ü الحكمة الشعبية التي اخترتها عنواناً لهذه الزاوية اليوم.. تفيد أكثر من معنى ..مثال لا تنظر الى النصف الفارغ من الكوب أو البكاء على اللبن المسكوب أو جرادة في الكف ولا ألف طايرة وما إلى ذلك.. ومن الواضح في أيامنا هذه أن الجنوب جفل.. والواقفات كُتار وما المشورة الشعبية في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق منّا ببعيدة.. ولا انتخابات جنوب كردفان واستثناء منطقة أبيي مرتّبة بما يحول بيننا وبؤرة صراع مُسلح جديد.. الله يكضّب الشينة.. ونحن نقطع نفسنا في الإعلام وأجهزة الدولة وأدمغة المواطنين بتفاصيل كثيرة ومسيخة عن الاستفتاء والله وحده يعلم بما ستؤول إليه حالنا.. لكن قراءة المُراقبين والمحللين السياسيين بل والمواطنين العاديين تكاد تجمع على نتيجة واحدة وهي الانفصال المحتم وقيام دولة جديدة في جنوب السودان فليكن اسمها جمهورية كوش أو السودان الجديد أو الأماتونج.. وليكن نشيدها الوطني بعربي جوبا أو باللغة الإنجليزية أو بلهجة الدينكا أو النوير أو الشلك أو الأنواك أو الباريا أو اللاتوكا أو الأشولي أو الجور أو خليط من كل هذا وذاك!! فالمهم هو أن نُبادر بالاعتراف بالدولة الجديدة فلا يسبقنا إلى ذلك أحد وأن نبادر بإعلان سياسات حسن الجوار وتقديم الدعم الفني واللوجستي والكوادر في مختلف المجالات وأن نُوفّر كامل التأمين لرعايا الدولة الجديدة من أشقائنا السابقين حتى يكتمل توفيق أوضاعهم في دولتهم الوليدة فلسنا في عجلة من أمرنا ولن (يشنقل قندولهم ريكتنا) فكما احتملناهم لأكثر من خمسين عاماً فلا ضير في أن نتحمل عبء خدماتهم بضع سنين والفسالة ملحوقة. ü وقد ظهر في الشبكة العنكبوتية لمدة 48 ساعة فيلم عن دارفور تقول روايته إن عدداً من المراسلين الغربيين زاروا دارفور وكان يرافقهم ضابط برتبة نقيب من القوات الأفريقية وفي زيارة لإحدى القرى وفي الطريق ضبطوا ضابطاً من الجيش السوداني برتبة عميد يرتدي كامل الزي الرسمي وعلم السودان على ساعده الأيمن وهو يُسلّم قائد الجنجويد مكافأة عن عمليات نهب وحرق وسلب سابقة عبارة عن عربة لاندكروزر استيشن آخر موديل (جديدة لنج) ويقول له هذه لك (هدية من الرئيس البشير طبعاً) والمراسلون مختبؤون والضابط الأفريقي (الدليل) يشرح لهم ويؤكد أن هذا هو قائد الجنجويد. ويستدير العميد السوداني راجعًا وينطلق قائد الجنجويد فرحاً بهديته ويدخل المراسلون إحدى القرى ويستطلعون آراء السكان الذين يكيلون السُباب للرئيس (الذي أمرهم بالعودة لقراهم وأوهمهم بأن الأمن مستتب لكنهم فوجئوا بغير ذلك ويقول شاب من القرية وهو يقدم مخطوطات ووثائق تاريخية بأن هذه أرضنا التي يُريد العرب اغتصابها فيسأله أحد المراسلين(أليست هذه الحرب دينية إذن؟) ويرد الشاب لا هم يخدعوننا بأنهم مسلمون مثلنا لكنهم عنصريون يريدون إبادتنا لتخلو لهم الأرض من بعدنا ويؤكد المراسل أنها حرب إبادة عرقية.. وتتحدث أخرى للمراسلين عن اغتصابها عدة مرات من العرب الجنجويد وفي لحظة يدخل الجنجويد بخيلهم وسلاحهم إلى القرية ويختلط الحابل بالنابل ويتقدّم قائد الجنجويد إلى الضابط الأفريقي الذي عجز عن إقناع قائد الجنجويد بأن ما يقوم به يقع ضمن صلاحيات القوة الأفريقية فيأمره بإخلاء القرية في دقيقتين وتهرع امرأة تحمل طفلة صغيرة لأحد المراسلين وتُسلمه ابنتها وهي تكرر أمريكا.. أمريكا.. أمريكا وتنتهي مهلة الدقيقتين ويسحب الضابط الأفريقي المراسلين من القرية ويغادرونها ودموع الحزن والأسى في عيونهم والسباب في ألسنتهم ثم يبدأ الجنجويد في إطلاق النار على الرجال واغتصاب النساء.. ومن أكثر المشاهد دموية في هذا الفيلم (الكارثة) يتقدّم أحد الجنجويد تجاه امرأة عجوز عاجزة عن الحركة وقد مدت ساقيها على التراب وبضربات خاطفة بالسيف يبتر ساقيها وبينما يتبادل الجنجويد اغتصاب امرأة تحمل رضيعًا يتقدم قائد الجنجويد وينزع طفلها من صدرها ويرفعه إلى أعلى يديه وينزله فوق عود قائم (خازوق) فيخترق ظهره حتى ينفذ من صدره ويموت في منظر تستحي منه البشاعة نفسها.. وفي ختام الفيلم.. تظهر القرية بكاميرات المراسلين في(لقطة عامة)G. SHOT وهي محترقة تماماً ويرقد في وسطها الضابط الأفريقي مجندلاً.. في إشارة لعجز القوات الأفريقية عن حماية المدنيين.. ويصاحب ذلك موسيقى كنائسية حزينة ثم تظهر كنيسة على الشاشة لوحة (سلايت) مكتوب عليها (لو لم نوقف هذه الإبادة العرقية فإن ذلك يعني أننا لم نستفد من التاريخ في إشارة شديدة الدلالة إلى الهلوكوست.. ثم تظلم الشاشة (FADE TO BLACK) رويدًا رويدًا بينما يختلط بكاء النساء وصراخ الأطفال وقعقعة السلاح في الخلفية الموسيقية التصويرية.. وينتهي الفيلم بعد ثمانين دقيقة من الإثارة.. ويبدو أن التصوير قد كان في إحدى الصحاري الأفريقية ربما تشاد أو النيجر أو الجزائر أو غيرها وقد بنيت القرية على نمط قرى دارفور والفيلم ناطق بالإنجليزية ومترجم للعربية.. وقد سُحب من موقعه في النت بعد عرضه لمدة يومين وهي مدة كافية لانتقاله لمواقع أخرى لا يعلم عددها إلا الله. أما التوقيت المقصود لبث مثل هذه السموم فلا يحتاج إلى تذكير فما أن يتخلص الجنوب بزعمهم من (هيمنة العرب) حتى تبدأ إجراءات فصل دارفور عن (العرب كذلك) وإعلامنا ما شاء الله تبارك الله (زي الضبعة يكسروا في راسها وهي تقول إن شاء الله حلم) الجفلن خلّهن كدي أقرع الواقفات. وهذا هو المفروض