توقفت بل حزنت كثيراً عندما قرأت على صفحات بعض الصحف ما كتبه بعض أبناء قرية الكباشي شمال الخرطوم بحري عن الظلم الذي وقع عليهم بخصوص حيازاتهم التاريخية من الأراضي، والتي تم سلبها عنوة منهم وإعطائها لمن لا يستحقون..وخاصة جمعية المحس التعاونية.. ومنطلق حزني لأني على معرفة لصيقة بواقع أهلنا في قرية الشيخ إبراهيم الكباشي وحاجتهم الماسة للأرض للسكن أولاً، وللزرعة ثانياً، وبالنسبة لوضع القرية السكني فإن منازلهم ضيقة بدرجة كبيرة، وأن قريتهم مأهولة بالسكان.. ويصعب على كل من يريد السير بعربة داخل قرية الكباشي وحتى من يريد السير بأرجله فيجد صعوبة ومعاناة نسبة لضيق الشوارع.. وقد كانت قرية الكباشي من أوائل القرى التي تستحق التخطيط وفي مساحات من الأراضي تستوعب عدد سكانها، وهم يتزايدون مع كل صبح جديد.. ولكن وبكل أسف أن يكتشف أهل قرية الكباشي بأن الأراضي التي حولهم قد أعطيت لغيرهم من دون وجه.. ومع احترامنا وتقديرنا لمنسوبي القوات النظامية وهم يستحقون أكثر من غيرهم للأرض في أراضي السودان الواسعة.. ولكن لماذا تعطي لهم أرض ملاصقة لأرض أهلنا في قرية الكباشي وهم في حاجة لها، وبالتالي أهلنا المحس وجمعيتهم التعاونية.. فلماذا تعطي لهم أرض في ولاية الخرطوم وأن تكون حيازات قرية من قرى الخرطوم؟ وإن كان هذا ضرورياً فلماذا تعطي لهم أرض قرية الكباشي وهي في حاجة لأي شبر من الأرض، وقد شاهدت ما أقدم عليه الخليفة عبد الوهاب ونسبة لضيق الأرض حول مسيد الشيخ إبراهيم الكباشي بأن استعان بأرضه الزراعية على شاطيء النيل، وقام عليها بتشييد المعهد الديني، ومن مظاهر ضيق قرية الكباشي المحزنة، فإن الزائر لها لا يجد سبيلاً لدخول القرية وهو يتجه لهذا المسيد، إلا إذا عبر أقصى جنوب القرية وبمعاناة وقبل أن أتحدث عن أنواع ومشاكل عن قضايا الأرض بولاية الخرطوم والظلم الذي يقع على أهلنا بقرية الكباشي، لابد لي من الإشادة بمبادرة السيد والي ولاية الخرطوم وتحركه بالذهاب إلى زيارة الكباشي ومعه عدد من المسؤولين، وعلى رأسهم الأستاذ محمد الشيخ مدني، وقد علمت بأن الغرض من هذه الزيارة مناقشة أمر المظالم التي لحقت بأهل الكباشي.. وأقول إنها زيارة موفقة ولكننا نأمل أن لا تكون من أجل الترضية فحسب، بل يجب أن تكون زيارة من أجل تحقيق حاجة أهل الكباشي للأرض وللسكن والزراعة معاً، وليس هناك من سبب يعطي المؤسسة «النظامية»، ولا جمعية المحس، ولا مجمع سكن الخوجلاب والذي امتد من شرق الخوجلاب لتغطية المساحة حتى الكباشي، وهذا معناه بأن المشكلة طالت قرى الفكي هاشم، وهذا معناه مظالم أخرى لعدد من القرى جنوب قرية الكباشي، وقد كان من الواجب ألا تسعى ولاية الخرطوم باحتلال مساحات الأرض شرق هذه القرى وتحويلها إلى مجمعات سكنية لتستوعب كل من أراد أن يترك ولايته ويأتي للسكن في ولاية الخرطوم، ونكرر القول بل وندق ناقوس الخطر بأن ما تقوم به ولاية الخرطوم من ظلم على سكان هذه القرى التاريخية أمر لا يقره شرع الله ولا القانون، فإن الحقيقة التي نقولها ونكررها- رغم عدم الاعتراف من الحكومة بها- بأن لولاية الخرطوم سكان لهم الحق في أراضيها قبل غيرهم، وهناك قانون ظل سائداً منذ الاستعمار بأن لكل القرى بولاية الخرطوم حدود معروفة، ولكل قرية حيازتها المعروفة من الأراضي، وهناك حق يسمى حق الزراعة والمرعى والتحطيب، ولكن وبكل أسف فإن حكومة ولاية الخرطوم أصبحت لا تعترف بهذا الحق، بل تعترف بأن كل أهل السودان لهم الحق أن يسكنوا في ولاية الخرطوم، بل وتسجل لهم الأراضي الزراعية والجمعيات التعاونية في ولاية الخرطوم، ونحن نسأل وإذا ذهب أهلنا من قرية الكباشي فهل يسمح لهم بجمعية زراعية في أرض المحس، أننا ننادي بالصوت العالي ونجأر بالشكوى بأن ما تقوم به حكومة ولاية الخرطوم ضد أهلها وسكانها الأصليين أمر لا يرضي الله.. وهناك الآن عدة مشاكل ومظالم لا يجد السيد الوالي ولا وزير التخطيط وقتاً للوقوف عليها- كما حدث لأهل الكباشي- ففي شرق النيل مظالم لسكانها، وفي غرب النيل في ريفه الجنوبي والشمالي مظالم.. وكمثال وريفنا الشمالي ومنذ بدايته بقرى كرري، فقد أصبح لسكانها مشكلة خطيرة حيث لا توجد لهم أراضي سكنية بل ولا مقابر لموتاهم.. فقد باعت وزارة التخطيط بقية الأراضي لمجموعة سكنية مثل (الجخيس وقرى الفتح) وامتدت حتى منطقة الجزيرة إسلانج والنوبة والسروراب، وهناك جمعيات تعاونية زراعية مصدقة رفض وزير التخطيط أن يعطيها شبراً من الأرض، وهل هناك ظلم أكثر من ذلك؟. أننا نقول بإن السياسة التي تنفذها ولاية الخرطوم ضد سكانها الأصليين تحتاج لمراجعة عاجلة، ويجب أن تتوقف حتى ولو بالقانون وأننا ننادي أبناء ولاية الخرطوم الأصليين بأن يتصدوا إلى هذه الهجمة الظالمة بضياع حقوقهم التاريخية من الأرض والتي يساندها بكل أسف من ينتمون لولاية الخرطوم، ممثلين لأهلهم في الحكومة وهؤلاء بكل أسف وراء كل ما يلحق بأهل ولاية الخرطوم من أضرار.