ونواصل الحصة.. ونحن الآن بين يدي الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. وابن الخطاب يبلغ مسامعه ويعلم أن ابنه كان قد اشترى ومن حر ماله مثله مثل أي أحد من الرعية.. اشترى مجموعة من الإبل وقام برعايتها والعناية بها حتى اكتنزت لحماً وشحماً.. سأل أمير المؤمنين عن تلك الإبل ومن هو مالكها.. أخبره الناس أنها لابنه.. هنا قال الخليفة الراشد العادل القوي.. قال قد سمنت هذه الإبل لأن مالكها هو ابن أمير المؤمنين.. ولا بد أن الناس تقول.. أتركوا عني المرعى لإبل ابن أمير المؤمنين.. هنا استدعى ابنه يسأله عن هذا الأمر.. قال ابن أمير المؤمنين.. يا أمير المؤمنين لقد اشتريت هذه الإبل من حر مالي مثلي مثل أي فرد في الرعية.. حتى تكتنز لحماً وشحماً ثم أبيعها مرة أخرى.. رفض أمير المؤمين ذلك مطلقاً وألح أو أصر أن تباع هذه الإبل وتعود كل أموالها إلى بيت مال المسلمين.. هنا قال له أصحابه من الصحابة الأجلاء يا أمير المؤمنين إن ابنك لم يقترف خطأ فعل ما يفعله الناس والمال ماله والإبل إبله.. هنا قال أمير المؤمنين إذا كان لا بد فلبتاع هذه الإبل الآن وأن يأخذ ابني فقط ما دفعه حين شرائها وأن يعود كل باقي المال إلى بيت مال المسلمين. نعم قلبوا دفاتر السيرة تجدون هذا يقف شاهداً على عظمة الحاكم وطهر وطهارة المحكومين.. وهذه القصة التي حدثت في أرض «يثرب» الطاهرة تعلن في جلاء عن ثلاث إضاءات تضيء وتتوهج.. إنه ليس هناك تحلل عبر تاريخ الإسلام ولم يرد له ذكر. ثانياً إنه لا حصانة لأحد.. ولو كانت هناك حصانة لوجبت لابن أمير المؤمنين وهو الحاكم لكل أرض أشرقت عليها الشمس. ثالثاً: إن فقه السيرة لم يرد في هذه القصة مطلقاً ودليل ذلك أنها مدونة ومعروفة في التاريخ ولمدى ألف وأربعمائة سنة وتزيد. ونعيش لنرى ونسمع عجباً.. والمئات.. بل آلاف من الذين لا يساوون قلامة ظفر من الصحابة الأطهار يشترون بأثواب فضفاضة من ألبسة ودثار وإزار فقه السترة. ونعيش لنرى ونسمع في عجب.. بل في غضب إن كل من استوزر أو انتخب عضواً في هيئة انفرطت فوق رأسه.. بل ضربت حول «سيادته» و«سيادتها» سياج «الحصانة».. ونقول للذين يفنون نور عيونهم في ضوء المصابيح بحثاً عن «مخارجات» عبر استنباط الأحكام للهروب من أحكام صريحة وجلية وناصعة.. نقول لهم هل هناك أحد لم يسمع بحديث النبي المعصوم عندما كان يخاطب حبيبه أسامة ابن زيد «أشفاعة في حد من حدود الله يا أسامة والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها».. ما أعظمك أيها الرسول العظيم والكريم. ويأتي وفي آخر الزمان من يعترض على إخضاع زوجته لإجراء روتيني عند السفر.. وتبلغ المأساة أو الملهاة أوجها عندما يطالب ذلك الزوج المسؤول بأن تعتذر له الشرطة.. تلك المؤسسة الهائلة العظيمة النبيلة. وهنا نقول بالصوت العالي.. أيتها الشرطة لا تعتذروا بحرف واحد حتى تظل الشرطة في مجد كبريائها وهيبتها.