سِمعتو حِكاية «الصّبَرَة»..؟! فإنّها «صّبَرَة»، لا علاقة لها بالصّبر ومترادفاته، وتعود تفاصيل حكايتها إلى بِداية عِقد التسعينيات من القرن الماضي، عندما طال ليل الأهالي في انتظار اكتمال الرّدمية، لا الظلط..! فقد كانت مُجرد ردمية، تربط بين طرفي الحِلّة.. ردميّة الجِنْ، لم تكتمل حتى اليوم، وما جاءهم مسئول إلا وخاطب جماهير الحِلّة، داعياً الى جمع التبرعّات لإكمالها.. ولحدي يوم الليلة، التبرعات شغّالة ، والرّدمية في حالا..! فُتح باب التبرعات على مصراعيه سِتّين مرّة، لكن التبرعات بتمشي وين ما معروف..! كلّما جاءهم وزير أو قيادي فتحوا الموضوع، وبرضو التبرعات «تِتْلَحِسْ»..! آخر مرّة، زار الحِلّة مسئول كبير، وعلى مأ أظُن، كان عضواً بمجلِس قيادة الثّورة.. زول رايِق وفايِّق، ومن المشاهير، وبتاع دلالير.. مسكْ المايكرفون، وقال ليهو، «آية آيتين، وحديث حديثين «عن التّوجُّه الحضاري، وعن رمية قدّام، وطوالي دخل في موضوع التّبرعات، مُذكّراً أهل الحِلّة، بميزان حسناتِهِم في الدّار الآخرة، وأن أعمالَهُم تُعرض عليهم يوم القِيامة.. واستنتج من كل ذلك مدحاً في فضائل الإنفاق، ومشيراً إلى فائِدة الرّدميّة على أهل الحي أجمعين..! وبعد تلك القُوالة الكتيرة، وبعد ما كمّل رقيصو كلّو، و«حتّاهو حتْ»..! نزل القيادي من المِنبر بسلام، فجلس الى جواره في بيت الضِّيافة، عمّك شيباني- وعلى ما أعتقِد- كان الشّيباني من مرافيد النقل الميكانيكي، أو النّقل النهري..! قال الشّيباني للعضو المُحترم: يا ولدي كتّر خيرك، ما قصّرت معانا تبْ، وزيارتك مقبولة، والتبرعات بتجي أكان عِدنا قِسمة فيها.. دحين هسّه، خلّينا نتونّس، ونآخدْ معاك «خَشُمْ خشْمين»، في الدنيا الزايلة دي..! بعد ذلك دخل عمّك الشيباني في الموضوع فقال: زمان، عِندنا في البسابير، حبوبتنْ لينا، عِندها شافِع ولدها الكبير، كان شغّال سِميح مع أبوهو في الجّناين.. كان الخير راقد، والحال مستور.. فجأة الشّافع رِكِب راسو، وأبى يشتغل في الزراعة، وقال إلّا يغترِب ويسافر السّعودية عشان يجيب القروش.. حبوبتنا زِعلتْ مِنّو زعل شديد،، لكن الشّافع، لما جاء راجع بعد كذا سنة، مشى يحاول يراضيها.. فمشى قعد جمبها فوق العنقريب وبدأ في الكلام: تعرِفي يا حبّوبة، سعيد الدُنيا ياهو الزّول القاعِد في جناينو، و نِحْنَ والله بلدنا دي، جنّة بس، لكنْ نِحن بسْ ما شايفنّها كويّس.. وأنا الحمد لله، جيت راجع معاي شوية قِريشات، وإنتي ذاتِك، أنا داير أعمِل ليك مشروع كبير، بِتاع دواجِنْ...! الحبّوبة صنقعتْ ودنقرتْ وسألتْ: هي الدّواجِنْ دي ذاتا، ياهو شنو كمان..؟! مضى الشّويفع في التشبيك، فقال، إنو الدواجِنْ، ياهو جّدادنا الواحِدْ دا،، «بسْ أنا يا حبّوبة، حأعمِل ليك مشروع، فيهو أقفاص وفراريج، وبيض..انتي ما سِمعتي ناس وزارة الصحّة قالوا شنو..؟ قالوا إنّو تأكل بيضة الواحدة، أحسن ليك من صحن قرّاصة،، وإنتي تاني ما حتتعبي يا حبّوبة لأنو عِندِك جنّا الجّداد، وأكان زِهجتي من السّليقة تضبحي، وتحمرِّي، وأكان قلتي «تلايقي مع المُلاح الأخدر تلايقي» ، وباقي الجّداد كلّو تبيعيهو لي ناس الحِلّة، حرّم يا حبّوبة، المشروع دا يجيب قروش ليك زي التُّراب..! كانت الحبّوبة تستمع بانتباه الى توليفة مشروع الدّواجِن، وفجأة، انتبه الولد الى أن حبّوبة سرحت في مكانٍ بعيد.. فسألها: يا حبّوبة إنت مالِك ما بتنضُمي، مشيتي وين، سرحتي وين..!؟ رجعت الحبّوبة به الى أحضان الواقِع، وقال له:«عِلي لاكينْ يا وِليدي، مشروعك دا، ما خايف عليهو من»الصّبَرَة»..!؟