«عند وصول الرجل الابيض كانت لدينا الأرض وكان لديهم الإنجليل فطلبوا منا أن نغمض أعيننا ونصلي وعندما فتحنا أعيننا كنا نملك الكتاب المقدس وكانوا يملكون الأرض»، هذه إحدى روائع الثوري الكيني جموا كينياتا التي سطرت في قاعة أفريقيا بمقر السفارة الفنزولية بالخرطوم، حيث ضمت القاعة «بورتريهات» للثوار الأفارقة وأمريكيا اللاتينية على رأسهم نيلسون مانديلا والإمام المهدي والزعيم القذافي وأحمد بن بيلا وتشي جيفار و هوغو شافيز والرئيس الحالي لفنزولا الرئيس نيكولاس باريوتا، وفنزولا ظلت تناطح التدخل الأمريكي الإمبريالي في القارة. آخر لحظة التقت السفير ايبيال ماركيز الذي يعتبر أول سفير لبلاده بالسودان عقب ترفيع العلاقات الدبلوماسية في العام (2009) وقلّبت معه عدداً من الملفات الخاصة بالعلاقات الثنائية والقرارات الأمريكية تجاه السودان، فإلى مضابط الحوار : ٭ ما هو شعوركم وأنتم أول سفير لبلادكم بالخرطوم؟ - أنا سعيد ومسرور لأنها فرصة بالنسبة لي للعمل مع الأفارقة عن قرب، اعتبر نفسي أخاً لأفريقيا، وأيضاً سعيد لأنني سأكمل مسيرة الرئيس الراحل هوغو شافيز بتقديم الدعم للشعب السوداني وحكومة الرئيس عمر البشير. ٭ ما هي أهم المحطات الدبلوماسية التي عملتم بها قبل الخرطوم منذ انضمامكم لوزارة الخارجية الفنزولية؟ - عملت في كندا«مونتريال» وقبل ذلك عملت فس الحراك الشعبي وفي منظمة «ماديرا قروب» التي كانت تهتم بالثقافة الأفريقية - الفنزولية، ومنظمة أخرى تهتم بالسيرة الذاتية لمحرر فنزولا سيمون ومقولاته الشهيرة. ٭ فنزولا تملك الاحتياطي الأول في النفط وعضو مهم في منظمة الأوبك، هل هنالك تعاون سوداني - فنزولي في هذا السياق؟ - نعم، ولعل أهم الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في مجال النفط، بجانب ذلك فإن هنالك اتفاقيات في مجال الاتصالات والسياحة وأنت تلاحظين في هذه الصورة «صورة لشافيز وهو يمطي حصاناً عربياً ويرتدي الملابس السعودية» والتي التقطت له خلال زيارته للمملكة العربية في أحد اجتماعات منظمة الأوبك لتحديد أسعار البترول، وقد وظفت عائدات البترول لخدمة شعب فنزولا، فالمواطنون الآن يتمتعون بخدمات العلاج المجاني والتعليم والصحة. ٭ السودان ثأثر كثيراً عقب انفصال الجنوب في محور النفط، هل كانت هنالك مساعدات من كراكاس في هذا الاتجاه؟ - من الأشياء المهمة التي تقوم بها السفارة أعادت بناء التعاون في مجال النفط، لأن السودان دولة مهمة في المنطقة. ٭ هل توجد شركات فنزولية تعمل في السودان؟ - أغلب الشركات تعمل في فنزولا فقط. ٭ هل تخططون لتعاون مستقبلي لجلب شركات بترولية؟ - الحكومتان تخططان من أجل أن يكون هنالك تعاون فيما يلي البترول والتعدين. ٭ ما هي أهم محاور السياسة الخارجية الفنزولية تجاه أفريقيا والسودان؟ - بالطبع هنالك علاقات ممتازة بين السودان وفنزولا وهنالك تواصل وتعاون جيد مع وزاتي خارجية البلدين ووزارتي الثقافة والإعلام. ٭ إلى أي مدى أنتم راضون عن مستوى العلاقات السودانية - الفنزولية خاصة أنتم أول سفير عقب الترفيع الدبلوماسي؟ - ممتازة، وهنالك تعاون ثقافي أيضاً حيث قام وفد مكون من (15) من أعضاء منظمة الفضاء السودانية بزيارة فنزولا، وهذا يأت في إطار التبادل الثقافي بين الخرطوم وكركاس، بجانب ذلك فإن هنالك متخصصين فنزوليين قاموا بزيارة السودان لنقل فكرة الكورال ويتغنون باللغة الأسبانية، كما أن المجلس الوطني قام بتشكل لجنة برئاسة محمد أمين للدفع بالعلاقات بين البلدين، هذه اللجنة شكلت عقب الذكرى الأولى لوفاة الرئيس شافيز. ٭ أنتم كمتخصصين في التاريخ والدراسات التاريخية، كيف تقيم كتابة المؤرخين الأجانب لتاريخ السودان وتاريخ الشعوب الأفريقية؟ - أفريقيا قارة غنية وكانت مستعمرة من عدة دول غربية التي قامت بالاستيلاء على مواردها ووضعت معظم دولها تحت الاستعمار الاستغلالي، ومن الأمثلة المعروفة السودان الذي نال استقلاله قبل نحو 59 عاماً من الإمبراطورية البريطانية بعد مقاومة شرسة، وهذا حدث منذ وقت قريب، ووضح لنا أن هنالك تحفظات على كتابة التاريخ السوداني والأفريقي، فالحصار الاقتصادي أحد أذرع الاستعمار، وفنزولا رفضت القرارات الاستعمارية المفروضة على السودان وهي أيضاً تحارب الدول الإمبريالية التي تحاول الاستيلاء على البترول الفنزولي. ٭ هل هنالك علاقة أو وجه شبه بين البلدين في السياق؟ - نعم، هنالك علاقة صداقة واستقلال وحرية بين شعوبنا وأفريقيا والعمل على مواجهة الإمبريالية الأمريكية التي خلقت مشاكل لبلادنا في المجال الاقتصادي والمجالات الأخرى. ٭ كيف ترى الحصار الأمريكي ضد السودان؟ - إنها جريمة ضد القانون الدولي والقانون الإنساني وتقرير حق المصير وضد البشرية ومصيرها ونحن نرفض العقوبات المفروضة على السودان والعقوبات على بلادنا، إنهم يريدون استخدام سياسة لي الذراع وهذا يوضح لماذا تكافح فنزولا ضدها وتؤكد على حقها في تقرير المصيرو وهذه من الأشياء التي نبعث بها في الذكرى الثانية لوفاة شافيز، وقرارنا أن نكون أحراراً. ٭ ما هو تعليقكم على التقارب الأمريكي الكوبي عقب قطيعة دامت نحو أكثر من خمسين عاماً؟ - هذا نصر لكوبا وانتصار للشعب ولشعوب أمريكا اللاتينية والعالم الآخر، ويوضح مدى قوة الشعوب ونضالها وكفاحها وأيضاً يوضح بجلاء مدى قوة الشعب الكوبي واعتمادهم على أنفسهم ورغبتهم في الاستقلال «ففكرة واحدة صحيحة من أعماق المحيط أفضل من ألف جندي يحارب بطلقة». ٭ هل هنالك تنسيق إقليمي مشترك بين السودان وفنزولا في المنابر الإقليمية؟ - نعم هنالك تنسيق مع أفريقيا وهنالك منظمة تعنى بالتنسيق مع المجموعات الأفريقية وأمريكا الجنوبية وهنالك مثال تجسد في رسالة شافيز وهما منظمة تدعى «اسا» تدعو إلى التعاون مع أفريقيا وهنالك تعاون بين مجموعة الدول اللاتينية تضم كل الدول الأمريكية عدا الولاياتالمتحدةوكندا، وهذه المجموعة اتفقت أن يكون نظامها وأهدافها ورؤيتها ومواقفها وقراراتها واحدة. ٭ تعتبر فنزولا من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، هل هنالك مساعٍ لإقناع دول أمريكا اللاتينية للاعتراف بها؟ - كل دول أمريكا اللاتينية اعترفت بدولة فلسطين ولديها تمثيل دبلوماسي مقيم ممثلاً في سفاراتها في معظم دولها وهنالك علاقة قوية وصداقة بين الدول العربية وأمريكا اللاتينية، ففنزويلا دولة متحررة تساند السلام والصداقة وتدعم حق الشعب الفلسطيني لأخذ استقلالها ونحن نرسل رسالة لشعب السودان لمعرفة طرق للمقاومة ضد التدخل الأمريكي في الشأن الداخلي لفنزولا، وأنا متأكد أن الشعبين سيعملان على التحرر من التدخل في الشأن الداخلي لتحقيق العدالة الاجتماعية. ٭ ما هو موقف كركاس من السيطرة الأمريكية على الأممالمتحدة وهل أنتم راضون على السيطرة؟ - الأممالمتحدة منبر مهم للعلاقات بين شعوب العالم ولكن في الوقت الراهن تم اختطاف دورها بواسطة عدد من الدول بحجة الحفاظ على حقوق الإنسان وأصبحت تدار من الدول ذات النفوذ، فالأممالمتحدة أصبحت آلية جديدة لمعاقبة الشعوب الضعيفة. ٭ هل تدعم بلادكم إصلاح هيكل الأممالمتحدة؟ - نعم نحن نعمل من أجل ديمقراطية الأممالمتحدة ونلعب دوراً مهماً لا سيما أصبحنا أعضاء غير دائمين منذ عامين، وفي مجلس الأمن الدولي اصبحنا صوت العالم الذين لا تمثيل لهم داخل المجلس، الآن فنزولا رئيس اللجنة التي تكافح ضد العقوبات المفروضة ضد السودان بالتنسيق مع الأصدقاء، ونعمل على أن نثبت حق السودان في إسقاط العقوبات، لأننا ضد سياسات العقوبات التي تفرض على الشعوب الضعيفة، لأنه لا يمكن أن تعين أمريكا نفسها «بوليس العالم» وتفرض القرارات على الدول الأخرى، ووفقاً لاتفاقية ڤينا كل الدول لها الحقوق مثل الولاياتالمتحدة ولهذه الأسباب نحن ضد سياسة أمريكا ونحن نعرف أن هنالك الملايين من الأمريكان يقطنون في منازل لا سقف لها، بجانب عدم وجود خدمات تعليم وصحة، ويجب على أمريكيا الالتفات لمشاكلها الداخلية، بالإضافة لمشكلة في ارتفاع الأسعار والعدالة وسياسة التفرقة، فكل 24 ساعة هنالك أفريقي أمريكي يقتل بواسطة البوليس الأمريكي، وعلى الولاياتالمتحدة الالتفات والاهتمام بمشاكها الداخلية بدلاً من إصدار قرارات لفرض عقوبات على دول العالم. ٭ فنزولا إحدى الدول التي تشتهر بكرة القدم مثل مثيلاتها في أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين، هل هنالك تعاون في سياق تدريب الفرق السنية الشبابية؟ - نعم نعمل على كيفية الاستفادة والاستعانة بالخبرة الفنزولية في السياق، خاصة أن هنالك اتفاقيات مبرمة في هذا السياق لم يتم تفعيلها ونحن نفكر كيف يمكن تفعيلها ونعضد التعاون الرياضي، وهي آلية لتطوير التعاون الرياضي. ٭ كيف تقيّم كرة القدم بالسودان؟ - كرة القدم في السودان لديها شعبية كبيرة وهنالك مشجعون كثر يساندون الفرق، والسودانيون يشجعون الفريق البرازيلي بقوة. ٭ السيد السفير حدثنا عن هؤلاء في كلمات: - جيفارا: هو مناضل عالمي ويعتبر مرجعاً لهوغو لشافيز والرجل المجتمع الجديد، ودائماً ما أتذكر عباراته التي كان يقولها في ذهني وتتجسد في حياتي ويمكن أن تلجأ إلى كتاباته في كافة الأوقات. فيدل كاسترو: زعيم القرن العشرين والحادي والعشرين وهو إنساني قاوم وناضل كثيراً من أجل الأفارقة وساعد في حرب التحرير بأنغولا وأيضاً أسهم في انفصال الجنوب وكان صديقاً لنلسون مانديلا. هوغو شافيز بارتيوتا وطني، أول من قام بالوحدة بين أفريقيا وأمريكا.