يمتلك السودان مقومات السياحة ولا يختلف أحد على تلك المقومات الهائلة التي يمتلكها، حيث توجد بشماله الآثارالتي تفوق الحضارة المصرية قدماً وعراقة، كما يوجد نهر النيل الذي يشكل بجزره الخلابة وغابات النخيل والمانجو، إضافة الى الصحراء التي أصبحت من المناطق الجاذبة للسياحة، والتي تستهوي الكثيرين، وفي الوسط توجد السهول والوديان وغربه توجد الصحراء والسافنا الغنية والفقيرة وجبل مرة الذي يشكل مناخاً جاذباً للسياحة.. أما شرق السودان بسحره وجاذبيته ابتداء من البحر الأحمر الذي يمتد آلاف الكيلومترات والجزر المنشرة فيه، وسياحة الغوص التي يتميز بها من خلال وجود أفضل أنواع الشعب المرجانية في العالم والأسماك الملونة، وبالرغم من ذلك نجد السياحة في السودان تتذيل آخر القائمة من اهتمامات الدولة بالرغم من أنها في دول تشكل المورد الرئيسي للعملات الصعبة، وقد يعادل دورها ما تنتجه الدول البترولية. آخر لحظة جلست الى مصطفى كمال عبدالرازق، وهو خبير في مجال السياحة وأول مستشار بوزارة السياحة وخرجت بالإفادات التالية... ملتقى النيلين يماثل أفضل المزارات السياحية في العالم على الدولة أن تدّرس منهج السياحة حتى في مدارس الأساس غابات الجنوب سحبت أفيال الشمال ... وأفرغت حديقة الدندر تصوير: سفيان البشرى ٭ السودان يمتلك مقومات سياحية متنوعة لكن البعض يرى أن أثرها غير ملموس.. هل تتفق مع هذا الرأي؟ - نعم... لا يوجد أثر ملموس لعدم الاهتمام من الدولة.. والسياحة نوعان طبيعية وبرية، فالإنسان نفسه يمثل جاذباً سياحياً من حيث تعدد القبائل والتقاليد، ونملك غابات وجبالاً وصحاري، ويوجد لدينا أعظم ظاهرة في العالم تتمثل قي ملتقى النيلين، ويظهر هذا الالتقاء خصوصاً في الصيف، حيث يجمع بين لونين الأبيض والأزرق، ويسيران في اتجاه واحد لقدرة الخالق وللأسف الشديد هذه الظاهرة غائبة عن الكثيرين ولم تجد الاهتمام. ٭ ماهي المناطق السياحية الأكثر ارتياداً؟ - في الوقت الحاضر بدأ البحر الأحمر يستقطب السواح الداخلين، وكذلك المناطق التي اقيمت فيها مهرجانات حديثة في ولاية نهر النيل والخرطوم. ٭ هل تجد المناطق السياحية والاثرية إقبالاً من المواطنين؟ - هناك جهل وعدم وعي من المواطنين بأهمية السياحة، وهذا عبء يقع على الدولة، حيث يجب عليها تدريس التلاميذ من الأساس أهمية السياحة، ولكننا نجد الآن حتى الرحلات المدرسية البسيطة اختفت، وهناك استخفاف من المواطنين بالسياحة الداخلية، فمثلاً إذا قلته لأي شخص في رحلة الى الدندر أو النقعة والمصورات لا يهتم بالأمر.. أما إذا قل له رحلة الى القاهرة فإنه يتشجع بكل حماس، وهو في نظره أن السياحة لا توجد إلا خارج السودان، لأنه لا يوجد ما يجذب. ٭ كيف نجذب أنظار السواح؟ - نعاني من مشاكل كثيرة في السياحة، فأولاً لابد من توفير المناخ، المناسب وتهيئة البنية التحتية للمناطق التي بها عناصر جذب سياحي، يجب توصيل الطرق والكهرباء لهذه المناطق، وهذا دور القطاع العام، ثم يأتي القطاع الخاص إذا أتيح له الاستثمار في هذا المجال لإنشاء القرى والمنتجعات. وحديثاً أقيم عدد من المهرجانات، وهي تعتبر نهضة سياحية وبداية جيدة، ولكنها لاتتعدى كونها عملية تجارة وتسويق سياحي فقط، لأن اي مهرجان سياحي عالمي لا يقل عن سبعة أيام.. فالبحر الأحمر بدأ يستقطب السواح الداخلين ويحتاج الى جهد أكبر لجذب السواح من العالم، وأيضاً الإعلام والترويج له دور كبير لجذب السواح. ٭ يلاحظ قلة في عدد كليات السياحة بالجامعات السودانية؟ - يرجع هذا لنظرة المجتمع للسياحة كما ذكرت فكثير من الأسر تعترض على دراسة أبنائها للسياحة والفندقة لسبب أنه بعد تخرجه يعمل (جرسون) في فندق أو خادم على حسب فهمهم للعمل في الفنادق، وقد تغيرت النظره قليلا في الوقت الحاضر، حيث أصبح اي طالب يدخل الكلية برغبته، ومع هذا فعدد الطلاب قليل جداً، فمثلاً دفعة هذا العام بكلية الإمام الهادي 40 طالباً، وكليات السياحة قليلة بالمقارنة مع الكليات الأخرى ولاتتعدى التسع كليات. ٭ هل تواجه هذه الكليات مشكلة في المناهج؟ - نعم تحتاج لتحديث مناهجها، حيث أصبحت غير مواكبة كما يعاني خريجو السياحة من عدم وجود فرص عمل لهم وعدم اهتمام من القطاع العام والخاص بتدريبهم، وهذا أدى الى نفور وعدم رغبة للالتحاق بها، وحتى العدد القليل الذي تخرج هاجرالى خارج البلاد . ٭ الفنادق أسعارها عالية جداً هل هي ملك قطاع عام أم خاص؟ - الفنادق الموجودة الآن قطاع مشترك فمثلاً فندق كورال شراكة مابين وزارة السياحة وشركة كويتية بنسب محددة، والفندق الكبير سابقاً مؤجر لشركه أجنبية وكورنيثيا أجنبي أيضاً باقي الفنادق قطاع خاص.. أما ارتفاع أسعارها، فلعدم وجود سياسة تسعير موحدة (سوق حر) وهذه السياسة لا تتماشى مع الفنادق وكل الفنادق العالمية سعرها موحد، وهناك عدد من الفنادق توقف بسبب قلة الايرادات مثال لذلك (فندق التاكا). ٭ انفصال الجنوب هل أثر على السياحه البرية؟ - بعد الانفصال هاجرت أنواع كثيرة من الحيوانات من حديقة الدندر الى الجنوب، خاصة الفيلة أصبحت منعدمة في الدندر، كما أن المناطق السياحية قلت.. فالجنوب يمتلك طبيعة خلابة وجاذبة. ٭ المعوقات التي تواجه السياحة؟ - واحد من أهم المعوقات عدم توفر الأمن في كثير من المناطق السياحية التي تمتلك عناصر جذب سياحي مثل جبل مرة، ولكنه غير آمن.. وهذا يتعارض مع حرية السائح الذي من حقه أن يتجول بحرية تامة مع احترامه للعادات والتقاليد، فإذا طلب مني سائح الذهاب الى كردفان فلا استطيع.. ونجاح السياحة في البحرالأحمر، لأنه منطقة طرفية وآمنة بعيدة عن النزاعات، أيضاً من المعوقات الدورالذي يلعبه الإعلام الخارجي الذي يعكس صورة سالبة عن السودان، ولا يظهر جوانبه السياحية، ولا توجد مكاتب دعاية خارجية، والسفارات لا تلعب دوراً في السياحة، ونظرة المجتمع يجب أن تتغير ويعطي أهمية واحتراماً للسائح والعاملين في هذا المجال.. فزيادة نمو السياحة الداخلية وقفاً على تطور السياحة الخارجية.