تفشَّت في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة جريمة المعاملات الربوية التي حرمتها الشريعة الإسلامية واعتبرها القانون جريمة يعاقب مرتكبها، فلسفة القانون فى الأمر أن الربا جاءت حرمته في الشريعة فى كل المعاملات، ويجب معاقبة كل من يتورط في القيام به باعتباره أثرى ثراءً حراماً ٭ أخطاء التطبيق وكشف رئيس إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه مولانا الهادي محجوب مكاوي عن تحريك إجراءات قانونية في مواجهة مصارف وشركات وأشخاص بسبب معاملات ربوية، وأشار إلى تلقيهم شكاوى ضد مصارف وشركات وأشخاص، وأضاف (المسألة مسألة بينات، نحن لا ننظر للجهة المشكو ضدها أو الشاكية، ننظر هل توفرت أركان جريمة الربا أم لا)، وأكد مكاوي أن بعض المتعاملين بالربا فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وتفككت أسرهم. الدولة على أعلى مستوياتها مهتمة بمكافحة الفساد الذي يندرج تحت طائلته جريمة الربا، فخصصت نيابة للحد من الجريمة التي تفشت في مجتمعاتنا، وهي جريمة تكون في بعض التمويلات التي تقوم على فوائد مشروطة، أو التي يشوبها الربا. خبراء مصرفيون أكدوا أن المعاملات الربوية تحدث نتيجة لأخطاء في تطبيق الصيغ الإسلامية، مرابحات إسلامية: وعزا الخبير المصرفي أحمد علي أحمد المعاملات الربوية لأخطاء التطبيق في الصيغ الإسلامية مثل المرابحات حال لم تنفذ بصورة سليمة، وأكد أن الذي يفصل بين المرابحة والتطبيق خيط رفيع قد يقود لإحداث معاملات ربوية، مشيراً إلى أن السودان يتبع نهجاً إسلامياً في التعاملات المصرفية الإسلامية يعتبر نموذجاً أمثل ورائداً لكافة الدول الإسلامية والغربية, واستدل بنماذج لبعض الدول الغربية التي تعالج مشاكلها المالية بالطريقة الإسلامية وتموّل بعض مشاريعها الضخمة عبر نظام التمويل الإسلامي المعمول به في السودان، مؤكداً أن التعاملات الربوية تعتبر خطاً أحمر، وأضاف (إذا ثبت التعامل بها تبطل كل التعاملات)، وشدد على أن ما قام به بنك السودان المركزي من عزل لمساعد مدير مصرف تجاري، وحظر لعملاء يعد أمراً طبيعياً، وقال (هو إجراء يتم لمن يخالف اللوائح التي يصدرها البنك وذلك بمنع بيع العربات والعقارات)، وأردف (من حق بنك السودان استجواب وتوقيف وتغريم وإنذار كل من يخالف القوانين واللوائح التي يصدرها)، داعياً للإلتزام بنظم ولوائح وقوانين بنك السودان المركزي. معاملات صورية: بالمقابل أقر خبير مصرفي بأحد البنوك فضّل حجب اسمه بوجود مثل هذه التعاملات الربوية، والتي قال إنها تمارس من وراء البنوك والمصارف، مشيراً إلى أنها تعاملات صورية وليست حقيقية، وتدخل فيها مرابحات بحيث يقوم الشخص باستبدال السلعة بالمبلغ المالي، وبرأ النظام المصرفي من التعاملات الربوية. فى المنحى ذاته قال الخبير الاقتصادي كمال كرار (إذا كان الأمر يتعلق بالشريعة الإسلامية فمن الواجب التحقيق مع الدولة التي تتلقى قروضاً مقابل فائدة)، ووصف الحديث عن تجربة إسلامية رائدة في المصارف بأنه وهم، مشيراً إلى أن النظام الاقتصادي الإسلامي بالبلاد هو نظام رأسمالي ، وشدد كرار فى حديث ل (آخر لحظة) بأن التعامل بالفائدة (الربا) ليس بجديد على السودان وأن كل المعاملات المصرفية والتجارية تخضع لهذا المعيار، ويكون بسعر الفائدة المركبة وهو نظام ربوي في نهاية الأمر، وزاد (ولكن يتم خداع العامة ويقال بأنه نظام إسلامي وذلك لذر الرماد في العيون)، وأشار إلى أن أسعار الفائدة أصبحت أداة من أدوات التحكم في التضخم، مؤكدا أن مثل هذا التعامل موجود ما بين المصارف وعملائها مقابل هوامش مرابحة، وأضاف (هذا التعامل ربوي ومقنن وموافق عليه من البرلمان ولا تعترض عليه هيئات الإفتاء في البنوك والمصارف). بالمقابل اتجه نائب مدير مكتب الشؤون القانونية بجامعة أفريقيا العالمية احمد الزين أحمد للإقرار بوجود تعاملات ربوية في المصارف، واتهم موظفي البنوك والعملاء بالتحايل علي اللوائح والقانون ، أحمد وصف فى حديثه ل (أخر لحظة) النظم المصرفية السودانية بأنها من أميز النظم الموجودة في العالم ، وأضاف أن تمويل السلف والسلم من الصيغ المشروعة ويكون في تمويلات المشاريع الزراعية، وأعاب أحمد أخذ بعض العملاء مبالغ لتمويل مشاريع ولكنه أشار إلى أنها تذهب في أغراض أخرى، وزاد (وهذا عين الربا) ، وشدد أحمد على أن هنالك افتقارً وضعف وعي بفقه المعاملات، مشدداً على أن عقوبة الربا تشمل جميع أفراد المجتمع وذلك بمحق المال.