هي فعلاً حالة جنونية تلك التي سيطرت على الجميع، لايكاد يسلم منها إلا بعض الشيوخ، وحتى هؤلاء نرى بعضهم مكباً على موبايل لا يكاد يفارقه.. أما الشباب فحدث ولا حرج فهم مكبون على موبايلاتهم آناء الليل وأطراف النهار،لايكاد يفارق أيديهم إلا عند المنام، وربما توسدوه في انتظار الصباح ليكون أول شيء تقع عليه أعينهم، وهذا ما يشير بوضوح الى حالة إدمان جعلت الناس يتعلقون بهذا العالم الافتراضي، ربما هرباً من واقع غير مقبول لديهم، ومادروا أنهم يصنعون مأساتهم بأيديهم. في المواصلات العامة يسعد بعض الكماسرة بهذا الانشغال الواتسابي، الذي يرشح صاحبه ليكون فارة بدرجة امتياز، ولا ينتبه كم دفع للكماسري، وهل لديه مبلغ متبقي، وهو في الغالب لا ينتبه إلا بعد أن تفك حالة الوتسبة، ولات ساعة مندم، وربما أتت تلك الحالة فبعضهم يسرح مع حالة الوتسبة، ولا ينتبه لطقطقة الكمساري حتى ينساه الكمساري، وكما تدين تدان، وربما فعلها بعضهم عمداً كأسلوب يعتقدون أنه مناسب للزوغان. أكثر ما تزعجني حالة الوتسبة للأسف عندما تتعلق بالحراسات الأمنية في مختلف المواقع، فكثيراً ما شهدت أفراد يفترض أنهم مرابطون كديدبانات أو في حرسات ليلية، وهم مكبون على موبايلاتهم غير منتبهين، لأن العدو دائماً يتمنى أن نضع أسلحتنا ونغفل عنها ولو لأداء الصلاة، فيميلون علينا ميلة واحدة، والبلاوي سادتي تأتي بالغفلات، وتخيفني أيضاً حالات الوتسبة للسائقين، فمساء أمس كاد سائق أربعيني أن يعتلي الرصيف، لأنه كان في حالة وتسبة دلت عليها الابتسامة العريضة التي طارت مع خلعته، وكم من حوادث مميتة وقعت بسبب الانشغال بمحادثة والانشغال بالوتسبة أخطر وأكثر ضرراً. أما الوتسبة في المنازل فقد عمقت التفكك الأسري، ويؤلمني منظر طفل انصرف كسير الخاطر، لأن من هم أكبر منه منشغلين بالواتساب ولا ينتبهون له، مما يجعله عرضة لمخاطر كثيرة تجعلنا نؤكد العودة لهذا الموضوع الخطير.