٭ الخرطوم من الجو «حاجة تانية».. النيل يتمدد.. « كسيف مجوهر يلمع في الظلام» كما قال صلاح أحمد إبراهبم في «الطير المهاجر».. مع النيل شريط صغير «مقطع الأوصال» من اللون الأخضر.. عدا ذلك فإن اللون الأصفر هو السائد.. لون الرمال و الصحراء حيث لا حرث ولا زرع!! ٭ الناظر إلى الخرطوم تصدمه هذه اللوحة «الغبشاء» من الجو.. خصوصاً إذا كان قادماً من عواصم تنعم بالخضرة والجمال.. المقارنة طبعاً مجحفة وظالمة!! ٭ على أرض الواقع لا تختلف الحقائق كثيراً.. الخرطوم «الولاية» تتمدد على مساحة من الأرض الصالحة للزراعة تبلغ أكثر من مليوني فدان.. وترقد على ستة شواطئ نهرية وآبار «أسطورية» من المياه الجوفية، السطحي منها والعميق.. أكثر من ثلثي «هذه النعمة غير مستغل بالمرة.. أرض بور تنتظر أولاد الحلال«يخطبوا يدها»!! ٭ عدد المزارعين لا يزيد على سبعمائة ألف.. في محيط سكاني يزيد على الستة ملايين.. أليست هذه حقائق صادمة وتدعو للدهشه والتأمل؟! ٭ ليس بين يدي إحصائيات وأرقام حول حجم «الغذاء» الذي يستورد.. غذاء يكلف الخزينة العامة عملة صعبة ويكلف الشعب السوداني ملايين الجرامات من «الخجل».. إزاء هذا الواقع «المرفوض»- ولا يمكن تصديقه بقالات الخرطوم «مليانه»بالغذاء المستورد وأرضها «بلقع بور» لا تجد من يفلحها.. الأمثلة المؤلمة كثيرة صادمة ولا تحتاج للتكرار والإعاده!! ٭ لكنني أذكر هنا الجدل «الكثيف» الذي دار بيننا وشباب جاءوا وفي معيتهم «كيس» من فواكه مستوردة زعموا أنها «ملوثة» و«محقونة» بمادة، القصد منها «الإضرار» بصحة إنسان هذا البلد الذي يستورد ببذخ الفواكه و الخضروات من خارج حدوده.. هل نحن في حاجه«علشان نصرف عربي» في موضوع «زي ده» إنه عجز القادرين على الكلام!! ٭ تابعت قبل أيام وقائع ورشة «المشاريع المروية» التي أقامتها وزارة الزراعة بولاية الخرطوم، وهي ورشة كبيرة وجادة.. الانطباع الأول الذي خرجت به أن الكلام «الكبار» الذي نقوم بتسويقه مثل تحقيق «الأمن الغذائي» و«الزحف الأخضر» كل ذلك يمكن تحقيقه بكل سهولة ولا يحتاج «لتنظير» كثير أو «قومة نفس».. المهم كيف تتوفر الإرادة السياسية والدعم الكامل لوزارة ولائية «مقيدة» بقيد الولاية.. وفي واقع الحال هي وزاره بحجم وزارة اتحادية في «كل شيء»!! ٭ واقع الحال يقول إن مشاريع الخرطوم تعج بمشكلات حقيقية بعضها يتصل بالقوانين وبعضها بالأرض.. والجزء الأكبر يتعلق بحل مشكلات البنى التحتية من قنوات ري وطرق زراعيه وكهرباء.. ولا ننسى المحور الأساسي والمتمثل في «الإنسان» المنتج الحقيقي الذي أقعدته المشاكل وحالت بينه وبين الإنتاج المفيد و الكامل. ٭ الخرطوم ولاية زراعية وليست غابة من «الأسمنت» أو وادي يعج بالبيوت المحمية «العشوائية».. الخرطوم إذا اكتسبت هذه الصفة ستحول الكثير من السواعد الفتية إلى «منتجين» مفيدين بدلاً من بيع المناديل و«اللبان» للفتيات في أستوبات الخرطوم..!!