الجدل القائم الآن حول الجنسية المزدوجة لا يستحق كل ذلك التشنج، إذ أن الشماليين في الجنوب، والجنوبيين في الشمال ثروة قومية يجب المحافظة عليها، سواء صوت الجنوبيون للوحدة أوالانفصال، فالعلاقات بين الشمال والجنوب علاقات أزلية وقديمة قدم التاريخ، وقد حدثت بين القبائل العربية والجنوبية الموجودة في الحدود الجنوبية والشمالية مصاهرات لتعايشها لأكثر من أربعمائة عام، وعلى كل القيادات السياسية في الشمال والجنوب إلغاء فكرة الجنسية المزدوجة وإتاحة الحرية للمواطنين (حال الانفصال)، في التحرك بدون قيد أو شرط بما هو ممكن،مع المحافظة على سيادة البلدين. وصلتني دعوة كريمة الأسبوع الماضي من منتدى الفكر والاستكتاب ب s.m.c لحضور ندوة بعنوان (الانفصال.. وجدل الجنسية المزدوجة)، وكان النقاش ثراً، وتطرق للقضية بشكل مستفيض، والذي قال فيه القيادي بالحركة الشعبية أتيم قرنق إن الفرق بين المواطنة والجنسية، أن المواطنة تكتسب بوضع قانوني، أما الجنسية فتكتسب بطرائق شتى من بينها الميلاد، ولكنه رجع وقال إن الجنوب لن يجبر الشمال على استضافة الجنوبيين، وأشار الى أن جدلية الجنسية تنسحب على ثلاث فئات، أولها النازحون الذين أجبروا على النزوح بسبب الحرب.. وثانياً العاملون العسكريون في المؤسسات العامة، وهؤلاء يجري التفاوض بشأن توفيق أوضاعهم ضمن ترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء.. أما الفئة الثالثة لا يعتد بها، ولا يقيمون لهم وزناً، وهم الرعاة الذين يقارب عددهم 6 ملايين شخص، وينتقلون بمواشيهم بين الشمال والجنوب. أما الأستاذ المحامي غازي سليمان فقد سخر من المتفائلين بوجود روابط اقتصادية واجتماعية واعتبره تفاؤلاً ليس في محله، وقال إن طائرة الاستفتاء سواء أسفرت عن الوحدة أو الانفصال، لن تهبط أبداً بسلاسة، وهذا ما دار حول الجنسية المزدوجة خلال الندوة التي انتهت بملاسنات بين غازي سليمان وأتيم قرنق، فهذا هو حال المحللين والسياسيين في هذا البلد، وهو عدم الاتفاق على رأي موحد.. وأخيراً تصدر مثل تلك الملاسنات لتعنت الرأي وعدم سماع الرأي الآخر.