من طبيعة العمل الأمني السِّرية والدِّقة والتحليل والتوصية باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.. فإذا ما ظهرت بعض النوايا الأمنية إلى العلن، فإن ذلك يعني ببساطة أن قراراً أو توجيهاً معيَّناً قد صدر بشأن هذا الملف أو ذاك، لأن انضباط المؤسسة الأمنية لا يعرف الأمنيات والأشواق، لكنه يلتزم بالضوابط والاتفاق بما يحفظ هيبة الدولة وأمن مواطنيها وسلامة ترابها من أي اختراق داخلياً وخارجياً، في تناغم وانسجام مع خط القيادة التي توزِّع الأدوار على أجهزتها العسكرية والأمنية والشرطية، ولا يشذ عنها إلا هالك. أبيي ليست قضية المسيرية، بل هي قضية كل السودان.. أبيي شمالية وستظل شمالية.. بالاستفتاء أبيي شمالية وبدونه كذلك.. بالسلم أو بالحرب أبيي شمالية.. ولو كانت كريمة في شمال السودان معقلاً للمسيرية.. لقلنا إن الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح «قوش» مستشار رئيس الجمهورية ونائب الدائرة «5» بالمجلس الوطني إنما أراد أن يخاطب عواطف أهل دائرته ويستثير أشواقهم.. لكن المستشار المؤتمن أعلنها داوية بأن الحركة الشعبية تلعب بالنار والتي ستحرقها، ويمتد دخانها ليغطي الجنوب.. ووجَّه قوش إنذاراً شديد اللهجة للحركة الشعبية المختطفة بواسطة بعض الناشطين في واشنطن، وقال إننا نواجه الخطة الأمريكية «ب»، والتي تقوم على أساس دعم الانفصال وإنشاء «دولة جديدة» في الجنوب تحاصر بها شمال السودان بالتضامن مع متمردي دارفور، وإذكاء روح الفتنة في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ومنطقة أبيي.. بعدما فشلت الخطة الأمريكية «أ» والتي كانت تهدف لاكتساح الانتخابات الرئاسية والعامة بواسطة الحركة الشعبية وتحالف أحزاب جوبا.. لكن الشعب السوداني قال كلمته وأسقط جميع المتآمرين على عقيدة ومقدرات أمتنا ووطننا.. فانتقلت للخطة «ب» والتي نعيش مراحلها هذه الأيام. وكشف قوش من على منصة الخطابة في كريمة، وهو يحتفل مع جماهيرها بافتتاح أحد الصروح التعليمية «معهد التأهيل التربوي» ضمن خطة واسعة النطاق للنهوض بإنسان الولاية، بدءً بإصحاح بيئة التعليم بالولاية، كشف عن حلقات التآمر التي تستهدف الشريعة الإسلامية في المقام الأول، فقال إن حزمة الحوافز والإغراءات التي قدمتها لنا الإدارة الأمريكية تتمحور في التخلي عن الشريعة الإسلامية والتنازل عن منطقة أبيي، وأردف قائلاً إن التخلي عن أبيي يعني التخلي عن كل شمال السودان، وإن التنازل عن الشريعة يفقدنا أسباب وجودنا «أصلاً»!! وطالب أبناء دائرته للاستعداد للدفاع عن الأرض والعرض، وقال نحن نفخر في المؤتمر الوطني بأننا أعطينا أهل الجنوب فرصتهم الكاملة ليقولوا كلمتهم في حق تقرير المصير، ونتحمل هذه المسؤولية التاريخية بكل أمانة وشجاعة، فقد وقَّعنا اتفاقية السلام الشامل حقناً للدماء، وارتضينا بحق تقرير المصير لجنوب السودان مقابل أن تظل شريعة اللّه تحكم الشمال وتحكم من ارتضى بها في الجنوب، فلا يمكن للحركة أن تنكص عن هذا البروتكول.. وإن خرقت الحركة الشعبية اتفاقية نيفاشا في بند واحد، فإننا سنخرقها كلها.. وقال قوش إننا أعددنا وثيقة بيننا والحركة اتفقنا فيها على جميع التفاصيل تحسباً لنتائج الاستفتاء «وحدة أو انفصالاً»، لكن الحركة تتلكأ في التوقيع عليها وتبتزنا بقضية أبيي، والتي لا تحتمل حلاً وسطاً، فهي شمالية داخل حدود 1/1/1956م بلا جدال.. فإذا ما جاء الاستفتاء الحر النزيه والشفّاف بالأنفصال، سيكون الشمال في أفضل حال بعدما ننزل عن كاهلنا عبء التنمية وإعادة الإعمار في الجنوب، والذي كنّا سنوقف من أجله أي تنمية في الشمال «مهراً للوحدة» وإعلاناً لحسن النوايا.. وعن المماحكات والعراقيل التي تضعها الحركة في مرحلة التسجيل للاستفتاء أمام الجنوبيين المقيمين بالشمال، والذين تتخوف منهم الحركة أن يصوِّتوا لصالح الوحدة، حثّ قوش أبناء الجنوب في دائرته أن يسجلوا أسماءهم ويصوتوا لصالح الوحدة بنسبة لا تقل عن مائة بالمائة إبراءً لذمتهم والتزاماً بما تمليه عليهم إرادتهم الحرة. الجنزير التقيل البِقِلاَّ ياتو.. البيوقد النار بيتدفَّابها هو ساعة الحارة الزول بيلقى أخوه.. «أبيي شمالية بي اللّه كِيْ» هذه الأرجوزة تمثل قيماً راسخة.. وحِكَماً بالغة، تسود كل قبائل البقارة وأولهم المسيرية الفرسان، الذين وقفوا حائط صد في وجه التمرد أن يتمدد شمالاً طوال سنين الحرب الأهلية وتحمَّلوا في سبيل ذلك العنت والدم والعرق.. وآن الآوان لكي نرد للمسيرية بعض أياديهم على بلادنا كافة.. وساعة الحارة الزول بيلقى أخوه وقد دقت ساعة الحارة لنظهر وحدتنا وقوة إرادتنا في الدفاع عن أرضنا وعرضنا دون أن نكون دعاة حرب.. وأعدُّوا لهم.. والبلاقيك متشمر لاقيهو عريان.. وهذا هو المفروض