٭ بدا أحد الزملاء الصحفيين غاضباً عقب انفضاض منشط خاطبه نائب رئيس المؤتمر الوطني، وقتها - د. نافع علي نافع - واعتبر الزميل أن نافعاً لم يقل شيئاً يستحق، ولم يكن كما العهد به.. والسبب في ذلك أن زميلنا كان ينتظر من نافع أن يلهب ظهر المعارضة بسياط النقد اللاذع.. بل أظهر قدراً كبيراً من الصراحة بقوله «كلام لنافع ما فيهو لحس كوع دا كلام مانافع»!! ٭ ولعل نائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس إبراهيم محمود يرفض وبإصرار أن يُفسر مقترح المؤتمر الشعبي والخاص بتكوين حكومة انتقالية وحل مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات بخلاف لغة د. نافع والخاصة ب«لحس الكوع»، ويصف المقترح ب «الحديث الوهم»، وقد يبدو محقاً في ماذهب إليه وهو يريد أن تظل الغلبة لحزبه. ٭ لكن سر «هياج» محمود في حديثه للغراء «اليوم التالي»، أن المقترح صادر من الغريم السياسي للحزب الحاكم.. فالشعبي يعرف كيف يفكر الوطني، كما أنه يستحضر جيداً المثل القائل «أبو القدح بعرف محل بعضي اخو». ٭ بات الشعبي مستمسكاً بالحوار أكثر من الوطني نفسه حتى أن الأمر بات مدعاة للارتياب، وحل كمال عمر محل ربيع عبد العاطي الذي كان يدافع عن الوطني وباستمرار «وفي أي زمان وأي مكان». ٭ سر تمسك الشعبي بالحوار أنه ما من سبيل له لتنفيذ مخطط إرخاء قبضة الوطني إلا عبر الحوار.. فكل المحاولات لإضعاف الوطني أو الإطاحة به باءت بالفشل بما فيها الانقضاض عليه عسكرياً.. بل إن الشعبي أقر بذلك وأعلن رسمياً تخليه عن إسقاط النظام بالثورة الشعبية. ٭ كان بإمكان إبراهيم محمود تقبل مقترح الوطني بصدر رحب وبقدر عالٍ من المرونة، وبتصريحه ذلك أظهر قدراً كبيراً من الفزع الذي يسيطر على قيادات بالوطني تخشى أن يخرج الحوار الوطني إلى مسار غير متوقع بالنسبة إليهم ، فالحديث عن حكومة انتقالية يطيح بكثير من القيادات الموجودة حالياً في الحكومة - وليس فقط قيادات بالوطني. ٭ مقترح الشعبي في حد ذاته، بالونة اختبار لقراءة نفسية الحزب الحاكم.. وابتلع الوطني الطُعم بدليل أن الأمر أسعد الحزب الاتحادي الاصل الذي طالب المؤتمر الوطني في تصريحات منشورة في هذا العدد بضرورة احترام رأي أي حزب، وقال على لسان ميرغني مساعد إن مخرجات الحوار ملزمة التنفيذ. ٭ هناك إشارة مهمة في هذا الصدد وهي أن الشعبي بدأ خطة إرباك حسابات الوطني بإطلاق مثل هذه التصريحات المزعجة للحكومة عقب موافقة الوطني على لقاء الصادق المهدي بأديس أبابا. ٭ حسناً.. نقول إن الوطني مطالب الآن أكثر من أي وقت مضى بقراءة الملعب السياسي بشكل دقيق، لسبب بسيط، إنه الحزب الحاكم، وخطأ الحاكم مكلف دون شك.. فوصف المقترح ب«الحديث الوهم» تجارة بائرة مثل «لحس الكوع»!!