قد يسأل سائل: ما العلاقة بين الحج وبين أزمة المواصلات التي تشهدها العاصمة هذه الأيام !!؟ وتكون الإجابة أن المعاناة والغبن هما القاسم المشترك بين الحج بالنسبة للمواطن السوداني المسكين وبين انحسار وسائل النقل العام خاصة في فترات المساء عن (جاكسون) وبقية المواقف العامة الأخرى. بالنسبة للحجاج الذين بدأوا التلبية في دواخلهم منذ الآن، فإن معاناتهم التي يشعرون بها وحدهم دون سواهم قد ارتفعت وتيرتها، بينما جهات الاختصاص التي من المفترض أن تكون مسؤولة عنهم، تنظر بعين، وتنظر بالأخرى للحصيلة العائدة عليها في هذا الموسم الربحي الكبير، ولا يهمها كيف يحصل الحاج على مال يعينه في حركته وعيشه خلال أيام أدائه للفريضة. تردد أن من حق الحاج تحويل ما يعادل ألفي يورو عن طريق الصرافات، ثم تراجع الأمر إلى ألف ومائتي دولار، ليتراجع أخيراً حتى يصبح ألفاً ومائتي ريال سعودي، عن طريق ثلاثة بنوك فقط بالسعر الرسمي، يدفعها الحاج هنا في السودان، ولا يتسلمها في المطار بل في مدينة جدة (!) تخيّل هذا التجريم المفترض لحاج عابد ناسك، يرجو وجه الله ويصبح في نظر المسؤولين محتالاً يسعى لتحويل عملة صعبة، قد لا يغادر بها إلى الأراضي المقدسة.. وكل جريمة الحاج أنه مواطن سوداني، تعمل عشرات الجهات على (حلب) مدخراته حتى آخر قرش بمختلف الطرق والمسميات وبعد ذلك يحاط بقيد، بل بسياج من سوء الظن. هناك حجاج يبدأون رحلتهم للأراضي المقدسة بالمدينة المنورة، هكذا أرادوا، لذلك اضطروا إلى ترك حقهم في التحويل الرسمي، واتجهوا ل(شراء) ما يحتاجونه من (عملات صعبة) من السوق السوداء، ولا يشعرون بإثم ولا جريمة تهدد الاقتصاد الوطني لأن هذه هي رغبة وإرادة أولي الأمر،الذين أثموا وكانوا سبباً في هذه الجريمة البشعة التي رفعت سعر الدولار إلى أكثر من (319) قرش بدلاً عن سعره الرسمي. أما المواصلات فإن قرارات شرطة المرور المتعجلة وغير المدروسة والتي لم يتم التمهيد لها بما فيه الكفاية حتى يستوعبها أصحاب وسائقو المركبات العامة فقد أضرت بالمواطن العادي الذي يستخدم هذه المركبات في حركته وتنقلاته ويعاني حيث لا (نجدة) تقله ولا سيارة عامة، بينما تقف سيارات الشرطة عند تقاطعات الطرق و(صواني المرور) تدعو وتبشر من خلال مايكرفونات لا يستبين منها السامع كلمة، حتى أنها أصبحت مثل البائع الجوال الذي ينادي على بضاعة كاسدة. السؤال للقيادة السياسية في بلادنا الموعودة بالإنشطار.. مالكم كيف تحكمون (؟).. لماذا تريدون للغضب الشعبي أن يتنامى حتى تنفجر الأوضاع (؟) الآن أخذ بعض المواطنين - خاصة الطلاب- يتحرشون ببعض سائقي المركبات العامة في ميدان جاكسون ونقاط تجمع المواصلات لأنهم يعانون وهذه المعاناة لا يعرفها أهل السلطة ومتخذو القرار، مع الإشارة إلى الفشل الكبير لبصات الوالي- وهو الاسم الشعبي لبصات شركة مواصلات ولاية الخرطوم- في التدخل لحل الأزمة.. لأنهم بعد العاشرة مساء يصبحوا من (النائمين). في الخط أزمتان خطيرتان تأخذ كل واحدة برقبة الأخرى فليتدخل أهل الحل والعقد حتى لا ينفرط العقد. .. واتقوا الله فينا.