واليوم يا أحبة.. وبعد أن أرسل لكم أمطاراً من الحب والود والسلام.. اليوم كنت أود أن أصطحبكم في زروق ينزلق على سطح نهر تحفه أجنحة خضراء مطرزة بورود باهرة على ضفتي النهر العظيم.. كان قد سبقني إلى الاحتفاء والغناء لها (مصطفى بطران)، اليوم كنت أواصل معكم رحلتنا العكسية.. لأعود بكم إلى الوطن في ذاك الزمان الزاهي الذي ارتحل أو مات.. أو نحر ولكن قطعاً لم ينتحر.. كنت أود أن أعود بكم حيث تركتكم وأنا وأنتم وبنات وأولاد على أعتاب (الجامعة) والتي كانت في ذاك الزمان هي (جامعة الخرطوم) رغم أن لها أختاً (بالرضاعة) وهي (الفرع) أو (الفريع) عند غلاة الذين لا يرون في (الجامعة) غير جامعة الخرطوم.. كنت سأبدأ من هناك.. ولكن ولأن ربك رب الخير.. ولأنه الواهب العطاي.. ولأنه الكريم الجواد.. فقد ساق لنا مفتاحاً وألهمنا حروفاً.. وأتم علينا بتصاريح لتعضد ما كنا نرمي إليه وتؤكد صدق كل حرف كتبناه ونكتبه وما أظن يقوله وراي بشر). درج بعض (الأخوان) من أحبابنا في المؤتمر الوطني.. يطلقون من التصريحات داوية وهادرة.. عجيبة وغريبة.. مفزعة ومضحكة.. قوية وبائسة وهي في كل الأحوال تكون نيراناً صديقة يطلقونها في قوة أو ترتد في قوة إلى صدر المؤتمر الوطني.. وبالأمس ولأن ربك رب الخير ينصر أبداً المسكين والمظلوم.. ولأنني مسكين ومظلوم.. ولأنني اليوم كنت في (ربكة) من أمري.. ولأنني عندما أمسكت القلم لأواصل معكم رحلة العودة إلى وطن ذاك الزمان والذي كان وطناً مشعاً شاهقاً ساطعاً.. كنت في حيرة من أمري.. حيرة أشد اضطراباً من حيرة ضرير المعرة الذي قال: ماذا أقول والوحش ترميني بأعينها والطير تعجب مني كيف لم أطر. نعم في قمة تلك الحيرة.. وفوق رأسي سحابة أفرغت أحشائها وهطل وابل من المطر.. وعلى صفحات كل (الجرايد) تأتي كلمات أطلقها حبيبنا وصديقنا البروف (غندور) لتكون لي (عصاية) أتوكأ عليها بل (ياي) أقفز عليه عالياً لأصافح وجوهكم العالية الشاهقة قال حبيبنا غندور وفي لحظة تجلي واعتراف نادر.. قال وأخال الوجع ينهشه وأكاد أرى الدمع يتفجر من عينيه.. قال مرة «لقد فشلنا في إقامة الدولة التي نريد».. يا جماعة من قائل هذه الكلمات.. (غندور) أم مؤمن أم عبد الله الشيخ.. أما الكلمات الأخرى وعلى نفس الصحيفة.. ومن نفس المسؤول والذي هو الحبيب الصديق عالي التهذيب.. عميق الوقار البروف (غندور) فقد قال في شجاعة يبدو معها (عنترة) مجرد فأر مذعور.. قال «مازلنا مقصرين والبلاد تعيش شظف العيش» يا إلهي.. هل حقاً هذه الكلمات للرجل الثاني في الحزب الحاكم.. أم هي من (حلقون) مخذل.. عميل.. لا يرى في الإنقاذ شيئاً جميلاً.. سلمت يا غندور.. ولا شلت يمينك.. ولا أنحبس لسانك.. وشكراً لهذه الشجاعة الباهرة.. وهذه البسالة النادرة وهنا التعايش النبيل مع النفس.. وأقسم بالشعب والأيام الصعبة إنه لولا إن (التصفيق) لنجوم وقادة الإنقاذ على كفي حرام.. لأديتها بالتصفيق. نعم والله البلاد وكل شعب البلاد ما عدا (أولاد المصارين البيض) يعيش شظف الحياة.. وقد عزت (اللقمة) على الأفواه الجائعة.. وأصبحت معارك الفقراء الأسطورية هي مع ذاك (الشظف) وتلك المسغبة. بروف غندور.. بكرة نحكي لك عن ترف لم يعرفه هذا الشعب.. وأيام مدهشة رفل فيها هذا الشعب.. وتلك البلاد في ذاك الزمن الزاهي الجميل..