سيداتي سادتي.. لا أحدثكم عن برلمان اليوم الذي صار سبعة وعشرين برلماناً منها ثلاثة بالعاصمة المثلثة، والبقية بالولايات صارت كالحوت حينما يقولون الحوت أعمى، إنما أحدثكم عن البرلمان حينما كان برلمان السودان قبل أن تكون البرلمانات جبانه هاية، ويكون حديثي عن فارس من فرسان البرلمان اسمه عوض الله الدومة، جاء حائزاً على الثقة من منطقة زالنجي: وكان ذلك في برلمان حكومة مايو وكانت حكومة مايو في عمرها خمسة مجالس برلمانية، عمر البرلمان أربع سنوات حسب الدستور، ولكن أبو عاج رئيس الحكومة حينما يضيق ذرعاً بأمثالا عوض الله الدومة يحل المجلس قبل عمره المديد، ومن الطرائف أن عيال الشيوعية الذين قامت على أكتافهم حكومة مايو، وهم وزراؤها وعُمدها قالوا للرئيس في ترشيحات البرلمان الأول.. إن الذين سوف يفوزون بالمقاعد هم الشيوعية أولاد مايو، ولكن خاب ظنهم قد ترشح أغلب زعماء الإدارة الأهلية التي سبق أن حلاها النميري بفكرة الشيوعيين ولما اقربت الانتخابات شعر أولاد الشيوعية أن رجال الإدارة سوف يفوزون، قالوا للنميري إن رجال الإدارة الأهلية الذين رفضهم سوف يفوزون، وقال لهم ماذا أنتم فاعلون، قالوا سوف نوقف الانتخابات وهنا قال لهم النميري بشجاعته المعروفة.. لو وقفتم الانتخابات سوف أقطع رؤوسكم خلوهم يدخلوا ما دام الشعب أتى بهم وجئنا مجموعة للبرلمان نمشي الهوينا طرباً من جميع أنحاء السودان إدارة أهلية صافية، ولما انتهت مدة المجلس الأول فتحوا الانتخابات دوائر جغرافية، وهنا يتضح لهم منظر مايو وحكيمها د. جعفر بخيت، دوائر منظمات وحرفيين وشباب، ليضمن لأولاد مايو الفوز في هذه الدوائر الصغيرة.. وجاء رجال الإدارة الأهلية بعدد زيادة حتى كان نائب رئيس البرلمان من صفوفهم هو الزعيم طيفور محمد شريف من الشمالية، وجاء محمد منصور العجب ناظر الدندر رئيساً للهيئة البرلمانية، وفي هذا المجلس كان هناك أنواع من النواب ذو اتجاهات مختلفة، وكان لبعضهم طرائف أذكر منهم النائب رحمة الله أبو رقعة، ورحمة الله هذا كان شغله فقط يعمل نقطة نظام لأي موضوع يطرح، حتى قيل إن يناقشه الأعضاء ويقول له الرئيس: إن النظام محفوظ، ثم ينتظر أي موضوع وقل أن يناقشه الأعضاء أو عضوين، يقف أبو رقعة قائلاً: إن هذا الموضوع قتل بحثاً، واقترح قفل باب النقاش، ومرات رحمة الله هذا يقدم اقتراحه ولا يجد مثنياً يقف يتلفت.. وكان النائب عثمان الفاضلابي، وهو صاحب طرائف يدفع رحمة الله هذا ليقدم اقتراحه وهو سوف يقوم بالتثنية ويقدم اقتراحه حسب وعد الفاضلابي، ولكن الفاضلابي ينظر إليه ضاحكاً قائلاً: عاش أبو رقعة ولا ثنية ومن طرائف الفاضلابي قال للدكتور عبد الحميد صالح.. قدم اقتراحك في هذا الموضوع المهم وسوف تجد تجاوباً في المجلس وسوف أقوم بتثنية هذا الموضوع الخطير، وتقدم الدكتور باقتراحه العجيب، وقال رئيس المجلس هل من مثنٍ، وظل الدكتور ينظر للفاضلابي حسب وعده ليقف مثنيا،ً ولكن خاب ظنه وظل الفاضلابي يضحك.. لهذه المقالب التي يورط فيها ناس أبو رقعة والدكتور عبد الحميد، وكانت هناك مواقف في هذا البرلمان.. وأذكر في هذا شخصية عنوان هذه الاستراحة الأخ عوض الله الدومة نائب زالنجي بضرب السودان وقد كان ذا دهاء سياسي، وحس وطني غيور على القضية الشهيرة شارع كأس زالنجي وكان همه الأول قيام شارع كأس زالنجي، ظل يثير أمره في كل جلسة.. ولذلك عرفنا عوض الله وأطلقنا عليه اسم كأس زالنجي، وكان حينما تكون هناك قضية تهمه يطرحها للوزير داخل المجلس، ولكنه يذهب للوزير المعني بالسؤال في مكتبه، ومعه المشكلة خوفاً من لسان الدومة السليط وسخريته، وحينما يأتي الوزير للمجلس يطلب من عوض الله أن يطرح سؤاله ويقف قائلاً: إن سيادة الوزير مشكوراً اتصل بي وحل الأشكال، ولذا فإنني اكتفي بشكر الوزير ويصفق الأعضاء لهذا الكلام الطيب، ومن الطرائف أن عوض الله الدومة تسلم مقاليد لجنة إذاعية لتقديم مشاكل النواب عبر الإذاعة.. وكانت عندنا مشكلة نهر عطبرة الشهيرة وتأثير خزان خشم القربة على المنطقة، وكنا نطرحها على الحكام نثراً وشعراً ومرات عكازاً قائلين السيف أصدق أنباء من الكتب، وقدمني عوض الله الدومة في برنامجه هذا عبر الإذاعة، وجئت طارحاً المشكلة نثراً وشعراً خطيراً وانبسط عوض الله الدومة لحديثي، وعلق عليه، وبعد إذاعة البرنامج قابلني الدومة صباحاً قائلاً: خلاص يا عمدة ريحتنا من إذاعة أي قضية، قلت له ماذا حصل قال: رفتوني بعد إذاعة كلامك.. وهكذا ضحكنا لهذه الطرفة برفت الدومة بسببي.. وهكذا سيادتي سادتي.. بعد ثلاثين عاماً مضت من تلك الأيام، وإذا بي التقى به فجأة بمدينة أم درمان حيث كان يسكن في حي أم بدة، ولكنه لم يقطع صلته بأهله ودائرته زالنجي، وسألته لماذا توقفت عن العمل العام والسياسة التي كنت من روادها، وكنت الرائد الذي لا يكذب أهله، قال يا سيدي العمدة نزلت المعاش الاختياري وتخليت عن السياسة، ولكن تأييدي مطلق لقائد الإنقاذ الرئيس عمر البشير، وقل له يا عمدة عوض الدومة يبلغك سلامه ودعواته قائلاً: سير سير يابشير وأنت قائد نادر وعود أكسير لهذا الوطن الكبير وبدوري أحول هذه الاستراحة «المعاد نشرها للمكتب التنفيذي للرئيس البشير ليطالعها مع تحيات البرلماني القديم عوض الله الدومة، وأقول في الختام أما أكان الأجدر البحث عن شخصيات مثل عوض الله الدومة، ليعين في لجنة الحوار الوطني.. وفي الختام أخي عوض الله الدومة وأخوتي بالبرلمانات السابقة لكم التحية والتقدير.. ومن كان مثلكم عبر هذه الحياة الزائلة أرجو أن يتصل بي عبر تلفوني 0115995419 مع كل تحياتي وتقديري للأخ عوض الله ود الدومة وشكر