تخضع أى عملية إنتخابية الى عمليات تشريح كبيرة يعمل فيها المحللون والمفكرون عقولهم وتجاربهم وخبراتهم لأن الإنتخابات عملية دورية ومستمرة فى النظم الديمقراطية وعليه لابد لكل من يشارك فيها خاصة المرشحين للمقاعد التشريعية والتنفيذية ان يتعرفوا على تحليل عناصرها والإستفادة من نتائج التحليل فى تلافى اوجه القصور التى شابت مشاركاتهم والعمل على تقوية الجوانب الإيجابية التى حققوها . ولأن الإنتخابات التى شهدتها البلاد فى أبريل من هذا العام قد جاءت بعد غياب طويل عن ممارسة حقيقية لتعددية محكومة بقانون متفق عليه كان من المتوقع ان تصدر مئات التحليلات والدراسات والبحوث العلمية عن هذه الإنتخابات لأن التجربة ستكرر فى ظل الظروف الطبيعية بعد أربع سنوات وربما يكون الوقت مبكراً حتى الأن للحكم بقلة الصادر من هذه الدراسات والتقارير والتى نتوقع أن يتصدر قائمتها التقرير الرسمى لانتخابات السودان للعام 2010 الصادر من المفوضية القومية للانتخابات إذ عقب كل انتخابات ومنذ اجراء أول انتخابات فى البلاد عام 1953 كان اصدار التقرير العام من المهام الرئيسية للهيئات المسؤولة عن الانتخابات والذى ينتظره السياسيون والباحثون والمحللون كوثيقة رسمية معتمدة تعينهم فى نقد المشاركة والتحليل والتقويم كما ذكرنا آنفاً من الوثائق المهمة التى صدرت عن انتخابات آبريل 2010 كتاب الانتخابات السودانية 2010 حقائق ودلالات لمؤلفه الدكتور أحمد محمد الصادق الكارورى الذى جاء فى اربعة فصول سجلتها 307 صفحة من القطع المتوسط قدم للكتاب الدكتور حسن مكى الذى وصف الانتخابات الأخيرة بأنها تمثل منعطفاً تاريخيا حيث تمتحن النخب المنتخبة من خلال أسئلة صعبة هل تستطيع الاستفادة من المتغيرات الدولية والداخلية فى الحفاظ على وحدة السودان وهل تستطيع النخب المنتخبة الحفاظ على وحدة السودان وهل تستطيع النخب المنتخبة الحفاظ على هيبة الدولة فى ظل الاطماع الدولية والهجمة الخارجية . وشهد الدكتور حسن مكى للمؤلف بأنه أدى دوره حيث وضع القارئ امام المشهد السياسى الذى مثلته الانتخابات بالأرقام وبالحقائق الموضوعية أحسن الدكتور الكارورى فى أن يضع قارئ كتابه فى سياق تاريخى رسم له أجواء الانتخابات السابقة والاحزاب والجماعات السياسية التى شاركت فيها وكذلك نتائجها كما وضع للقارئ مرجعيات الانتخابات الأخيرة التى جاءت استحقاقاً واجب الوفاء به لتنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 والدستور الإنتقالى الذى استندت بنوده على ذات الاتفاقية الكتاب فيه وصف مهم للحملات الانتخابية وادارة العملية الانتخابية وفيه رصد للمراقبة الدولية للإنتخابات كواحدة من المتغيرات المهمة التى شجع عليها قانون الانتخابات إذ يرصد الكاتب 823 مراقباً دولياً شاركوا فى 35 هيئة ومنظمة ومركز خارجى ويقدم الفصل الأخير من الكتاب مؤشرات تحليلية لدلالات الفوز والإخفاق للآحزاب والجماعات المشاركة بالاحصاءات والارقام الدالةعلى حسن التحليل يستحق كتاب الانتخابات السودانية 2010 حقائق ودلالات الاطلاع وأن يكون بين يدى السياسيين والصحفيين والباحثين وعامة المهتمين بقضايا السياسة والحكم ونشدعلى يد الأخ الدكتور احمد الكارورى التى انجزت هذا المؤلف المهم مباركين ومهنئين .