في الفترة التي كان فيها أبناء الجنوب يعقدون مؤتمراً بجوبا بقيادة حاكم الإستوائية، ب. ف. ماروود وقدم فيه رداً على مقترح للسكرتير الإداري ورئيس المؤتمر السير جيمس روبرتسون، والذي تمخض عنه استحالة انفصال الجنوب وضمه لشرق أفريقيا البريطانية، وذلك في العام (1947)، أطلق ابن قرية الكرفاب ريفي كريمة بمحلية مروي بالولاية الشمالية، علي عثمان محمد طه صرخته الأولى في السابع من يوليو من ذات العام. تلقى طه الأب لثلاث بنات وولدين، جميع مراحلة التعليمية بالبلاد حتى تخرجه من الجامعة، عكس كثير من الإسلاميين، فكان تعليمه الإبتدائي بمدرسة الخرطوم غرب الإبتدائية، ثم مدرسة الخرطوم الأميرية الوسطى و منها إلى مدرسة الخرطوم الثانوية القديمة، تخرج من كلية القانون عام 1971، بكلاريوس القانون بمرتبة الشرف الأولى من جامعة الخرطوم. ٭ مناصبه: تقلد العديد من المناصب، حيث بدأ بالهيئة القضائية عقب تخرجه ثم المحاماة، عمل رائداً لمجلس الشعب ثم عضواً في مجلس الشعب القومي لثلاث دورات «1977 -1985»، كان زعيماً للمعارضة بالجمعية التأسيسية.. وبعد مجئ الإنقاذ والتي كان من صناعها ومفكريها عمل وزيراً للتخطيط الاجتماعي 1991 - 1993، ثم وزيراً للخارجية. حدثت نقلة كبيرة في مسيرة طه عندما نصب في العام (1998) نائباً أول لرئيس الجمهورية، قاد وفد التفاوض الحكومي لتحقيق السلام ب اتفاقية السلام الشامل التي تمت يوم 9 يناير (2005) ليشغل بعدها منصب النائب بعد تنازله عن منصبه لرئيس الحركة الشعبية جون قرنق، ليعود لموقعه ويغادره مجدداً، قبل عامين في مثل هذا الشهر. ٭ ملك و داهية: وصفته القيادية بالحركة الإسلامية بروفيسور سعاد الفاتح أنه ملك في رأسه تاج، وقال عنه عضو القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي إنه يميل إلى الهدوء و التأني. ويقول المقربون منه أنه على مستوى عالٍ من الأخلاق و التواضع، بسبب أنه يخشى ردود الأفعال فهو متحفظ في كل ما يقوله، عرف عنه قلة الكلام التي تجعل البعض يتهمه بالغموض و صعوبة التكهن بما تخفيه دواخله. كما أجمع منتقدوه على نظافة يده و عدم تكسبه من السياسة، و وصفه آخرون بالداهية.. مهموم بالإطلاع و الثقافة ودقيق في متابعته للملفات. ٭ مهندس العشرة: دخل عالم السياسية مبكراً، حيث نشط مع الإسلاميين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وبعد ثورة مايو اختير رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1971، ولكنه سلم رئاسة الاتحاد بعد ذلك إلى جعفر بخيت امتثالاً لأمر التنظيم، وهذا ديدنه، حيث يلتزم بكل أمر. تزعم المعارضة في عهد حكومة الصادق المهدي.. اختاره الترابي نائباً له في الحركة الإسلامية رغم وجود شخصيات كبيرة أمثال الراحل يس عمر الإمام وإبراهيم أحمد عمر، طوّر الحركة الإسلامية بشكل كبير بشهادة عدد من قياداتها عقب توليه منصب أمينها العام لدورتين، إلا أن من خرجوا عن الحركة أمثال القيادي بالإصلاح الآن أسامه توفيق يرون عكس ذلك، حيث قال إن الحركة الإسلامية تحولت في عهده إلى أمانه من أمانات الوطني مما أدى إلى اختفاء أنشطتها من الشارع السياسي، كما أكد توفيق أنه مهندس مذكرة العشرة الشهيرة التي قادت إلى الإطاحة بالترابي، بالرغم من أنه لم يوقع عليها.. ولكن القيادي بالوطني د. قطبي المهدي نفى ذلك مؤكداً أن طه لم يكن له أي علم بها و تفاجأ بها في اجتماع المفاصلة الشهير. ٭ قرارات الرابع من رمضان: وبحسب القيادي بالمؤتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق أن طه مهندس تلك القرارات، رغم مناداته للحريات، كما نسب إليه عبد الرازق حل الأمانة العامة و أمانة الولايات، واعتبره السبب الرئيسي في انشقاق الحركة الإسلامية. ٭ سفره إلى تركيا: تناقلت الأخبار خبر سفره إلى تركيا مغاضباً وعدم نيته العودة للبلاد مجدداً ووجود خلاف بينه والرئيس، لكنه عاد وأغلق أبواب الشائعات تماماً، ويشهد الرئيس لطه بأنه ظل وفياً للإنقاذ ومشروعها ولم يختلف معه يوماً أخيراً، اختار ترك المحافل السياسية برمتها وسلم منزله بالرياض و السيارات، والانتقال إلى ضاحية الخرطوم بسوبا، التي هي أقل صخباً وضجيجاً من قلب الخرطوم. أسدل علي عثمان محمد طه الستار على حياته السياسية والعملية، بعد أن كرّس حياته لها زهاء (45) عاماً، ليعيش بهدوء في ضاحية الخرطوم بسوبا.