استفزتني جداً الصورة المعبرة التي كانت لسان حال خبر في «صحيفة الشاهد».. وهي لرجل، يقول متن ذاك الخبر: إنه طريح فراش بمستشفى الخرطوم عنبر الباطنية، عمره تجاوز الستين عاماً بالغرفة «313».. المهم أن منظر الحالة الإنسانية رقم «313» حسب تصنيف الغرفة.. تكاد تشم رائحتها من ثنايا الصورة.. فالرجل يمكن أن تعد أضلاعه «لا ضير.. فوجوده بالمستشفى للاستشفاء»، ولكن حالة الرجل تقول بكل صراحة إن هناك إهمالاً واضحاً من قبل المستشفى في جعل حالة الرجل أكثر إنسانية.. فجسده العاري، وبقايا الطعام «المشتت حوله» دلالات واضحة على أن لا أحد يمارس التمريض في ذلك المستشفى العتيق.. فإن لم يبد للرجل مرافق أو أحد يسأل عنه، فالأجدى أن يكون نظام التمريض «ساداً للفرقة».. وكثيراً ما كنت أحادث نفسي في أمر التمريض في بلادي.. حيث لا يمكن أن تسلم مريضك لبعض المستشفيات إلا وأن تمارس الرفقة معه.. وتقتلني المشاهد التمثيلية للواقع «الأجنبي» الرحيم حينما أشاهد الرعاية التي يجدها المريض هناك.. فالممرضون والممرضات يعملون وهم في كامل المشاعر الإنسانية المراعية للحقوق.. فأين نحن «المسلمين» من ذاك التطبب الإنساني السليم.. وأين المجتمع في ثنايا الزائرين للمستشفى ولو مروراً بالقرب من الغرفة «313».. فمتى نصل بالمستشفيات العامة للحد الذي يمكننا أن نضمن أن جميع المرضى هم في أيدٍ أمينة. رغم ذلك قد يقول قائل إن العاملين بالمستشفيات العامة يعانون من ضيق بيِّن، وظروف عمل ضاغطة.. ولكن العمل في القطاع الصحي يتطلب حداً كبيراً من الإنسانية قفزاً فوق الظروف القاهرة.. فهل حقاً وعى العاملون بالقطاع الصحي أهمية الإنسانية والتراحم حتى لا نرى نموذجاً مؤسفاً كحالة الغرفة «313» المذكورة.. وحتى متى يا رب يظل بعض العاملين في الصحة «كالبعبع» الذي يخيف المرضى، ويفرق الزوار اذا حاولوا ممارسة الزيارة في ساعات الزيارة.. عوداً للحالة المذكورة نطرق على آذان المسؤولين في المستشفى بقفل الباب أمام هذه النماذج «اللا رحيمة» كما قال الخبر، «نهديها لوزارة الصحة والمسؤولين بالمستشفى». في ذات الإطار نتمنى أن تستطيع وزارة الصحة بالولاية، إنجاح مشروع برنامج التغطية الشاملة بتنفيذ سياسة طبيب الأسرة تخفيفاً من عدد الحالات الواردة للمستشفيات.. نحن لا نثبط همة العاملين بالمستشفى، ولكنا ندعوهم للتسامي فوق حدود السماعات والمحاقن وأدوات الجراحة والتطبب المعروفة.. الى مراقي الإنسانية. آخر الكلام: بينما يتناقص عدد «المشافي» في بعض الدول لقلة عدد المرضى الذين تصل أعداد بسيطة منهم مرحلة الرقاد بالمستشفى.. نتمنى نحن أن ترتقي المستشفيات عندنا. ودمتم