كنا حريصين جداً على حضور الاحتفال بالذكرى الثانية لرحيل عملاق الأغنية السودانية محمد عثمان وردي، الذي أقامته منظمة وردي الوطن قبل أيام بالمسرح القومي بأم درمان، وكنا نمني النفس بحضور أمسية تليق بقامة محمد وردي من حيث التنظيم واختيار الفنانين لأداء أغنياته، ولكن للأسف الشديد ذهبت أمنياتنا أدراج الرياح وضاعت كل الأماني العذبة في الاستمتاع بالأمسية، فقد خرج الحفل بصورة باهتة جداً وضعت الكثير من علامات الاستفهام والأسئلة الحائرة.. فهل خططت منظمة وردي الوطن لهذا الحفل أم أنه جاء بصورة إرتجالية حتى يخرج بكل هذا الضعف والركاكة، لدرجة أن بعض الفنانين تلاعبوا بأغنيات وردي الذي نعشق ونهوى وتطرب آذاننا وقلوبنا بالاستماع والاستمتاع بجميل أغنياته وأدائه العالي، ولكننا للأسف الشديد لم نجد في الأمسية سوى الإحباط ثم الإحباط، لدرجة أننا لم نستطع اكمال الأمسية وكان حالنا كحال الجمهمور القليل الذي تواجد بالمسرح القومي ولم يجد المفر من هذه الأمسية الركيكة إلا بالمغادرة بل الهروب من ويلاتها، وهو يلعن بهمهمات مسموعة ضياع ليلة بات يترقبها كل عام وخرجت بهذا الهوان. فهل يا سادة هذه هي الطريقة التي نحتفل فيها بذكرى قاماتنا الفنية.. وهل كانت هناك لجنة حقيقية وفاعلة لتنظيم هذه الاحتفالية.. وهل يحتاج مثل تنظيمكم هذا بكل هذه الثغرات لجنة وقبلها شعار منظمة تحمل اسم فني كبير مثل محمد وردي!!.. ويبقى السؤال المهم هل أنتم راضون عن هذه الأمسية.. وإذا كان الجواب بنعم، فهذه كارثة فنية وعبث بذكرى تأبين رواد الغناء بالتلاعب بتاريخهم وإرثهم الفني المليء بالإبداع والشجن والطرب الجميل من خلال تقديم أمسيات باهتة على هذه الشاكلة في ذكراهم ترسم علامات الأسى والأسف على وجوه كل محبيهم وتدفعهم مجبرين لمقاطعة مثل هذه الاحتفالات مستقبلاً. وحتى لا أكون مجحفاً في حديثي عن الأمسية فقد كانت فيها بعض الاشراقات الغنائية ومشاركات جيدة أدى أصحابها أغنيات وردي على الوجه الأمثل مثل الفنان الكبير صلاح بن البادية، والشاب المنطلق بسرعة الصاروخ أمجد صابر صاحب القدرات الأدائية العالية، ونوعاً ما فرقة رأي، وطه سليمان كان جيداً. وأكثر ما استفزني في الأمسية هو عبد الوهاب وردي نفسه الذي لت وعجن في موسيقى أغنيات والده بمقدمات موسيقية باهتة لكل أغنية لا معنى لها على الإطلاق وشوه أغنيات والده بها.. وتركني اسأل نفسي كثيراً.. الفنان محمد وردي موسيقار لا يشق له غبار فهل كان يجهل صنع هذه المقدمات الموسيقية في أغنياته إذا كان لها معنى أو أي داعي تقتضيه الضرورة؟.. بالطبع لا، لأنه وببساطة لا يمكن مقارنة عبد الوهاب بوالده موسيقياً رغم إجادة عبدالوهاب للتوزيع.. فوردي اثقلته التجارب، ويختار ألحانه ببراعة يحسد عليها، ولكن ما يفعله عبد الوهاب الآن لا يعدو كونه تشويه لها.. فما البراعة في ذلك يا عزيزي عبد الوهاب، وما هو الجديد فيما تفعله الآن سوى إضعاف هذه الأغنيات بمقدماتك الغريبة هذه.. ولا أعتقد أن هناك شخصاً من عشاق الراحل محمد وردي يرضيه ما سمعه وشاهده من مقدماتك الجديدة لألحان أغنيات والدك.. فمحمد وردي عندما غنى «قسم بي محيك البدري» لأبو صلاح غناها كما هي بنفس اللحن وأدخل فيها الاوركسترا فقط واحتفظ «بالميلودي». عفواً عزيزي عبد الوهاب الراحل محمد وردي والدك وهو شرف كبير لك، من حقك أن تحتفي وتحتفل به لأنه فنان عظيم، وضع بصمة واضحة في مسيرة الأغنية السودانية أصبحت منارة لكل الأجيال، ومفخرة للسودان وأهله ونعتز ونفخر به، ونحرص على الاستماع له يومياً، لذلك يا عزيزي عبد الوهاب ننصحك بل نترجاك بالابتعاد نهائياً عن أي إضافة تقدم عليها في أغنيات والدك، فهي ليست بحاجة لعبقريتك اللحنية، لذلك نرفع صوتنا لك باسم كل عشاق ومحبي فن محمد وردي.. نعم أنت ابنه ووريثه كحال أخوتك، ولكن عفواً أغنيات وردي ليست عقارات أو أموال أو سيارات لتعبث بها يا عبد الوهاب انت أو أي فنان آخر كما يشاء، فوردي هو الوطن بالنسبة لنا وهو ملك لكل السودان، لذلك تقاسم أنت واخوتك العقارات والأموال التي ورثتموها عنه واتركوا لنا أغنياته بحالها القديم دون أن تمسها رياح وأتربة مقدماتك اللحنية الجديدة هذه، ودعها لنا بألحانها القديمة فهي كفيلة بأن تطربنا حد الثمالة.. والمدهش في الأمر أنك عندما صعدت المسرح لتغني إحدى أغنيات والدك اتضح بأنك لا تحفظها حتى لترددها، فكيف ذلك لا أدري.. عفواً عبد الوهاب أبعد عن أغنيات وردي. في الختام نعتذر للفنان الكبير صلاح بن البادية عن الخطأ الكبير والفادح الذي وقعت فيه مذيعة قناة النيل الأزرق مودة حسن، التي أرادت أن تقدمك للغناء في الأمسية، ولكنها نعتك وترحمت عليك على الهواء عندما قالت بثقة تحسد عليه: «نقدم الآن الفنان الكبير الراحل صلاح بن البادية للغناء».. الله يرحمنا منك يا مودة، بتجيبوا المذيعات ديل من وين يا عزيزي حسن فضل المولى، فأنت إعلامي صقلتك التجارب، فمن أشار عليك بأن مذيعة مغمورة مثل مودة بامكانها أن تقدم نقلاً مباشراً لأي احتفالية دعك من احتفالية لهرم مثل محمد وردي، فهي مذيعة أقل ما يقال عنها إنها ضعيفة الإمكانات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله، فبدلاً من أن تنعي صلاح بن البادية يا مودة حسن وهو حي يرزق، كان عليك أن تنعي وتتحسري على أدائك الضعيف وامكاناتك المتواضعة وتعملي على تطوير نفسك. وكل عام ووردي خالداً في قلوبنا.. و.. و.. اخادع نفسي بي حبك وأمنيها وأهرب حتى من ذكراك والاقيها