اسبوعان فقط بحسب وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان يفصلان عن جولة المفاوضات الجديدة بين الحكومة السودانية التي يقود وفدها المفاوض البروفيسور ابراهيم غندور والحركة الشعبية شمال، الذي يتقدم وفدها الأمين العام للحركة ياسر عرمان.. حيث تقام الجولة المرتقبة على أنقاض الجلسات الأخيرة، والتي انفضت وعلقت بعد أن طرحت الحركة مطالب وصفتها حكومة السودان- على لسان أكثر من قيادي- بالتعجيزية تمثلت في المطالبة بالغاء الشريعة الإسلامية وحل القوات النظامية بالإضافة الى إعطاء الحكم الذاتي لولايتى جنوب كردفان، والنيل الأزرق على الأرض في المنطقتين تجري عمليات الصيف الحاسم التي أعلن عنها وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين للقضاء على المتمردين، كما تجري الاستعدادات في المناطق ذاتها بل وكل السودان لاجراء الانتخابات العامة المقرر لها ابريل المقبل، لتدفع هذه العملية الانتخابية الكثيرين للتساؤل عن تأثير الاستمرار فيها على جولة المفاوضات، خاصة أن الحركة طالبت بتأجيلها في مناسبات متعددة، والمصير الذي ستؤول إليه الحركة الشعبية شمال حال ارتضت توقيع سلام مع الحكومة، في وقت ليست هي فيه من المشاركين فى السباق الانتخابي. الإجابة أتت واضحة من القيادي بالمؤتمر الوطني بولاية النيل الأزرق عضو وفد الحكومة المفاوض الأستاذ عبدالرحمن ابومدين، الذي قال إن المفاوضات مع الحركة الشعبية شمال لن تتأثر بالعملية الانتخابية لجهة أن المباحثات تتناول مشاركة الحركة في السلطة، وتعالج الترتيبات الأمنية والملف الإنساني، مضيفاً في حديثه للصحيفة أن الحكومة التي تتشكل بموجب الانتخابات ستتجه الى التفاوض مع الحركة، وستقدم التنازلات لاشراكها في المناصب بناء على الاتفاق الذي يتم، وأن الوزارات والمواقع في السلطة قابلة للتفاوض، واختتم.. أي اتفاقية ستستصحب كل الجوانب والرؤية واضحة بالنسبة لمشاركة الحركة شمال. أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية البروفيسور حسن الساعوري قال إن الانتخابات لن تؤثر على المفاوضات إذا كانت الحركة الشعبية جادة في التوصل الى وفاق وأردف أنها لم تكن ذات جدية في الجولات السابقة، وأن أجندتها متحركة ومتغيرة في كل الجولة، مبيناً أن مشاركتها لن تواجه مشكلة، لأن المناصب التنفيذية في مجلس الوزراء لا تحتاج انتخابات، ويمكن للحكومة إذا رأت أن الحركة متوجهة فعلاً نحو السلام أن تؤجل لها انتخابات الولايات سيما وأنها معنية ببرتكول المنطقتين اللذين مكانهما ليس المركز وإنما ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان.. وفد الحركة المفاوض التقى بالآلية الإفريقية الرفيعة باديس ابابا بحضور الرئيسين السابقين ثابو أمبيكي، وعبدالسلام أبوبكر، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة هايلي منكريوس، بجانب ممثل رئيس الوزراء الأثيوبي والإيقاد لسان يوهانس، ومسؤول اليوناميد السفير باشوا، وممثل الإتحاد الإفريقي محمود.. حيث قال الناطق الرسمي باسم الوفد المفاوض مبارك اردول في تصريحات صحفية إن حركته أبلغت الآلية بأن الطريق الوحيد للوصول الى سلام هو تطبيق قرار الإتحاد الإفريقي (456) ووقف الحرب، وإتاحة الحريات.. مردفاً أن السلام الشامل هو خيار استراتيجي للحركة الشعبية، وأنها لن تتخلى عن خيار الحل الشامل ولن ترضى بأي حل جزئي. الأستاذ حسين كرشوم عضو وفد الحكومة المفاوض بدا متفائلاً في حديثه لآخر لحظة بامكانية التوصل الى اتفاق مع الحركة الشعبية في جولة المفاوضات القادمة.. وقال إنهم التقطوا عدة إشارات في هذا الاتجاه منها ابلاغ الحركة للرئيس اليوغندي يوري موسفيني بانها راغبة في توقيع سلام مع حكومة السودان، وحديث الحركة عن ضرورة تأجيل الانتخابات لإفساح المجال أمام المحادثات والوفاق الوطني، مشيراً الى أن جولات نائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن الى كمبالا ومساعد الرئيس ابراهيم غندور الى امريكا تأتي في إطار التمهيد للعملية السلمية. تفاؤل كرشوم الذي هو عضو وفد التفاوض قد يبدو للكثيرين غير مسنود بحيثيات مقنعة لجهة أنه جاء بعد تصريحات للرئيس البشير قال فيها قبل أيام إن المفاوضات مع الحركة ستكون حول المنطقتين فقط، وأنه لن يتم توقيع اتفاق جزئي مع الحركة إلا أن يكون اتفاقاً شاملاً يستصحب معه الترتيبات الأمنية بكاملها، وهو الأمر الذي رفضته الحركة الشعبية التي أعلنت تمسكها بموقفها الذي اتفقت عليه مع قوى الجبهة الثورية القائم على اتفاقية شاملة تحوي دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، تبدأ باتفاق وقف إطلاق نار وآخر إنساني لايصال المساعدات للمحتاجين، لتضع تصريحات مسؤولي الحكومة والحركة الشعبية المراقبين أمام خيار انتظار ما ستسفر عنه الجولة القادمة من المباحثات والذي قد يأتي متوافقاً مع توقعات الأستاذ حسين كرشوم أو مخالفة لما ذهب إليه.