقول «اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه»..