ما من معيار ثابت في اختيار أحد الزوجين للآخر.. فلكل زيجة ظروفها.. وملابساتها.. وإن كان الأمر لا يخلو من ضرورة القبول ..والحدس الذي ينبيء بأن هذا الشخص هو من نريد لمشاركتنا حياتنا.. وقد تكون كل المعطيات والمؤشرات تدل على أن الاختيار ناجح، إلا أن الأيام سرعان ما تكشف حقيقة بعض الأشخاص الذين يتدثرون برداء الأخلاق الفاضلة إلى حين.. وما أن توصد الأبواب وينتفي الغرض من التمثيل وإخفاء العيوب، حتى تظهر الحقيقة كاملة بلا مواربة ولا رتوش.. مما يسبب صدمة وعدم قبول.. قد تؤدي إلى الطلاق.. وفي أحسن الأحوال فتور العلاقة والتجاهل التام.. فيلوذ كل طرف بكبريائه وصمته وهو يظن أنه على حق.. وأن الآخر لا يقدره ويتجاهل حقوقه لافتقاد لغة الحوار المشتركة التي تزيل ما علق في النفوس وتطيب الخواطر.. وتجلو الأحزان.. وسرعان ما يتعود الطرفان على هذا الوضع.. ويصبح الجفاء هو السمة الغالبة في العلاقة.. فيبني كل منهما عالمه الذي لا يشاركه فيه الآخر.. إلا حكمياً فقط لأجل أن تستمر الحياة الزوجية ظاهرياً.. ربما لوجود أبناء أو خوفاً من آثار الطلاق.. أو لأي أسباب أخرى.. فكم من الأسر والزيجات التي تعتبر ناجحة وسعيدة في نظر المجتمع لكنها تعيش أسوأ الأوضاع داخلياً.. ويعزى ذلك.. لعناد وتكبر وقسوة أحد الطرفين أو كليهما.. والأمر لا يمكن أن يستقيم بمجهود فرد واحد.. يتنازل على الدوام.. فلابد من أن يبذل الطرفان وسعهما لإشاعة المودة والرحمة.. وتبادل الحقوق.. بعيداً عن الأنانية وحب الذات.. فهذه الصفات إذا اتسم بها أحد الأطراف.. فالأولى عدم الزواج.. لأنه لا يعيش سوى لنفسه ولا يصلح حتماً للمشاركة.. ولا يرى سوى ذاته المتضخمة.. والآخر ليس سوى أداة لتحقيق رغباته واحتياجاته!فإذا كان المعيار الأهم في الزواج هو التفاهم.. فإن زملاء المهنة الواحدة في ظني أكثر ما يكونون تفهماً لطبيعة وظروف بعضهم البعض.. فغالباً ما تكون زيجات ناجحة لأن كلا الطرفين مدرك ومحيط بأحوال الشريك ما خفي وما بطن، وطبيعة عمله.. (وقدراته المالية).. بالتالي لا تنشأ فرضيات.. بمشكلات مالية.. وهذه لعمري من أهم أسباب الخلافات.. الزوجة تطلب.. الزوج يرفض.. هي تظن أنه يبخل عليها.. ويخبيء أمواله أو يصرفها في غير مقتضى.. وهو يظن أنها منشار كهربائي.. لا تقنع ولا تشبع... ولا تقدر إمكاناته وتطالبه فوق ما يستطيع.. لذا فزملاء المهنة يتعاونون.. ويعرفون تماماً حدود طلباتهم.. إضافة إلى أنهما يجدان أرضية مشتركة للنقاش والحديث وحل المشكلات مما يضفي الحيوية وعدم الملل في الحياة الزوجية.. فالهموم مشتركة.. والأفراح متقاسمة.. والزملاء مشتركون.. مما يولد الثقة التامة بين الأطراف.. فلا ضبابية في مكان أو علاقات العمل.. فكثير من الزوجات لا يستطعن تفهم طبيعة عمل الزوج ولا يتقبلن علاقاته بالزميلات.. والزوج أيضاً.. إذا كانت زوجته امرأة عاملة.. فقد يغار من الفراغ أو من لا شيء لدرجة توصل إلى الشك بلا مبرر أو دليل.. لذا فإن المهنة الواحدة لها خواصها في الزواج التي تمتاز على سائر الصفات الأخرى. زواية أخيرة: دعوة لكل موظفي المؤسسات ومعلمي المدارس والعاملين في كل المجالات.. (جن زميلتك البتعرفو.. ولا الجن العاجبك الما بتعرفو!).