برامج العودة الطوعية للجنوبيين النازحين بالشمال أعلنتها حكومة الجنوب لدعم عملية الاستفتاء منذ 2005م، ورغم تأكيد حكومة الجنوب منح الجنوبيين حقهم في التعبير وحرية الرأي في الوحدة أو الانفصال، إلا أن الشاهد على عملية تنظيم برامج العودة الطوعية أنها تتم عبر ضغوط كثيرة للجنوبيين بحكم إفادة البعض منهم، وبحكم الإغراءات التي تمارس، سواء بالحديث عن الواقع الجديد للدولة الجديدة.. أو تخصيص الأموال لهذه العملية عن طريق منح كل أسرة حوالي (125) دولار أمريكي، أي ما يعادل الثلاثمائة ونصف جنيه، وذلك عن طريق ما طلبته حكومة الجنوب بتوفير (25) مليون دولار من المانحين لهذه البرامج للعودة الطوعية، والتي رفعت لها شعاراً موجه للمواطن الجنوبي: (بأن عد لبلدك كي تختار)، ولكن رغم ذلك المواطن الجنوبي الآن محتار فيما يختار!.. رغم الوعود السياسية من قبل حكومة الجنوب وقيادات الحركة الشعبية بمستقبل جديد للوطن جديد! *معوقات العودة! الناظر إلى طبيعة عودة الجنوبيين يرى بوضوح أن هناك الكثير من المعوقات لهذه العودة للجنوبيين متمثلة في عدم توفير البنية التحتية للدولة من أماكن إيواء، ومراكز صحية، ومدارس لعدد كبير من العائدين فجأة الذين تقدر أعدادهم بحوالي 2 مليون أو أكثر حسب الإحصاءات، والتي يمكن أن تحسبها عملية التسجيل التي سوف تجرى قبيل الاستفتاء لتحديد من سوف يصوت، وأيضاً هناك العقبة الأمنية وعدم توفر الأمن في الجنوب والشاهد ما يحدث من أحداث دامية وقتل هنا وهناك ومشكلات عدم توفير التمويل اللازمة لاستيعاب كل هذا العدد الهائل وتوفير حياة آمنة وكريمة لهم، بالتالي تكوين ملامح دولة رعايا ونازحين وليست دولة قائمة على أسس صحيحة. * المواطن الجنوبي محتار! لهذا نجد أن المواطن الجنوبي في حالة توهان وقلق، ويبدو عليه الخوف من المجهول إلى مصيره الذي سوف تحدده بطاقات الاستفتاء سواء كانت النتيجة وحدة أم انفصالاً، فهو يدرك الأوضاع على الأرض وقد قام عدد كبير منهم بالعودة الطوعية منذ 2005م ولكن آثر الرجوع مرة أخرى للشمال لأنه عانى كثيراً هناك. * مراكز العودة الطوعية بالخرطوم هناك العديد من مراكز العودة الطوعية للجنوبيين بالخرطوم موزعة على الأحياء الطرفية، وهناك لجان من حكومة الجنوب تقوم بالتنسيق والعمل على ترحيل الجنوبيين. (آخر لحظة) حاولت الوصول إليهم واستطلاع الجنوبيين المُرحلين هناك، وطرح الأسئلة على بعض المنسقين، غير أن الجو كان مشحوناً بالقلق والخوف والغموض وعدم الاستعداد لأي حوار، لكن تحدث الينا أحد المنسقين بمركز السوق المحلي بالخرطوم دون ذكر اسمه، موضحاً أنهم ساعون في تنفيذ البرنامج لعودة الجنوبيين، وأن هذه خطة حكومة الجنوب، ورغم المعوقات التي أكد صحتها، ورغم عودة البعض من الجنوبيين بعد ترحيلهم منذ بداية عملية العودة الطوعية، إلا أننا ماضون في تنفيذ البرنامج بما لدينا من وسائل وأدوات متاحة. - المواطنون تبدو نظراتهم حائرة، ولكنهم مستسلمون لقدرهم والإغراءات المالية التي قدمت لهم وعملية الرعاية المكثفة التي تعرضوا لها عن الواقع الجديد في الدولة الجديدة، غير أن البعض مازال قلقاً.. لأن مصيره الآن بيد السياسيين وليس بيده هو المواطن البسيط، المواطن الجنوبي لوال دينق قال لنا: أنا محتار وقراري لم أتخذه بعد، وجئت لأعرف أكثر ولكن في النهاية سوف أرحل وأصوت للوحدة، لأنني أريد وطناً واحداً، وأن حياتي هنا بالشمال بحكم وظيفتي الآن، واذا حدث انفصال لا أدري ماذا أفعل؟ شاب آخر تداخل قائلاً: أنا أسأل لماذا لم يكن لنا رأي كمواطنين من قبل الحكومة أو الحركة، كيف يقرروا عننا ونحن الآن في وضع صعب حتى على مستوى الأسرة انقسمنا، فجزء منا يريد الوحدة والبقاء، وجزء يريد الانفصال.. من المسؤول عن هذه «اللخبطة»! هكذا كان حديث بعض الجنوبيين الذين عبروا عن قلقهم وخوفهم من المستقبل المجهول والحياة الجديدة بعد أن ألفوا وكونوا حياة في الشمال، ويظل لسان حالهم البحث عن استقرار وأمان، ولسان حال السياسيين في الجنوب البحث عن أرقام لصندوق الاستفتاء للوصول إلى هدف وغاية يعملون من أجلها وهي الانفصال بحسب ما هو ظاهر لكل مراقب للموقف الآن. * المحرر فهل تبيع الحركة الشعبية الوهم للمواطنين الجنوبيين وتستخدمهم كأرقام إيجابية للاستفتاء نحو الانفصال وليحدث لهم ما يحدث بعدها ويتحملوا عبء تكوين الدولة الوليدة، أم تتاح لهم الفرصة ليقولوا كلمتهم دون ضغوط أو إغراءات في استفتاء حر ونزيه.