احتفلت اللجنة العليا لمهرجان وردي الوطن واحتفلنا معها في اليومين الماضيين بالذكري الثالثة لرحيل فنان أفريقيا الأول المرحوم بإذن الله محمد عثمان وردي ، ومع احترامنا الكامل وتقديرنا الللا محدود للجهود التي بذلتها اللجنة، إلا أن الإحتفال لم يأت بالصورة التي تليق بالاسم الكبير أو تحاكي قامته الفنية والإنسانية المديدة، وبصريح العبارة ما تابعناه لم يكن بالمستوى الذي نريد. كنا نتوقع مشاركة فنانين كبار ومبدعين من شتى بقاع الأرض وأن تتواصل الفعاليات ببرامج أخرى بعيداً عن خشبات المسارح والأمسيات التقليدية التي لا تخرج عن نطاق الكلمات المنمقة والأغنيات والمقطوعات الموسيقية، وهنا أسمحوا لي أن أطرح جملة إستفهامات: هل المناسبة من أجل الذكرى وتذكير الناس بفنان اسمه وردي أم هناك رؤي أخرى؟ وما النفع الذي عاد على فقيدنا من حفل المسرح القومي؟ وحتى لا يفهم البعض أننا نبخس الجهود أو لنا رأي سلبي في الحفل الذي أقيم، نقول إن الحفل على (عينا وراسنا) ولكن كنا نتوقع أن يعلن خلاله عن قيام مؤسسة خيرية باسم وردي، يعود نفعها على المجتمع خيراً وبركة، وعلى فقيدنا الكبير مغفرة ورحمة من غفور رحيم، وليس حفل تقليدي من باب التذكير لأن وردي يا سادتي سكن على نظام الإقامة الدائمة- و(الدائم الله)- في قلوبنا، وخلدت أعماله الغنائية في الوجدان والذاكرة، ولا نحسب أننا في حاجة إلي من يحدثنا عنه ولا لمن يردد لنا أغنياته لينعش بها ذاكرتنا، وكنا نرى أن الأجدى أن نجعل من هذه الذكرى فرصة للتفاكر والتشاور في إحياء فكرة مؤسسة وردي الخيرية لمرضى الكلي (مثلاً)، أو إنشاء مؤسسة أخرى وما أكثر جوانب العمل الإنساني الذي يحتاج إلى مؤسسات وجمعيات وروابط، فهكذا أعمال قطعاً سيكون لها أثرها الكبير في المجتمع وسيكون وردي اسماً وإن غاب رسما، وستكون مؤسسته بلسماً للأبدان مثلما أغنياته بلسما للوجدان، ونكون بالفعل أعطينا الرجل بعض حقه علينا، وكنا أسسنا لمفهوم أن الأشخاص الإستثنائيين في الحياة يبقون إستثنائيين حتى بعد مغادرة الحياة. هي مجرد ملاحظة واقتراح نرجو أن يضعهما أخوان وردي الوطن في حساباتهم وأجندة اجتماعاتهم القادمة وهو ليس بالأمر العسير طالما أن النوايا خالصة. وأخيراً، نسأل الله أن يتغمد عبده محمد عثمان وردي برحمته الواسعة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، آمين يا رب العالمين.