بسم الله الرحمن الرحيم هذا بلاغ للناس قال تعالى: «هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ» ..الآية توطئة: تذكرنا صحائف التاريخ بأن الرجال الأمجاد هم الذين يصنعون التاريخ وإن الشعوب هي التي تسجل في وجدانها إنجازاتهم، أما خونة شعوبهم من العملاء والخونة والامعات فإلى مزبلة التاريخ وبئس المصير!! . بالأمس قضى القائد الفنزويلي الزعيم البوليفاري الملهم لشعبه هوغو شافيز إثر صراعٍ مع مرض السرطان، قضى الزعيم الملهم الذي أعاد لضعفاء شعبه من الكادحين والمحرومين والفقراء وهم الغالبية العظمى حقوقهم التي سلبتها منهم الامبريالية الأمريكية وأذنابها المحليين من زعماء الأحزاب التي لا هم لها إلا مصالحها الذاتية والحزبية . لقد أعاد شافيز لبني شعبه من الكادحين والفقراء ما سلب منهم، فكفل لهم حياة آدمية انسانية تليق بشعب يملك ثروة نفطية تحتل التصنيف الخامس على مستوى العالم حيث كانت تتحكم فيها الولاياتالمتحدة وكانت تأتي بالحكام ممن يمالونها وتسقط من لا ينفذ أجندتها ، لقد كانت الولاياتالمتحدة تعتبر دول أمريكا اللاتينية هي الحديقة الخلفية لها فتعبث بها وفيها كيف شاءت. لقد أعلنت أمريكا والغرب حربها على شافيز من أول لحظة انحاز فيها للفقراء المعدمين المحرومين ، وكان شافيز معتداً بنفسه معتمداً على تأييد الغالبية العظمى من بني شعبه الذين أعاد لهم كرامتهم الانسانية ووزع عليهم ثروات بلادهم لينعموا بها في حين كانت فنزويلا في العهود الغابرة اقطاعية أمريكية!! المتن: لا بد لنا أن نستعرض لمحة تاريخية عن حياة هذا الزعيم الذي أصبح رمزاً لعزة وكرامة شعبه وأصبح القائد الملهم قولاً وعملاً لأمته، ولد هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي الواحد بعد الستين عام 1954 لعائلة متوسطة، وواصل تعليمه في الأكاديمية العسكرية بفنزويلا قبل أن يلتحق بجامعة سيمون بوليفار في كاراكاس. وفي عام 1992، أنشأ ما أسماها بالثورة البوليفارية، المستلهمة من سيمون بوليفار، زعيم استقلال أمريكا اللاتينية، حيث قام بمحاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس اندريس بيريز ليقضي إثر ذلك سنتين في السجن. وبعد الافراج عنه عام 1994، قام ببعث حزب سياسي "حركة الجمهورية الخامسة" والذي مثل نسخة مدنية للحركة الثورية التي كان قد أسسها قبل سنتين من ذلك ليترشح عام 1998 للانتخابات الرئاسية. وفي العام 1999 اصبح تشافيز رئيسا للبلاد في 2 فبراير/ شباط. وعرف بحكومته ذات السلطة الديمقراطية الاشتراكية واشتهر بمناداته بتكامل أمريكا اللاتينية السياسي والاقتصادي مع معاداته للإمبريالية وانتقاده الشديد لأنصار العولمة من الليبراليين الحديثين وللسياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية. وفي العام 1999، وبعد اجراء استفتاء، صوت الشعب لصالحه ب92 في المئة من الاصوات، وبالتالي تم انشاء مجلس تأسيسي أوكلت له مهمة كتابة دستور جديد ليعوض بذلك دستور 1961. وفي سنة 2000، أعيد انتخاب شافيز رئيسا للجمهورية التي باتت تسمى جمهورية فنزويلا البوليفارية . ولا بد أن أذكر أنه وقبل ذهابه الى السجن أثر الحركة الانقلابية التي قادها في عام 1992 يومها صرح شافيز قائلا: “إنني أتراجع عن هذا الامر مؤقتا." جملة واحدة جعلت منه الرجل الأكثر شعبية في البلاد. إثر الافراج عنه عام 1994، قام ببعث حزب سياسي. حركة الجمهورية الخامسة والذي مثل نسخة مدينة للحركة الثورية التي كان قام بها قبل سنتين ليترشح عام 1998 للانتخابات الرئاسية. “ لياغو لاهورا دل بيابلو“ أو عدو الاوليغارشية“ هو الشعار الذي رفعه شافيز منذ بداية عمله السياسي، ليصبح رمزا للمدافعين عن الفقراء والمحتاجين. اثر فوزه بهذه الانتخابات ادى شافيز القسم على دستور يحتضر وفق تعبيره. الحاشية: وفي عام 2000، تمت اعادة انتخاب شافيز رئيسا للجمهورية التي باتت تسمى جمهورية فنزويلا البوليفارية غير ان تدهور اسعار النفط في 2001 ادى الى اندلاع ازمة اقتصادية كبيرة في البلاد. لقد كان للإجراءات التي اتخذتها ادارة شافيز لإيجاد حلول للازمة بما في ذلك تبني اصلاحات زراعية وتأميم قطاع النفط والاستحواذ على مساحات شاسعة من الاراضي الساحلية أدت الى موجة غضب عارمة في صفوف قطاع واسع من المعارضين الرأسماليين وارباب العمل دعوا الى شن سلسلة من الاضرابات ما ادى الى تعميق الازمة التي ادت اثر ذلك الى محاولة الانقلاب ضد نظام شافيز غير أن أنصار الرئيس اعادوه الى الحكم في غضون ساعات معدودات. وكما نعلم أن البترول كان هو السلاح القوي الذي تعول عليه فنزويلا لفرض كلمتها على الساحة الدولية. وكما نعلم فان البترول يمثل كذلك مصدر تمويل البرامج الاجتماعية التي اطلقها شافيز. فالثورة البوليفارية مكنت الالاف من الفنزويليين من الحق في التعليم وفي التغطية الصحية وتأمين مصدر العيش. حتى أن نسب الفقر تقلصت بشكل كبير رغم تواصل ظاهرة التباين الطبقي وتواصل هشاشة الاقتصاد الفنزويلي الذي يعتمد كليا على النفط. أما على الصعيد الدولي، فقد تأثرت علاقات شافيز بفكرة واحدة مهيمنة عليه ، وهي عداء الولاياتالمتحدةالامريكية. لذا كانت تدار عليه حرباً ضروساً خاصة باستغلال علاقاته مع الدول التي تناصبها أمريكا العداء، خاصة عندما يتعلق الامر بعلاقته بالرؤساء السوداني عمر البشير والايراني محمود احمدي نجاد والكوبي السابق فيدال كاسترو، كان شافيز يسعى الى تكوين ما اسماه محور الخير لخلق قوة مضادة للإمبريالية الامريكية كما كان يقول. الهامش: أما خارج حدود فنزويلا فقد ارتبطت شخصية شافيز شافيز بصورة الرجل المشاكس التي اثارت استياء الكثيرين على غرار الحادثة التي جمعته في 2007 بملك اسبانيا عندما طلب منه أن يكف عن الكلام. لقد أصبح شافيز أب الفقراء لدى البعض، ودكتاتور لدى البعض الاخر, وأن معارضي شافيز يتهمونه بأنه رجل شعبوي يعشق السلطة. لكن ورغم الصورة الشائعة عن الرجل الا ان النظام ظل ديمقراطيا كما يقول المراقبون. إن شعبية شافيز وشخصيته الكاريزماتية جعلت البعض يلقبه بخليفة المحرر نسبة الى سيمون بوليفار. كما أن صراعه ضد مرض السرطان وتغلبه عليه اثر رحلات علاجية متكررة الى كوبا زاد من شعبيته في الداخل والخارج. كما أن المرض لم يمنعه من الترشح الى الانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة في 2012 وذلك بعد حذف الترشح لمرات معدودة للانتخابات من الدستور الذي تم تنقيحه عام 2009 بعد محاولة اولى فاشلة عام 2007. وأخيراً وبعد بعد اربعة عشر عاما قضاها في الحكم، نجح شافيز في كسب الرهان مرة اخرى بفوزه بانتخابات 2012 ليظل اربع سنوات اضافية في القصر الرئاسي بميرافلوراس. إن أمريكا التي تعودت على حبك المؤامرات ونسج خيوطها تعتقد أن العالم كله يجب أن يسير في ركابها ولا تمانع في أن تستعمل أقذر الأساليب للوصول إلى مآربها وأطماعها الاستعمارية وكأن كل هذا العطن السياسي التآمري لا يتعارض مع الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الاختيار ، فلماذا تتآمر أمريكا على فنزويلا إن كانت حقاً تؤمن بحرية الاختيار الديمقراطي الانتخابي وحق الشعوب في اختيار زعمائها وحكوماتها، وأمريكا العادة لا تخفي غطرستها وصلفها وجبروتها لا في حال الموت أو الحياة ، فها هو الرئيس باراك إبن حسين أوباما يعلن بالأمس وبعيد تلقيه نبأ رحيل شافيز قائلاً: أن الولاياتالمتحدة تدعم الفنزويليين بعد وفاة رئيسهم هوغو تشافيز، وأعرب عن الأمل في إقامة علاقات بناءة مع الحكومة الفنزويلية الجديدة في فصل جديد من تاريخها. وقال أوباما إن الولاياتالمتحدة تبقى ملتزمة بسياساتها التي تروج للمبادئ الديمقراطية وحكم القانون واحترام حقوق الإنسان!!. من يسمع حديث أوباما ويدقق ويستوعب معانيه لا يجد أي صعوبة في اكتشاف أن أمريكا لن تتخلى عن الكذب والتدليس والنفاق السياسي بإسم الشعارات التي أصبحت مكرورة وممجوجة بعد أن إتضح أنها مجرد شعارات وأقوال الهدف منه ابتزاز الشعوب!! لقد أضحى هوغو شافيز أيقونة وملهماً للشعب الفنزويلي وأن مسيرته ستستمر وأن شمعة ثورته البوليفارية المنحازة للفقراء والكادحين لن تنطفئ مهما فعل أعداء الشعب فنزويلي ومهما حاكت دول التجبر والغطرسة لفنزويلا من مؤامرات ؛ فإرادة الشعوب أقوى من إرادة أعدائها!! قصاصة: أن يفجعك نبأ كخبر رحيل شافيز فهذا يجب لا يدعونا للإحباط لأن هناك أيضاً خبراً رائعاً أتانا من كينيا، أتي يعلن للعالم فوز إبن الزعيم الخالد جومو كنياتا برئاسة كينيا. قبل عام ونيف نذكر أن المحكمة العليا الكينية أمرت بتنفيذ طلب توقيف الرئيس البشير كطلب الجنائية الدولية إذا ما زار كينيا ، فما رأي ذات المحكمة الكينية العليا بأن الرئيس المنتخب كينياتا أيضاً مطلوب للجنائية الدولية !! نقول للمحكمة العليا الكينية إن خيارات واختيارات الشعوب فوق كل قانون وفوق كل رغبات الدول المتجبرة والمتغطرسة رغماً عن أنوفها!! عوافي Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]