مع الاعتذار للصديقة الشاعرة والكاتبة الشفيفة داليا إلياس لاستعارة عنوان عمودها المقروء بالغراء «اليوم التالي» حيث إنني بحثت في معجم ذاكرتي التي هزتها حادثات الزمن لاستجلب كلمة مرادفة للمعنى تنسجم مع مضمون العمود، فعجزت فاستسلمت للاستعارة وليتها كانت إعارة لإحدى دول الخليج لأقضي فيها وطراً وأسد عجزاً وطنياً وخللاً مالياً بعد «اندياح الدولار» المخيف الذي لا يشبه بحال اندياح داليا الشفيف. وللاندياح حديث يطول في سوح العالم الأسفيري الذي أصبح بمثابة التفريغ لشحنات مخزونة من السخط على واقع الحال المأزوم الذي لا يسر عدواً ولا حبيباً. تداول الأعمدة النارية في الصحف السيارة والتي تكتب بمكواة لتطرح معاناة الناس وتذوقها بطعم الجوع المخلوط بالغبن الممزوج بالعجز وقلة الحيلة وإضافة توابل حررررااااقة تلسع الألسنة يفش كثيراً من الغبائن ويشفي إلى حد ما صهد الصدور. هذا الاندياح في مفهومه العريض شكل من أشكال الثورة، لو أنهم يعلمون تستوجب النظر بعين فاحصة دقيقة للحال والمآل بحكمة واعتبار. المبالغة في إظهار الفساد تعميم يطال شرفاء مخلصين لكنه امتداد طبيعي ل«نظرية التفاحة المعطوبة وضرورة إخراجها من السلة بآلية الرمي في النفايات باعتبارها فسدت وما عادت تليق بمقام الأسوياء». الاندياح في تصريحات المسؤولين غير المسؤولة التي تمس كرامة المواطن تستدعي ضبط الخطاب، والاعتراف بأن الشعب السوداني يعيش ويموت لأجل كرامته، فهي الوحيدة التي لا يدفع لأجلها ضرائب، لأنها لا تقوم ولا تقدر ولا تقبل دمغة، اللهم إلا دمغة جريج.اندياح الأسافير جنّب الوطن كثيراً من الويلات وأظهر كثيراً من العورات وترك الباب مفتوحاً على مصراعية للمظان والتأويلات وحتى الشطحات.مسك الخيوط والسيطرة على الانفعالات والتعامل بالوازع الديني والخلقي، هو الذي يخلق التوازن في التعامل والتعاطي مع الأخبار، ما بين النقل والعقل فوارق تساوي ما بين البشر. إصابة الناس برشاش الكلمات والأحكام الجزافية بلا سمع وشوف، والتدوال والنسخ واللصق باندياح لفضح الناس، يستوجب نشر فضيلة التحري والإثبات بالبينة حتى نتبرأ من ذمم وأعراض المسلمين.