ثمة بعض الملاحظات التي علقت بذهني وأنا أتذكر آخر زيارة لبيت الشيخ إبراهيم السنوسي نائب أمين عام المؤتمر الشعبي .. لم يتغير الكثير حول الشيخ.. الحديقة الطبيعية أضحت نجيلاً صناعياً والعربة الكورية من فئة الهونداي تحولت إلى يابانية فارهة من ذوات الدفع الرباعي .. تحرجت أن أسأل الشيخ عن هذه التحولات التي تبدو تافهة عند البعض..الشيخ الثمانيني مازال محتفظاً بنشاطه وإصراره على خدمة ضيوفه بنفسه..هرول أكثر من مرة ما بين مجلسنا وداخل بيته ليأتي لنا بالطيبات من الرزق.. ثلاثة أشياء تظل حاضرة بين ثنايا كلمات الشيخ السنوسي أولهما حبه الشديد للشيخ حسن الترابي وثانيها تربيته الريفية المحافظة، أما الأخيرة فهي حفظه للقرآن الكريم ..الشيخ إبراهيم السنوسي تحدث بصراحة في هذا الحوار الذي امتد لجلستين بفاصل زمني ..في البداية كان مستيئساً من الحوار الوطني ثم بين غمضة عين وانتباهتها استحال التشاؤم الى تفائل ربما للشيخ مبرراته في هذا التحول.. معا الى تفاصيل الحوار ٭ هناك مؤشرات صاحبت جلسات الحوار الوطني تعزز اتهامه بكونه حوار إسلاميين، مثلاً تلاوتك للقرآن الكريم؟ - لم يكن هناك ترتيب مسبق وتفاجأت بذلك «ولو ما كنت حافظ» كنت تلعثمت. ٭ إذن كيف تفسر الحضور الكثيف للشعبيين أثناء الفعالية الأخيرة المتعلقة بالحوار الوطني؟ - أبداً لم يكن هنالك وجود مكثف مثلاً كمال عمر أحد أقطاب لجنة «7+7» ومحمد الأمين خليفة على رأس لجنة السلام جاء للموقع لتاريخه في مجلس قيادة الثورة ورئاسة وفود السلام، فيما كان كان تاج الدين بانقا جزءاً من المقررية التي تمثل فيها كل الأحزاب المشاركة. ٭ تبدو واثقاً من جدية الحوار؟ - ما رأيته من حضور جامع لقادة الأحزاب وسمعته في خطاب الرئيس من نقد لسياسات وسلوك المسؤولين وتشبيهه لحزبه بالاتحاد الاشتراكي أبدل شكي يقيناً بجدية الحوار. ٭ الدكتور أمين حسن عمر أبدى تحفظه على وحدة الإسلاميين والآن تبدو أنك تراهن على وحدة قادمة تجمع بين الشعبي والوطني؟ - أنا قلت من قبل وأكرر الآن الوحدة بين الشعبي والوطني تضر بالإسلام والسودان ولذلك طالبت بوحدة السودانيين وأهل القبلة في مواجهة العلمانية. ٭ كيف ترى أن وحدة الحركة الإسلامية تضر بالسودان؟ - أولاً هذه الوحدة ستجعل الكثيرين يعتقدون بأن المفاصلة لم تكن الحقيقة وتمثيلية، أضف إلى ذلك أن الوحدة الإسلامية ستجعل أعداء السودان يتحدون نحو عدو مشترك هو السودان. ٭ ولكن وحدة الإسلاميين هي السيناريو المتوقع؟ - نحن نطالب بوحدة كل الأحزاب الأمة والاتحادي والصوفية والإدارات الأهلية ثم نتوحد كإسلاميين في إطار التنظيم الهادف، فليس من المعقول أن يكون بالسودان ثلاثة وثمانون حزباً. ٭ تسعون لأن يتوحد خصومكم ألا يتنافى ذلك وقواعد اللعبة السياسة؟ - وفقاً للتجربة السياسية فإنه ليس من الممكن أن نبني حكومة قوية قادرة على مواجهة الأزمات بأحزاب ضعيفة مشرذمة، علينا أن نعطي الفرصة للشعب أن يختار من يحكمه. ٭ هل هذا يعني الإيمان الكامل بالديمقراطية كآلية لتداول السلطة؟ - نعم السلطة لمن يكسب في ميدان الانتخابات والشعب يختار من يحكمه. ٭ حتى لو كان شيوعياً؟ - نعم.. لا سبيل لحكم البلاد إلا بالحرية والديمقراطية واقتنعنا بأنه لا يمكن لحزب واحد أن يحكم البلاد منفرداً. ٭ كيف تقرأ تأجيل جلساته إلى أكتوبر القادم؟ - يبدو أنهم نسوا أن أكتوبر هو شهر الثورات وأن التباطؤ في الحوار سيقود إلى ثورة وانفجار، الإحساس بالفساد سيقود الشعب إلى الشارع. ٭ الحكومة بدأت خطوات في مكافحة الفساد وأنشأت مفوضية لهذا الشأن؟ - حقيقة منذ تعيين رئيس القضاء الجديد مولانا حيدر دفع الله وما تبعه من إسناد مهمة وزير العدل للدكتور عوض الحسن النور، شعرنا أن هنالك روحاً جديدة في توطيد العدالة ولكن أخشى على خطوات الإصلاح من إمبراطورية الفساد. ٭ شيخ السنوسي تتحدث عن إمكانية حدوث ثورة، هل ظهرت علامات الثورة؟ - الآن الفساد انتشر وأثر على معاش الناس وهيأ المناخ لانضمام الشباب لداعش، أمر آخر المقارنة بين شباب الإنقاذ وشباب الساحة الخضراء أن شباب الحزب الحاكم ارتهنوا لرغد العيش والمكاتب الوثيرة حالياً، الآن جماهير الراحل الحوت أكبر من جماهير أي حزب سياسي. ٭ إذن لماذا غادرتم صفوف المعارضة بتحالف قوى الإجماع الوطني؟ - غادرنا التحالف لأسباب موضوعية، الخلاف حول الدستور ومناداة التحالف بإلغاء الشريعة الإسلامية وتأييدهم لانقلاب السيسي بمصر، بينما رفضنا نحن الانقلاب لأسباب موضوعية ومبدئية. ٭ ولكن هناك من يرى أن الإخوان بمصر فشلوا في الحكم ولذلك أطيح بهم من قبل العسكر؟ - مصر حكمت بنظام فرعوني منذ الفرعون الأكبر وحتى حسني مبارك ولم تعرف ديمقراطية إلا في عهد مرسي الرئيس الذي جاء للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وهو الأمر الذي لم تقبله الدولة العميقة. ٭ إذن فهي الدولة العميقة و...؟ - أجاب مقاطعاً: أمر آخر مرسي قام بفتح خمسين قناة تلفزيونية ورفض محاكمة الصحفيين وكلها مؤشرات لديمقراطية حقيقية ترفضها أوربا وأمريكا، لأنها تخشى على إسرائيل من دولة قوية بمصر. ٭ كأنك تشير إلى أن السيسي صعد إلى السلطة بأيادي الغرب؟ - طبعاً، وهو الآن يهيمن على السلطة التنفيذية والتشريعية ويحكم منفرداً وينفذ أجندة الغرب بجعله «حماس» منظمة إرهابية. ٭ على ذكر القضاء المصري ما رأيك في إصدار حكم الإعدام على مرسي؟ - إعدام مرسي غير ممكن، لأن السيسي يعلم أن لمرسي (12) مليون مؤيد والإخوان في مصر قوة ضاربة وبالتالي فإن إعدام مرسي سيقود مصر للتطرف والإرهاب وأيضاً على السيسي بالإعدام، وأيضاً إعدام السيسي قد يصبح ممكناً إذا تهيأ المناخ لذلك. ٭ لنعد للمعارضة وإمكانية عودة الشعبي للتحالف إذا لم ينجح الحوار الوطني؟ - إذا تم النظر في نقاط الخلاف يمكن الاتفاق مع التحالف، نحن اختلفنا على نقاط جوهرية متى ما تمت إعادة النظر ليس هنالك ما يمنع. ٭ نقاط الخلاف جوهرية إذاً؟ - خلافنا معهم حول الدستور الذي نرى أنه مهمة جمعية تأسيسية منتخبة، بينما يتحدثون هم عن مؤتمر دستوري، كذلك أختلفنا معهم حول الوضع الانتقالي ووضع الرئيس وتحييد الأجهزة النظامية وحل جهاز الأمن عقب سقوط النظام. ٭ خلافات الاتحاديين ألا تزعجكم؟ - لا أريد الخوض في خلافات الأحزاب الأخرى. ٭ لكنك تحدثت عن وحدة ومستقبل هذه الأحزاب؟ - لا أرى أن هناك أحزاباً حقيقية غير الإسلاميين والشيوعيين التي تم بناؤها عقائدياً مثل الحركة الإسلامية التي بناها الترابي والحزب الشيوعي الذي ساهم فيه «نُقد» بشكل كبير. ٭ كرسي الإمام بالحوار الوطني لا زال شاغراً؟ - نسعد بعودة الإمام في هذه المرحلة المفصلية ولا أحد ينكر أهمية حزب الأمة في الساحة السياسية. ٭ وعودة الإمام؟ - عودة الإمام تخضع لتقديراته. ٭ ترفضون الحديث عن أي حوار بالخارج لماذا؟ - لأن ذلك يفتح الباب أمام الدول الخارجية لتمرير أجندتها وكنا نريد أيضاً أن تأتي هذه الحركات المسلحة لتقف على أوضاع أهلها على الطبيعة. ٭ هل تعتقد أن ضمانات دخول هذه الحركات للسودان كافية؟ - مطلوب من البشير إعلان عالمي عن ضمانات للمحاورين يدخلون ويخرجون من غير أن يتعرض لهم أحد بسوء، وقد ناقشنا ذلك مع سفراء الاتحاد الأوربي بمنزل الترابي ووافقوا على توفير الضمانات للمشاركة في الحوار. ٭ بصراحة الشعبي فقد بريقه باقترابه من الحكومة؟ - نحن لم نشارك الحكومة ومشاركتنا في الحوار لا تعني أننا سنصمت عن الفساد. ٭ تعولون على حوار هناك من يرى أنه تمديد سلمي لعمر النظام الحالي؟ - لدينا سقف زمني محدد لانطلاقة الحوار بعدها سيكون لنا موقف حتى لا يحسب أننا نمدد في عمر النظام. ٭ المحبوب عبد السلام في حديث تلفزيوني صرح بأنه لم يعد من دائرة المقربين للترابي، ألا يشير ذلك لانفضاض الأنصار عن الترابي...؟ - أجاب مقاطعاً «بغضب».. أرجوك لا تحدثني عن المحبوب أنا رجل كبير ولا أحب أن أنصرف لهكذا مواضيع.