-سلام على الأيام الرواحل.. السلام على الأعمار المنقضية.. السلام على البهجة الزائلة.. والبسمة الحانية والأنة الشاكية.. واللحظة التى لا يمكن استعادتها أبداً.. السلام على أيام كعكول الصمغ.. والعافية والثرى الذي احتوى.. والظلال الوارفة.. السلام على ما هو آت.. السلام على الدهر المهلك المحيي القائم بالسنين.. السلام على الطل والندى.. السلام على المن والسلوى. القاريء العزيز: -اتصل بي الأخ العزيز أستاذ الأجيال الإعلامي والإذاعي الكبير علم الدين حامد تلفونياً في الأيام الماضية في خواتيم العام.. ذلك للتنسيق حول حلقة يعدها عبر برامجه المميزة دوماً والآن بإذاعة ولاية الخرطوم.. ذلك للحديث.. وفي هذه الأيام الطيبة عن سيرة وذكرى رموز أهلنا في إطار الموردة الكبرى والأحياء الأمدرمانية المجاورة لها بمناسبة ذكرى الاستقلال. -علم الدين حامد يسكن منطقة الموردة شرق أو فريق ريد المسمى على مستر ريد أحد مفتشي المستعمر الإنجليزي.. وعرف عن علم الدين أنه أشهر قاريء لنشرات الأخبار بالإذاعة السودانية خصوصاً نشرات الصباح.. نشرة السادسة والنصف الشهيرة.. عندما يأتي ويطل ذلك الصوت الجميل هنا أم درمان.. الأخبار يقرأها على حضراتكم علم الدين حامد.. لقد عرفت تلك المناطق بأم درمان القديمة بانضمام الكثيرين من أبنائها إلى الإذاعة السودانية والتلفزيون بعد إنشائه، ونتذكر بكل فخر وود جاره ورفيق دربه عبد الماجد مسعود مع التمنيات له بدوام الصحة والعافية.. وذلك البرنامج الشهير من التلفزيون إلى المايكرفون... ينقلها من التلفزيون عبد الماجد مسعود ويقدمها للمايكرفون علم الدين حامد.. ونتذكر العمالقة من أبناء المنطقة.. معاوية حسن فضل الله ومعتصم فضل.. والرشيد أحمد فضل الله.. عثمان بلة.. ومحمد حمزة.. علاء الدين حمزة.. وبرعي محمد دفع الله.. ليلى المغربي.. سهام المغربي.. هيام المغربي.. سنية المغربي.. الريح عوض محمد.. عباس بانقا.. عمر عوض فضل الله.. عوض بشير أب سكين.. هذا إلى جانب الكثيرين من أبناء المنطقة في مختلف الوحدات المساعدة للإذاعة كاللاسلكي والمكتبة وغيرها.. إلى جانب الكثيرين من أبناء أحياء أم درمان القديمة المجاورين كالعرضة والعباسية. - في جلسة قبل فترة في داخل منزل القائم قام أحمد عبد الله بك كافي جمعتنا كأبناء حي.. علم الدين والخال اللواء الشاعر العظيم عوض أحمد خليفة.. دردشنا فيها كثيراً.. كنت أود أن أحكي فيها للأخ علم الدين حكاية لم يسمع بها من قبل ولكن الزمن لم يسعفنا.. ألا وهي حكاية سماسرة أراضي في زمن بعيد.. مع الحاجة بت عبد الله عميدة حي بيت المال. - كان للحاجة بت عبد الله ابناً متميزاً كريم الخصال التحق بوظيفة حكومية ونقل إلى مدينة بورتسودان الجاذبة للموظفين والعاملين من أبناء المدن والعاصمة.. اشترى ابن الحاجة بنت عبد الله قطعتي أرض بمدينة أم درمان.. كان له صديق يعمل في مجال السمسرة.. بعد سنوات من الشراء ظل يلح عليه صديقه هذا لبيع قطعتي الأرض.. وقتها بدأت أسعار الأراضي في الارتفاع التدريجي.. اقتنع مبدئياً صاحب الأرض إلا أن الأوراق كانت بطرف والدته بت عبد الله بأم درمان.. جاء السماسرة للحاجة بت عبد الله في الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر.. وقتها كانت تعد في قهوتها الشهيرة ذات الرائحة الجميلة التي تعبق ذلك الحي العريق بأم درمان القديمة.. كان حضورهم قبل نشرة السادسة والنصف صباحاً التي اعتاد أن يقرأها علم الدين حامد الذي يبعد منزله العريق عن الإذاعة السودانية بأمتار قليلة. -وصل السمسار وقابل بت عبد الله التي انزعجت من حضوره مبكراً.. وهي تسأل خير إن شاء الله.. فطمأنها بأن ابنها قد أوكله باستلام أوراق قطعتي الأرض لبيعهما.. إذ أن الأسعار قد بدأت في الارتفاع.. نظرت له الحاجة بت عبد الله باستنكار وقالت له انتظر أشرب معاي القهوة دي وسوف يرد عليك الراديو بعد قليل.. اندهش لكلامها.. يرد عليّ الراديو؟.. وبعد أن شرب القهوة عندها كان الراديو يبث موسيقى الأخبار ويطل ذلك الصوت الجميل للمذيع علم الدين حامد.. هنا أم درمان.. نظرت بت عبد الله للسمسار ود سالم وقالت له سمعت يا ود سالم ماذا قال المذيع علم الدين حامد.. قال هنا أم درمان.. كمل قهوتك يا ولدي وامشي رد علي ولدي قول ليه أمك رفضت تدينا أوراق الأراضي وقول ليه الإذاعة قالت هنا أم درمان.. في زول ببيع ليه قطع أرض في أم درمان.. أنا ما عافية منك دنيا وآخرة كان بعت الأرض دي أنا حية أم ميتة.. وسبحان الله فلا تزال قطعتا الأرض موجودتين بأحد أحياء أم درمان المميزة.. ورحلت الحاجة بت عبد الله.. ورحل السمسار ود سالم ورحل صاحب الأرض.. وبقيت الأرض. - هكذا ذكرني اتصال علم الدين حامد بتلك القصة التي مضى عليها أكثر من 45عاماً.. كان الاتصال خاصاً بالحديث عن الاستقلال بتركيز على منطقة الموردة شرق وغرب وشمال وحدود جيرانها التي تمثل الموردة الكبرى.. هذا الحي الذي يتربع في وسطه منزل البطل علي عبد اللطيف قائد ثورة اللواء الأبيض.. إذ لا تزال أسرة البطل علي عبد اللطيف تقيم في هذا المنزل التاريخي.. تقيم فيه حفيدته الصغرى فاطمه ابنه الحاجة ستنا علي عبد اللطيف «الملقبة بسجون» بعد رحيل صاحبة المنزل أم الأبطال كما كان يلقبها الرئيس الراحل جعفر نميري «حاجة العازة» أرملة البطل علي عبد اللطيف وقد سبقتها في الرحيل إلى الدار الآخرة.. ابنتها الغالية ستنا الملقبة بسجون لأنها ولدت داخل السجن في المعتقل مع البطل علي عبد اللطيف.. ورحلت من بعدها ابنتها نعمات.. فقد كان للبطل علي عبد اللطيف ابنتان.. الحاجة ستنا والحاجة نعمات وهاجر حفيده علي إلى بريطانيا منذ سنوات طوال.. ولكنه عاد بعد سنوات بعد انضمامه للحركة الشعبية قبل مقتل قائدها جون قرن ثم عاد لبريطانيا مرة أخرى.. بينما تظل السيدة الفاضلة درية محمد حسين حفيدة البطل الكبرى علي عبد اللطيف ترعى شؤون الأسرة وتحافظ على ذكرى الاستقلال وتمسك العقاب.. وهي حرم السفير أحمد البدري الذي كان يتأهب في سنوات الإنقاذ الأولى إلى السفر سفيراً للسودان برومانيا.. يومها كتبت عنه مهنئاً ومودعاً ولكن وقبل أن يغادر البلاد أحالوه للصالح العام.. فقد كانوا لا يعرفون أبناء وأحفاد الأبطال وأبناء وأحفاد صانعي استقلال السودان. - وفي حي الموردة شمال الهاشماب منزل الحاجة السريرة مكي الصوفي شقيقة الباشمهندس محمد مكي الصوفي أعظم سكرتير عام مر على نادي الموردة.. وهي التي صممت علم السودان لترتديه حواء الطقاقة التي تسكن حي الضباط على بعد أمتار قليلة من منزل السريرة مروراً بمنزل أجمل من غنت للحماسة والوطن والاستقلال الحاجة حواء عبد الله «حواء بنزين». - وفي الموردة الشاعر عبد المنعم عبد الحي شاعر وادي النيل العظيم.. أنا أم درمان تأمل في نجوعي.. وأنا السودان تمثل في ربوعي.. والصاغ محمود أبوبكر.. صه يا كنار.. ومعاوية محمد نور.. وقبيلة الشاعر السفير يوسف مصطفى التني.. في الفؤاد ترعاه العناية.. وشمس الدين حسن خليفة مرحبتين بلدنا حبابا.. وشقيقة الشاعر العظيم البروف مبارك حسن الخليفة.. وفي ذلك الحي شاعر المؤتمر العظيم البطل علي نور عضو جمعية اللواء الأبيض وعضو مجموعة الخلايا السرية للعمل الوطني.. وقائد الحركات والجمعيات التحررية والمنتديات الأدبية منها جمعية الهاشماب.. علي نور القائل الله أكبر هذا الروح أعرفه.. إذ تذكرت أيامي ويعرفني.. والقائل كل من في السودان يحتل مكاناً غير مكانه. التحية إلى أسرته الكريمة أ. النور علي نور .. وإلى روح الدكتور الجميل زهير علي نور وكيل وزارة الصحة الأسبق والمعز الصادق النور.. ونواصل