ومازلنا في قلب معركة الانتخابات.. ومازال (الأخوان) يزرعون فضاء الدنيا شدواً ونشيداً... ومازالت مخازن نسخة الإنقاذ الأولى مشرعة الأبواب.. ومازال الأحبة في المؤتمر الوطني (يغرفون) بالربع الكبير من أناشيدهم في تلك الأيام..أيام إعصار الإنقاذ الأول.. و«حكمنا شريعة وتاني ما في طريقة لي حكم علماني» ومازال صدى صوت ذاك الثائر تأتي به الريح.. و(حنشيد نحنا بلادنا وحنفوق العالم أجمع)... ونلبس مما نصنع ونأكل مما نزرع.. ومازالت الحافلات (تودي وتجيب) إلى صناديق الاقتراع. - أما أنا دعوني أستهل يومي.. بكلمات مدهشات كتبها (ود العز) الفنان الدكتور شبيكة.. فالرجل إن قال «الشهور ياريته تجري وكل يوم ياريتو باكر».. أنا لا أحلم ولا أتمنى.. أجرجر الشمس بسرعة الضوء واليوم هو يوم 13/ أبريل.. أول يوم في الانتخابات.. وهاكم تفاصيل ليلتي السياسية التي يتحدث وينشد فيها فقط (محجوب).. - ميدان الليلة السياسية هي حديقة منزلي.. أعلام الموطن الجميل مزروعة ومفرودة ومفروشة أعلى شجرة الليمون والنخلة والجهنمية.. كمية من البالونات الحمراء (منفوخة) تتدلى في بهاء على خيوط من أفرع الأشجار.. لا مكرفون ولا (ساوند) الحضور أنا، أجلس على كرسي من الحديد.. المنصة (تربيزة من الحديد) المقوى.. محجوب يقف شامخاً كالطود.. منتصباً كمنارة الميناء.. هائلاً كصاري مركب تشق أعالي البحار.. وتبدأ الليلة. - ولأنه مسكون بالوطن.. معجون بماء النيل.. منسوج من أوردة وعصب الشعب.. مفتون حتى الجنون بالوطن. يستهل محجوب الليلة.. ب .. حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ وطن عاتي.. وطن خيِّر ديمقراطي.. وينشد وأنا أدمي كفي بالتصفيق حتى يصل إلى.. مكان السجن مستشفى.. ومكان الأسرى وردية.. مكان الحسرة أغنية.. مكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة تمازح شفع الروضة.. يصمت برهة محجوب.. أقف أنا على الكرسي.. أطلب منه في إلحاح.. أن يتلو عليّ قصيدته و(مايو) ترسله منفياً في سجن بلا أنوار.. يستجيب محجوب وينشد.. - محطة .. محطة بتذكر عيونك ونحن في المنفى - وبتذكر مناديلك خيوطها الحمرا ما صدفة - وبتذكر سؤالك لي متين جرح البلد يشفى.. - متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تصفى - سؤالك كان بعذبنا ويقربنا ويزيد ما بينا من إلفة - سؤالك كان يزيدني حماس وياما في قلبي دق نحاس.. ثم يواصل محجوب الإشراق.. وفي خاطره الذين وهبوا بلادهم أشرف وأنبل ما يكون العطاء.. لا يذرف دمعة واحدة بل يحتفل بذكراهم وكأنه عيد. - يا المصانع يا السكة الحديد - يا ورش نارها بتقيد - يا عمال المينا البعيد - جروا حبل اليوم السعيد - وشايفو قرب أنا واحلالي - أحمد أحمد تكبر وتشيل -اسم أبوك في النجم والنيل - خط أبوك بالدم النبيل - كل زهرة وزهرة إكليل - ومات شهيد أنا واحلالي وتعانق شوكة الدقائق شوكة الساعات.. وينتصف الليل وينتهي أجمل أيامي الانتخابية، ومحجوب ولأنه وهب عمره للفقراء والكادحين من أبناء شعبه يختتم الليلة ب (ست الشاي).. وبكره 14 /أبريل وليلة محمد الحسن سالم حميد.