يراهن الأهلة على وصول الفريق الأزرق إلى مراحل متقدمة من دوري أبطال أفريقيا في النسخة الجارية حاليا والذهاب ليس لمربع المجموعتين فحسب، بل والتربع على عرش أفريقيا كلها أو خطب ود العروسة الأفريقية كما يحلو لهم تسميتها ومناداتها، وهي أشواق واطغاث أحلام ظلت تراود الهلاليين منذ أكثر من 39 عاما.. والناظر لمجمل الصورة التي بدا عليها الأزرق في مباراته المحلية أمام ضيفه المريخ كوستي أمس الأول، التي خرج فيها متعادلا بهدف لكل لا يرى مقاربة أو مطابقة بين الخيال والواقع، فالفريق يعاني كثيرا على كافة المستويات ويفتقد لروح العمل الجماعي ويؤدي بصورة عشوائية ومجهودات فردية غير منظمة أو مموجهة ويغيب عنه الرسم الفني الواضح في ظل تعاقب المدربين ليصل العد إلى ثلاثة في الفترة من ديسمبر 2014م إلى أبريل 2015م بدءا من البلجيكي باتريك وسميس وجهازه المعاون مرورا بالوطني الفاتح النقر وطاقمه وصولا إلى التونسي نبيل الكوكي ومجموعته، لتضيع الملامح وسط أفكار المدربين وطريقة كل شيخ. بدت خطوط الفريق منفصلة ومفتقدة للتواصل خاصة بين الوسط «حلقة الوصل» وخط المقدمة الهجومية في غياب صانع الألعاب، الذي يجيد التمرير في الأماكن المناسبة.. في الوقت الذي بدا فيه فيصل موسى ضعيفا في حركته ونشاطه وافتقد حيويته ودقته في التمرير ومال لطرف الملعب دون أية مبررات أو فروض من واقع الأحداث، في الأثناء كان محمد أحمد بشير «بشة» يتحرك بطريقة عشوائية دون تقديم أية مساعدات للثنائي بوبكر كيبي ومدثر كاريكا، ويحسب له فقط الهدف الوحيد عندما هرب وتسرب خلف المدافيعن في غفلة من الطرف اليمين للضيوف «زكريا ناسيو» ولعب نزار حامد دور الصانع مستغلا خطأ المدافع في إبعاد الكرة أمام خط 18.. وبينما لعب المدرب فاروق جبرة ورقة الدفاع بالكامل مع الإعتماد على العمليات المعاكسة، ظل ثنائي المحور نصرالدين عمر الشغيل ونزار حامد متمركزين في الوسط دون التقدم لعمل الزيادة العددية والضغط على الترسانة الدفاعية المتمترسة وإحداث التوازن من حيث العدد، فيما اصطدمت محاولات السنغالي سليمانو سيسيه والوطني معوية فداسي بالكثافة العددية واختفى كيبي وكيبي وسط الزحام وانقطع الإمداد والتمويل من كافة النقاط بالعمق أو الأطراف، وكان الفريق بحاجة للاعب يجيد الحل الفردي، وهذا النوع غير متوفر في قائمة النادي حاليا..! اكثر ما يعانيه الهلال في خط الظهر، وهذا كشفته محاولة هجومية واحدة، ربما هي الأولى والأخيرة.. عندما قاد المريخ عملية معاكسة في الدقيقة 24.. تقدم الإيفواري ديكور موسى من وسط الملعب في غياب المحاور وسوء التغطية الدفاعية من السيراليوني ديفيد سيمبو «أقرب لاعب» وتخلف القائد سيف مساوي من الحضور والتدخل في التوقيت المناسب وابتعاد فداسي وسيسيه عن المشاركة وتقدم الحارس الكاميروني لويك ماكسيم في سيانريو كشف حالة السوء والضعف الحقيقي للتنظيم الدفاعي، وهو عيب فني ظل يلازم الفريق لسنوات دون إيجاد العلاج اللازم من كل المدربين الذين يتوافدون على الملعب الأزرق صباحا ومساء.. وكان البلجيكي باتريك يركز كثيرا على مبادئ الدفاع إبان المعسكر الإعدادي قبل بداية الموسم، ولكن الإدارة أطاحت به من رأس الإطار الفني قبل إكمال مشروعه في بناء ترسانة دفاعية قادرة على الإضطلاع بمهامها. أطرى المراقبون والمحللون الفنيون كثيرا على قدرات الحارس الكاميروني «ماكسيم» واعتبروا بوابة الهلال في أمان في وجود الأسد الصغير، ولكن ظل هذا الحارس يرد على الإعجاب والإطراءات بأخطاء ساذجة وثقة زائدة، وهو يتقدم عن مرماه ويترك الكرة تسقط وراءه لتعانق الشباك، وعلينا مراجعة سيناريو الأهداف التي استقبلها مرماه لنكتشف هذه الحقيقة.. وينتظر المدرب التونسي الجديد وليد بن سليمان دورا كبير في إعادة تنظيم وتوجيه الحارس قبل الدخول في مغامرات مع أندية لا ترحم بدوري الأبطال. فرًط الهلال في صدارة الدوري وهزَ ثقة أنصاره وخيَب ظن الطاقم الفني الجديد «نبيل الكوكي المدير الفني التونسي ومواطنه وليد بن الحسين، مدرب الحراس، والفرنسي ريتشارد هايبارك، مدرب الأحمال البدنية» في أول مناسبة تجمع اللاعبين بالمدربين بالدوري السوداني.. كان الإستقبال سيئا من اللاعبين وهم يبخلون بهدية البداية وعربون الصداقة بين الطرفين.. وخرج الفريق والجماهير في حالة من الإحباط يضعون الأيدي على القلوب قبل مواجهة سانغا باليندي الأحد المقبل في ملعب تاتا رفائييل في كنشاسا لصالح مرحلة الذهاب بدوري أبطال أفريقيا.. الحال يغني عن السؤال.. الفريق بحاجة لعمل كبير على كافة المستويات، وإذا ما كان محوظا في تجاوز هذه المرحلة ووصل إلى المجموعتين فإنه يحتاج بالضرورة إلى إضافة لاعبين أصحاب قدرات وامكانات مختلفة في كل الخطوط، خاصة الوسط الشمال والهجوم وعمق الدفاع، مع تفعيل عمل الأطراف.. ويقع على «الكوكي» عبء بناء فريق بمقدوره الظهور بشكل قوي ومقنع على الأقل كمنافس بكبرى مسابقات القارة السمراء.