بدأت أسواق البيع المخفض التي انتشرت في ولاية الخرطوم في سحب الزبائن بشكل متزايد من محلات البيع التقليدية لجهة أن أسعار السلع التي تعرضها تقل ولو قليلاً عن مثيلاتها، وفيما يبدو أن المواطن الذي ظلت تكويه الأسعار لا يتوانى في الوصول إلى مواقع البيع المخفض الثابت منها والمتجول أينما وجدت، وحسب المسؤولين في وزارة الاقتصاد وشؤون المستهلك فإن عدد أسواق البيع المخفض وصلت إلى أكثر من 32 سوقاً بمحليات الولاية السبع. في ميدان أبو جنزير لا تخطيء العين زحمة الباعة وهم يتجولون في الخيمة الضخمة التي نصبت لعرض سلع متنوعة وبأسعار تقل كثيراً عن بيعها في المحلات التقليدية، داخل الخيمة معرض للسلع المدعومة مثل «اللحوم الحمراء والبيضاء، المنظفات، الطماطم، زيت الطعام والعدس والدقيق والشاي واللبن والأرز، السمك البطاطس، والتمور بأنواعها والحلويات» وغير ذلك من السلع التي تحتاجها الأسرة بشكل أساسي، منظر الباعة الداخلين والخارجين من خيمة أبو جنزير يمكن رؤيته في أكثر من موقع في مدن الولاية الثلاث. وما يميز السلع المعروضة في هذه الأسواق أنها لا يمكن أن تفلت من الرقابة خاصة فيما يتعلق بالصلاحية والجودة، لأنها تعرض بالاتفاق بين الشركات المنتجة والمستوردة وحكومة الولاية. وحدد القذافي محمد أحمد قاسم نائب رئيس لجنة وزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك أهداف الأسواق المخفضة التي انتشرت في الولاية بمحاربة ما أسماه «جشع التجار» ومحاربة السوق الموازي الذي أصبح يشكل حملاً ثقيلاً على كاهل المواطن. وذكر قاسم في حديثه ل «آخر لحظة» أن المشروع قدم حلولاً للمستهلك في أن يجد سلعاً مضمونة وبأسعار معقولة، مشيراً إلى أن نسبة التخفيض في الأسعار في معرض أبوجنزير مثلاً بلغت هذا الشهر 27% في مقابل السوق الموازي وهي نسبة - حسب تعبيره - تدل بوضوح إلى نجاح فكرة الأسواق المخفضة، وما يضع هذه الأسواق في خانة النجاح أنها مراقبة ومرصودة ولا يمكن التلاعب في السلع المعروضة بها، وهذا ما جعل نائب رئيس لجنة وزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك يقول إن إدارته تعقد اجتماعات دورية للتجار لمواكبة التطور ورصد المخالفات، وتنصح المستهلكين في الوقت نفسه بالحرص عند شراء احتياجاتهم بمراقبة صلاحية السلع. وكان اللواء عمر نمر معتمد محلية الخرطوم قال في تصريحات نشرتها الصحف إن محليته ستقوم بإغلاق أي مركز لم يلتزم بالبيع بالأسعار المخفضة التي اتفق عليها، وذكر أنها بالفعل أغلقت 25 مركزاً لم يلتزم أصحابها بالأسعار لأن المحلية لا تأخذ رسوماً من هذه الأسواق، وحث المواطنين على المساعدة بالتبليغ الفوري عن أي مركز لا يلتزم بالأسعار المدرجة في الإعلانات التي تنشرها الولاية. وحسب الجولة التي قامت بها «آخر لحظة» فإن الأسواق المخفضة قد انتشرت بالفعل في العاصمة لمجابهة غلاء الأسعار والسوق الموازي ولحماية المستهلك من جشع التجار وهذا ما يفسر الإقبال عليها بصورة كبيرة جداً مقارنة بالسوق الموازي الذي بات مغلوباً على أمره وبعض تجاره باتوا يحاولون مجاراة أسواق البيع المخفض وتخفيض الأسعار. انتشرت هذه الأسواق في أماكن مختلفة من العاصمة لكن أكبرها سوقي أبو جنزير، وأبوحمامة، إحدى النساء وتدعى آمنة الجعلي عبرت في تعليقها على أسئلتنا بقولها «إن السوق قدم حلاً لمشكلة الأسعار المرتفعة وأصبحنا نشتري كل الأغراض من السوق المخفض دون الحاجة إلى اللجوء إلى الدكاكين والخضرجية». وأضافت رفيقتها سهير عباس «تلاجاتنا بقت عامرة» من السوق المخفض.. أما سمية عبد الرحمن فذكرت أن الأسعار الموجودة في السوق المخفض هي فعلاً مخفضة ولكن ليس بالقدر المطلوب لتصل السلعة الضرورية للمستهلك.. والمواطن صالح عمر ذكر أن السوق المخفض حارب السوق الموازي بطريقة منطقية حتى أصبح قبلة للمستهلكين في كافة مناطقه، وأضاف أمجد سالم «موظف» أن السوق مخفض ومناسب للمواطن ليأخذ مستلزماته بسعر أقل لكن يجب أن تتم الرقابة على الأسواق بشكل مباشر من وزارة المالية حتى لا يتم تجاوز القواعد التي قامت بها الأسواق.. وأن يتم وضع سعر محدد يباع به في الأسواق المخفضة. وفي استعراض سريع لعينة من الأسعار في هذه الأسواق مقارنة بالسوق الموازي نلاحظ الفروق واضحة مثلاً أسعار اللحوم في ميدان أبو جنزير صافي العجالي 45 مقابل 60 جنيهاً في السوق الموازي، أما سعر الضأن 50 جنيهاً مقابل 55 في السوق الموازي، والسمك الهامور يباع بسعر 50 جنيهاً مقابل 60 جنيهاً خارج السوق، الفراخ 20 جنيهاً مقابل 28 في السوق الموازي.