٭ ذات صيف حار وقف أمامي الشاعر الراحل أبو آمنة حامد ليقول لي إنه يفكَر جاداً في الاستقالة عن عمله في إحدى الصحف الخليجية برغم قيام هذه الصحيفة بتأمين كافة ما يحتاجه من الامتيازات، فسألته مندهشاً لماذا؟ فأجابني كأنه آهة تتكلم لقد تعبت خيولي من سفر استمر طويلاً دون تجد لها ساعة تستريح، وأضاف يا صديقي إن الأسماك داخل الترع المتناثرة على أطراف مدينة بورتسودان ترقص طرباً، أما نفس هذه الأسمااك فإنها تموت اختناقاً داخل أحواض من الكولونيا بعيداً عن أوطانها، بعدها بأيام غادر عائداً إلى الخرطوم. ٭ وجَه الكاتب الأمريكي ارنست همنجواي صاحب أعظم رواية عرفها التاريخ الأمريكي (العجوز والبحر)، وجه مسدسه نحو رأسه ثم ضغط على الزناد فتناثر دمه على غرفة صغيرة أغلق أبوابها عليه ليرحل بلا ضجيج، انتحر هذا الكاتب العملاق بعد أن أحس أنه غير قادر على الكتابة التي لم تعد تأبه به بعد أن كانت تتمناه عريساً، وقد علقَت على انتحاره الكاتبة الفرنسية فرانسواز ساجان قائلة: لكم أبكاني هذا الكاتب الذي جسَد من خلال روايته(العجوز والبحر) كيف أن رجلاً في السبعين من العمر امتلك قدرة على قهر عاصفة من الأمواج ليعود بغنيمته برغم أنف البحر، وأضافت أن هذا يدل على أن للخريف أوراقاً لم تتساقط بعد. ٭ قال لي الفنان التاج مكي: لقد كتبت أكثر من ثلاثمائة أغنية تغنى بها معظم العمالقة من الفنانين.. كيف فعلت هذا؟ فقلت له: إذا وجهت سؤالك هذا لفراش ملون الأجنحة من أين لك هذه الألوان لأجابك لست أدري.. وأنا كذلك مثل هذا الفراش.. لا أدري، وقلت له كثيرون لا يعلمون أنني على مدى اربعين عاماً لم تمر عليّ سانحة إلا وخطر على بالي مقطع لقصيدة جديدة، قد أتمكن من استكمالها وقد لا أتمكن فيكون لي جهد المحاولة.. يقول إسماعيل حسن: يموت الشاعر وعلى لسانه قصيدة لم تتم. ٭ قبل ساعات من إعدامه في سجن بورتسودان المركزي في خريف من عام 59 إعترف متهم لصديقه قائلاً: هل تعلم بأنني سأعدم اليوم على جريمة لم اقترفها، وقال إن كل الشهود أكدوا على أنني كنت خارج المدينة أثناء وقوعها.. إلا أن المحكمة لم تأخذ بأقوال الشهود فأصدرت حكمها بإعدامي، إلا أنه عاد ليقول إنه سبق أن ارتكب جريمة قتل بالفعل قبل أكثر من عشرين عاماً تمت تبرئته منها لعدم كفاية الأدلة، فقال له صديقه إذا نامت عين العدالة في الأرض فإن عدالة السماء لا تنام. ٭ إحتفل الشاعر المصري الكبير مرسي جميل عزيز بكتابته للأغنية (الألف) وقد كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات نجم هذه الاحتفالية بالإضافة إلى عدد من الرموز السياسية والفنية في مصر، فوجدها أحد الصحفيين فرصة وجَه من خلالها سؤالاً للرئيس السادات عن رأيه في الأغنية المصرية؟ فقال له السادات ضاحكاً: «انت ما شفتش أغنيات الست بتعمل إيه في الرئيس ناصر».