أعتقد أن من أكبر ميزات الشعب الأزرق هو القدرة على قول كلمة «لا» في وجه من يستحق وتمتد هذه القدرة لتكون جزءاً من تركيبة هذا الشعب القادر على تقييم نفسه ورحم الله امرء عرف قدر نفسه. نحن نعرف جيداً «عيوبنا» لا نداريها ولا نخاف منها وفي نفس الوقت نعرف جيداً مزايانا ونفتخر بأنفسنا.. فعندما تكون واثقاً من نفسك فإنك تكون قادراً على قول الحقيقة لك أو عليك. الهلال أحد كبار أفريقيا هذه هي الأرقام لا تكذب هنا ولا تتجمل.. الوصول إلى نصف النهائي أمر عادي جداً للهلال منذ أول مشاركة له في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي وحتى نهار السبت الماضي بأرض الكنانة. مسيرة طويلة من الإنجازات في هذه البطولة الكبيرة جعلت الهلال أحد كبار أفريقيا ولا يستطيع أحد أن يكابر في ذلك.. فعندما يتحدث من يتحدث عن النادي الأكثر مشاركة في هذه البطولة والمبادر بالمشاركة وصاحب الإنجازات والموجود دوماً حيث يجب أن يكون.. فإن الإجابة تكون الهلال. لا ننكر أبداً أن الهلال لم يقدم المستوى الكبير الذي ظل يقدمه في البطولات السابقة.. ولكن تبقى الحقيقة أن الهلال وبمستوى متوسط هو الآن ضمن أفضل أربعة من أندية أفريقيا في بطولة خرج منها الأهلي وأنيمبا وبعيد عنها الزمالك والنجم الساحلي ولا نقول الترجي.. لأن مستواه في المواسم الأخيرة لا يؤهله لمنافسة الكبار دون أن ننكر تاريخه. الهلال في موسم عدم الاستقرار الفني والتبديل والتغيير في نصف نهائي أمم أفريقيا.. وهو أكبر إنجازات غيرنا.. وبالتالي فإن الحديث عن عدم قدرتنا على الوصول للنهائي أو الفوز بهذه البطولة.. أمر مردود على من يقوله.. فالهلال وفي هذه المنافسة تحديداً كان بطل المواجهات الكبيرة عندما احتاج الأمر لذلك رغم أنه دخل مباريات صعبة والكل يجمع على هزيمته مثل أول مباراة له مع مازيمبي في لوممباشي وخرج بالتعادل وكان أقرب للنصر ثم انتصر الهلال على هذا الفريق العنيد عندما كان يحتاج للنصر.. وها هو الهلال ورغم الأداء السلبي في الشوط الأول حقق ما يريد وصعد للمربع الذهبي كعادته ومن بلد متقدم كروياً مثل مصر. نحن لا نبحث عن إنجازات وهمية مثل الذين يقولون إن المريخ تأهل قبل شهر! وهو أمر جديد في عالم كرة القدم.. فالقياس في مثل هذه المنافسات يكون بعدد المباريات وإلا كان اتحاد العاصمة قد تأهل قبل 45 يوماً!.. والتأهل قبل نهاية المجموعة يعني إلى حد كبير ضعف المجموعة أكثر من قوة الفريق.. حتى نحن في الدوري الممتاز نعترف بأن الهلال ليس بقوة المواسم السابقة ولكنه متقدم «بستة شهور» على وصيفه وهو ما يعني ضعف الوصيف أكثر من قوة الهلال! الهلال الذي وصل إلى نصف النهائي في أول مشاركة له لا ينكر إنجاز الوصول للنهائي المتكرر ولكن وضعه الطبيعي أنه يحلم بالبطولة فهذا هو الهدف الذي لم يحققه.. فنصف النهائي تحقق والنهائي نفسه تحقق مرتين وإقامة النهائي بأم درمان تحقق.. نحن نبحث عن بطولة فقط.. فهذا هو الإنجاز الذي ينقصنا وعلى ثقة كاملة بأننا قادرون على تحقيقه لأن التاريخ يقول كذلك. أسباب كثيرة قادت إلى ظهور الهلال في الشوط الأول لمباراة سموحة بمستوى ضعيف أهمها عدم التهيأة النفسية الجيدة لفريق تعود أن يلعب على صيحات الجماهير داخل وخارج أرضه.. لقد كنا نحس وكأن لاعبي الهلال يبحثون عن شيء ما في هذه المباراة!.. فأداء المباراة بدون جمهور يعطيك إحساساً غريباً تحتاج إلى وقت للتعود عليه.. ثاني الأسباب مشاركة عدد كبير من اللاعبين ناقصي الجاهزية لمثل هذه المباريات مثل بويا الذي عاد من إصابة كبيرة ثم عاد من إصابة شد عضلي حرمته من المشاركة في أكثر من تدريب وكان واضحاً عدم قدرته على أداء واجباته بالصورة المطلوبة.. نيلسون ورغم مطالبة الكثيرين بمشاركته إلا أن لياقته البدنية ما زالت بعيدة.. فيصل موسى الذي لا أود أن أظلمه ولكنه لاعب قليل الحركة ضعيف البنية ومشاركته مع عدد كبير من اللاعبين غير مكتملي الجاهزية يكون على حساب الفريق بشكل عام.. كما أن أتير ما زال يبحث عن مستواه السابق ونزار وكالعادة يعطيك إحساساً في دقائق المباراة بأنك تشاهد في لاعب سوبر ثم يختفي فتبحث عن لاعب عادي.. أما أطهر فعندما يبدأ سيئاً فيجب أن يكون تبديله مبكراً.. ومن الطبيعي أن يكون شكل الهلال سيئاً جداً طالما أن هذا العدد الكبير من اللاعبين كان سيئاً.. وإذا كان الكوكي قد اخطأ بشكل أو آخر في بداية التشكيل.. فإنه أحسن قيادة الفريق في الشوط الثاني وقام بتبديلات مختلفة هذه المرة مستعملاً كل خبرته مع فريق كان يعاني معظم نجومه من التراجع في الأداء فأعاد بشة للطرف الأيمن وسنده بكاريكا في الجناح وأشرك كيبي ومحمد عبد الرحمن في وقت مناسب للياقتهما بجانب اندرزينهو فسحب البساط من وسط سموحة وأصبح شكل الهلال جيداً فانعكس ذلك على كل اللاعبين حتى أتير لعب إلى حد ما بثبات في الشوط الثاني.. ولن نتحدث عن مكسيم لأن ما يقدمه أكبر من أن تعطيه هذه المساحة حقه! انتصر الهلال بالتعادل وتأهل مؤكداً على أنه كبير هذه المنطقة.. فالأهلي والزمالك في الكونفدرالية وبقية أندية شرق ووسط أفريقيا غير موجودين سوى ابن عمنا المريخ الذي حقق إنجازاً يحسب له بالصعود لأول مرة في تاريخه إلى نصف النهائي.. نقول إننا وصلنا مرحلة نبحث فيها عن البطولة لذلك فإن الحديث عن إنجازات عادية لا يهمنا كثيراً ويمكن أن نضرب مثلاً بسيطاً لنقول إن الهلال الفريق الوحيد في المجموعات الذي لم يهزم خارج أرضه وننسج القصص حول ذلك.. ولكننا نقول ببساطة إن الهلال موجود في مكانه الطبيعي وبأقل مجهود بحمد الله ورغم ذلك فإن رئيسه غير راضٍ عن الأداء!