حكومة مايو الانقلابية في عمرها كانت هناك خمسة برلمانات يسمونها مجلس الشعب. كان مجلس الشعب الأول عمره ستة شهور فقط لوضع الدستور وباقي المجالس حسب الدستور عمرها أربع سنوات للمجلس الواحد.. ولكن أبو عاج كان يحل المجلس في عامين أو أقل إذا لم يجيء المجلس على مزاجه، ومن الطرائف أن الشيوعيين الذين قامت على أكتافهم مايو وهم وزراؤها وعمدها قالوا للرئيس في البرلمان الأول.. إن الذين يفوزون هم الشيوعية، ولكن خاب ظنهم فقد ترشح أغلب زعماء الإدارة الأهلية نظار وعمد وهم الذين سبق أن حلاَّهم النميري من الإدارة الأهلية ولما قَّربتْ الانتخابات شعر أولاد الشيوعية بأن جماعة الإدارة الأهلية سوف يفوزون.. وجاؤوا للرئيس قائلين ناس الإدارة الذين رفدتهم سوف يفوزون.. وهنا قال لهم النميري ماذا أنتم فاعلون في ذلك قالوا نوقف الانتخابات.. وهنا قال لهم النميري بشجاعته المعروفة لو إنتو وقفتوا الانتخابات بقطع رؤوسكم خلوهم يفوزوا ما دام الشعب جابنْ، وجينا نحن دار البرلمان نمشي الهوينى طرباً من جميع أنحاء السودان إدارة أهلية صافية.. ولما انتهت مدة المجلس الأول وهي ستة شهور فتحوا الانتخابات دوائر جغرافية وابتكر لهم منظر الثورة وحكيمها المرحوم جعفر بخيت دوائر منظمات وحرفيين وشباب ليضمن أولاد مايو الفوز وجاءت الإدارة مرة ثانية بعدد زيادة حتى كان نائب رئيس المجلس الشيخ طيفور محمد شريف من الشمالية (الدامر) وجاء محمد المنصور العجب ناظر الدندر رئيس الهيئة البرلمانية.. وفي هذا المجلس كان هناك أنواع من النواب ذوي اتجاهات مختلفة، وكان لبعضهم طرائف أذكر منهم النائب رحمة اللَّه أبو رقعة.. ورحمة اللَّه هذا مهمته كانت يعمل نقطة نظام في أي موضوع ويقول له الرئيس مرات النظام محفوظ.. ثم ينتظر أي موضوع يطرح وقبل أن يناقشه إلا عضو واحد أو اثنين يقف رحمة اللَّه قائلاً إن هذا الموضوع قتل بحثاً وأقترح قفل باب النقاش وإجازته، ومرات رحمة اللَّه يقدم اقتراحه ولا يجد مثنيًا يقعد يتلفت وكان النائب عثمان الفاضلابي وهو صاحب مواقف وطرائف يدفع رحمة اللَّه هذا ليقدم اقتراحه وبهذا يفتكر أن الفاضلابي الذي دفعه لتقديم الاقتراح سوف يثنيه وحينما يتلفت إلى الفاضلابي ليثنيه ينظر إليه الفاضلابي ويضحك قائلاً عاش الورقعة ومن طرائف الفاضلابي أنه قال للدكتور عبد الحميد صالح قدم اقتراحًا في هذا الموضوع وسوف تجد تجاوباً في المجلس وسوف أثني الموضوع وتقدم الدكتور باقتراحه العجيب وقال الرئيس هل من مثنٍ؟! وظل الدكتور ينتظر الفاضلابي ليثنيه ولكن خاب ظنه فقد ظل الفاضلابي يضحك لمقابلته الطريفة. وكانت هناك مواقف في تلك البرلمانات، وأذكر بهذا عنوان الإستراحة (النائب البرلماني عوض اللَّه الدومة وقد كان ذا دهاء سياسي وحس وطني غيور على بلده كاس زالنجي كان همه الأول طريق كاس زالنجي الذي ظل يثيره في كل جلسة ولذلك عرفنا عوض الدومة بأنه كاس زالنجي وبعض الأعضاء القادمين من الأقاليم قائلين اسمه كاس زالنجي وعوض اللَّه حينما يتقدم بأي موضوع يهمه أو يقدمه في شكل سؤال عاجل يذهب للوزير المختص في مكتبه قبل أن يحضر للجلسة والوزير خوفاً من لسان الدومة السليط وسخريته يحل المشكلة أو يسعى في حلها وحينما يأتي الوزير يطلب من النائب الدومة أن يطرح موضوعه ويقف عوض اللَّه في دهاء وحنكة قائلاً سيدي الرئيس حقيقة إن السيد الوزير اتصل بي وسعى وعمل على حل الإشكال وبذا فإنني أكتفي بشكر السيد الوزير ويصفق أعضاء البرلمان للسيد النائب والسيد الوزير حلال المشاكل، ومن الطرائف إن عوض اللَّه تسلم مقاليد لجنة لتقديم مشاكل النواب إذاعياً لعرض مشاكلهم وكانت لنا مشكلة نهر عطبرة وتأثير الخزان عليها وهي مشكلة معروفة كنا نطرحها على المسؤولين شعراً ونثراً وعكازاً مرات قائلين السيف أصدق أنباء من الكتب، وقدمني الزميل عوض اللَّه الدومة في برنامجه الساخن وجئت طارحاً للمشكلة شعراً خطيراً ونثراً ودارجاً وانبسط عوض اللَّه لحديثي وحياني لأن الدومة ذاتو بتاع مشاكل وقابلني الدومة في اليوم الثالث للقاء.. وقال لي خلاص يا عمدة ريحتنا من البرنامج ورفتوني من إدارته وجزاك اللَّه خير ريحتنا.. وهكذا ضحكنا لهذه الطرفة زول يقدم برنامج لقضايا الشعب وهو معين لذلك يجو يوقفوا البرنامج ويرفتوه.. وهكذا بعد ثلاثين عاماً مضت من أيام برلمانات مايو افترقنا وصديقي عوض اللَّه الدومة فإذا بي ألتقي به بعد تلك الأيام وهو يسكن بأم درمان في حي أم بدة ولكنه لا يقطع صلته بكاس زالنجي وأهله وسألته لماذا توقفت عن العمل العام والسياسة والبرلمانات وأنت مؤهل لذلك قال يا عمدة نزلت المعاش الاختياري ولكن تأييدي مطلق للإنقاذ وقائدها المحبوب عمر البشير وقل له يا عمدة عوض اللَّه الدومة قال لك سير سير يا البشير وإنت قائد نادر وعود اكسير لهذا البلد الكبير وبدوري أحول هذه الإستراحة لمكتب وصحفي عمر البشير ليطالعها بتحيات الدومة النائب الخطير والسلام.