الاستفتاء امتحان يواجه كل شرائح الشعب السوداني وعليهم الدخول في تفاصيله متجاوزين علاقة الأرقام التي تحدثت عنها اتفاقية نيفاشا الى علاقات الوجدان المشترك كأدبية جديدة لتجاوز الاشكاليات المترتبة علي الانفصال في حال حدوثه في يناير القادم، وتنجح في صياغة واقع جديد يستهدف تجاوز كافة المترتبات السيئة وهو ما يتطلب بدوره إثارة حوار عميق ونقاش يتسم بدرجة عالية من الصراحة والوضوح حول وحدة السودان، حوار دعا له المركز القومي للانتاج الاعلامي وبرعاية من وزير رئاسة مجلس الوزراء الدكتور لوكا بيونق وقدمت في الورشة التي عقدت بمباني المركز بالخرطوم عدد من الاوراق اتسم الحوار فيها بالصراحة والعمق والموضوعية وذلك في سبيل البحث عن خارطة طريق للخروج من النفق المظلم . وبالرغم من ان الندوة جاءت لمناقشة قضية الوحدة الا ان الطرف الآخر في عملية الاستفتاء وهو الانفصال كان حاضرا في المناقشات ليس لانه الاتجاه الاقرب عندما تتجه جنوبا بقدر ماهو استحقاق تحدثت عنه اتفاقية نيفاشا وان اتفق الجميع على ضرورة الحوار باعتباره يمثل آخر خطوات الخروج من الازمة. حوار يتناول كافة القضايا ويضع لها الحلول وخصوصا قضايا مابعد الاستفتاءالتي سماها آخرون قضايا( مابعد الانفصال) ابتدر الحديث الوزير لوكا بيونق والذي اكد على ان الحوار هدف قومي ومهم وينصب في الاطار العام لتوجه الدولة وقال ان مهمتهم كحكومة منتخبة هو ايصال الرسالة في وقت مهم وحساس من تاريخ الدولة السودانية وخصوصا بعد ان اصبحنا في محك ان نكون دولة موحدة او غير ذلك عبرحق تقرير المصير للمواطن في جنوب السودان، وهو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة حسب ما جاء في اتفاقية نيفاشا والحكومة في الجنوب والشمال ملتزمة تماما بتنفيذه في وقته المحدد لان اي تباطوء في هذا الجانب من شأنه ان يقود لنتائج كارثية وينفي فكرة عدم العودة للحرب التي قال بها الرئيس البشير ورئيس حكومة الجنوب سلفاكير في اكثر من موقع. وقال ان الحوار حول الوحدة يجب ان يكون حول الوحدة القائمة على اساس الارادة الحرة والمساواة والعدالة لكل السودانيين مع معالجة المظالم التي تعرض لها جنوب السودان في فترات سابقة وقال ان حق تقرير المصير جاء لحسم صراعات الماضي وخلق وحدة طوعية بالسودان وعلى اسس جديدة وتساءل بيونق قائلا لاي مدى تتطابق فكرة الوحدة المكتوبة في اتفاقية نيفاشا والواقع السائد الآن . وقال ان المواطن في جنوب السودان ظل طوال تاريخه باحثا عن الوحدة مع الشمال في اطار الحكم الذاتي لولا مجموع الانتكاسات التي حدثت في فترات متباعدة واضاف ان هنالك الآن خيارين الخيار الاول هو التأكيد على الوحدة القائمة وفق اتفاقية نيفاشا والخيار الآخر هو الانفصال ومع ضرورة عدم العودة للحرب مرة اخرى مع مراعاة التعدد في السودان وقال ان الحركة قد تقدمت سابقا بمشروع كونفدرالية تضمن للشمال تطبيق الشريعة الاسلامية في الوقت الذي تجعل من الجنوب علمانياً وقال ان اي نقاش حول الوحدة والانفصال بعيدا عن مناقشة قضية العلاقة مابين الدين والدولة يبقى حرثاً في البحر ولن يقود الى نتيجة وهي القضية الاساسية لاي نقاش . وقال ان الحديث عن الوحدة الجاذبة لم يكن من اجل الوحدة في ذاتها بقدر ما كان محاولة لتحسين المؤسسات كاساس لجاذبيتها وهو امر كان يمكن انجازه منذ توقيع الاتفاقية وليس الآن وقال كأن الناس هبت الآن من نومها وفوجئت بالاستفتاء ومواعيده وهو للاسف حوار في الشمال فقط وكانما النخبة الشمالية تخاطب في نفسها والامر كان يجب ان يكون غير ذلك والحوار الاجدر هو حوار مابين النخبة الجنوبية والنخبة الشمالية وفي ميدان المعركة هناك وليس هنا في الخرطوم. وقال ان القضايا الجديرة بالنقاش هي تحديات الاستفتاء واول هذه التحديات هي ضمان استقلالية المفوضية وممارسة الحق وفق الشفافية والنزاهة وقال انه ليس هنالك ارتباط قانوني مابين اقامة الاستفتاء في مواعيده وقضية ترسيم الحدود وقال يجب ان يقوم استفتاء ابيي في نفس يوم استفتاء جنوب السودان وقال محاولة التأخير تعني عدم الالتزام باتفاقية نيفاشا واضاف يجب التأكيد على عمق العلاقة مابين الشمال والجنوب بعيدا عن النتيجة التي سيفرزها الاستفتاء وحدة كانت او انفصال باعتباره خيارا لاهل الجنوب ويجب التعامل معه في هذا الاطار وخصوصا قضية الجنوبيين الموجودين بالشمال والشماليين بالجنوب فهم سودانيون في المقام الاول ويجب ان يكون لهم خيار تحديد المكان الذي يستوطنون فيه . وقال ان الديون قضية قومية يجب ان يلتزم الجميع بتبعاتها شمالا وجنوبا ووفق التكاتف مابين كافة مكونات السودان واضاف ان البترول يجب التعامل معه في اطار علاقات التكامل ما بين الجانبين فليست من مصلحة الجنوب اضعاف الشمال اقتصاديا كما انه ليس من مصلحة الشمال عدم الاستقرار بالجنوب وقال ان هذه القضايا هي التي يجب ان يتناولها الاعلام والذي بدأ يقرع طبول الوحدة بالشمال وبالجنوب هنالك طبول اخرى يتم الضرب عليها وهي طبول الانفصال وقال ان عملية تكتيم افواه الداعين لخيار الانفصال امر يتنافى والدعوة الديمقراطية ويمكن ان يقود لنتائج سالبة وقال ان الوظيفة الاساسية للاعلام يجب ان تكون منطلقة من نشر اتفاقية السلام مع ضرورة دعم انشطة الوحدة وقال ان مشاريع دعم الوحدة التي دشنها علي عثمان من شأنها هي ومؤتمر التمازج ان تزيد من درجة الترابط ما بين اهل السودان. وفي ورقته التي تناولت تحديات الوحدة والانفصال دعا البروفيسور الطيب زين العابدين لقيام اتفاق سياسي من اجل تحسين الاتفاقية واعطاء الجنوب مزيدا من المكاسب بغرض تحقيق الوحدة بين شطري الوطن وذلك من خلال علاقة تعاقدية يتم تضمينها في الدستور الدائم واتفق مع ان اسكات اصوات الانفصاليين من شأنه ان تكون له تداعيات سلبية وقال ان دعوة الوحدة مقابل الشريعة هو امر خارج نطاق الاتفاقية وقال فيما يتعلق بمسألة نزاهة الاستفتاء فإن الطرفين مشكوك في شفافيتهما وقال ان استفتاء مطعون في نزاهته يعني حرباً جاهزة وقال انه مع ان تقوم الاممالمتحدة بالاشراف على الاستفتاء من خلال جنودها الموجودين بالسودان وقال ان تمثل المشكلة في منطقة أبيى أن قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي ليس مرضياً عنه من كلا المجموعتين الأساسيتين في المنطقة: دينكا نقوك والمسيرية، فالمجموعة الأولى تظن أن حقول البترول في هجليج قد أخذت منها بغير حق، والثانية تعتبر أن الحدود الشمالية التي ضمت إلى أبيي قد توغلت كثيراً في مناطقهم وحرمتهم من الأراضي ذات المياه الوفيرة التي يعتمدون عليها في سقي بهائمهم وقطعانهم في زمن الخريف. وفي ذات الوقت فإن إضافة المنطقة الشمالية لا يخلو من مشكلة بالنسبة للدينكا لأنه يعطي المسيرية الذين يعيشون في تلك المواقع حسب تفسير الحكومة حق التصويت في الاستفتاء حول تبعية المنطقة لبحر الغزال أو إلى جنوب كردفان، فهم يخشون من تصويت المسيرية لصالح الانضمام إلى كردفان. ولكن الحركة الشعبية لا تقر بهذا الحق للمسيرية على أساس أنهم رحل ولا يقيمون في المنطقة بصورة دائمة فلا ينطبق عليهم ما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل «السودانيون الآخرون المقيمون في منطقة أبيى»، ورغم الاتفاق على قانون استفتاء أبيى إلا أن تحديد من سيصوت في الاستفتاء بجانب «أعضاء مجتمع دينكا نقوك» ما زال عالقاً وأحيل البت فيه إلى مفوضية الاستفتاء التي ستحدد معايير الإقامة التي تؤهل صاحبها لحق التصويت في الاستفتاء. وقد يبدأ تمرد مسلح جديد في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق بسبب عدم الرضى عن تنفيذ الاتفاقية التي تخصهما وستقوده عناصر الحركة الشعبية التي جاءت إلى السلطة في الولايتين بقوة السلاح، وربما تدعم الحركة مثل هذا التمرد خاصة إذا كان الانفصال متوتراً ومضطرباً بين طرفي الاتفاقية. وقال ان ابيي يمكن ان تكون كشمير السودان وقال ان ترسيم الحدود هو الازمة الحقيقية وقال ان المسيرية هم من رفضوا ترسيم الحدود لانهم يرون انهم ظلموا مرتان الاولى بأخذ 50% من اراضيهم والاخرى حينما منعوا من التصويت وهو امر من شأنه ان يقود لتفجر الموقف والحل يكمن في ابتعاد المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وترك الامر للمسيرية والدينكا فهم الاقدر على وضع الحلول له وقال ان قضايا ما بعد الاستفتاء ستظل كروتاً للضغط يستخدمها الشريكان فالمؤتمر الوطني سيستند على الجنوبيين الموجودين بالشمال بينما ستنحو الحركة نحو عملية ترسيم الحدود وقال ان خروج البترول من ميزانية الشمال مشكلة بينما خروجه من ميزانية الجنوب فهو ازمة وبدأ القيادي الاتحادي الدكتور علي السيد مداخلته بالقول ان النقاش الدائر الآن بين الشريكين هو نقاش لما بعد الانفصال وليس الاستفتاء فكل تلك القضايا هي المترتبات على الانفصال وقال ان دعوة المؤتمر الوطني للقوى المعارضة هي (عزومة مراكبية ) ليس اكثر من ذلك وقال ان للانفصال تداعيات سلبية سيدفع ثمنها الجنوب والشمال معا وستدفع الثمن القوى المعارضة بالشمال بعد ان يظل البرلمان تحت سيطرة المؤتمر الوطني تماما بعد انسحاب برلماني الجنوب وقال انه الاجدى الآن هو تبصير الناخب في الاستفتاء بانه ماذا سيحدث في حال التصويت للوحدة وماهي النتيجة في حال اختياره للانفصال وقال ان الانفصال ستكون له تداعيات اقتصادية كارثية وخصوصا ان البلاد ستقابل عملية تسديد ديون سد مروي والتي ستضاف للديون الموجودة اصلا وقال انه في حال الإنفصال فإن المعارضة الشمالية ربما تجد نفسها في حالة تحالف مع الجنوب والحركة الشعبية. وفي مداخلته حول الجوانب الامنية تساءل اللواء احمد العباس عن جدوى الانفصال بالنسبة للجهات المتعددة وماهي المصالح المترتبة عليه ؟ مع النزاعات القبلية والصراعات التي ستقوم بالجنوب والمعارضة المسلحة لدول الجوار ومدى قدرة القوات النظامية في التحول الايجابي نحو اداء ادوارها هذا بالاضافة للمهددات الاجتماعية المتعلقة بالنزوح والتطرف الديني كلها عوامل تجعل من الوحدة هي الخيار الافضل والاكثر موضوعية والذي يتطلب من الجميع ادارة الحوار من اجل انجازه. وتناول الخبير الامني العميد معاش حسن بيومي القبلية باعتبارها مهددا امنيا خطيرا وقال ان انفصال الجنوب من شأنه ان يمثل مهددا امنيا بالسودان اولا وبالاقليم ثانيا ومهدد للامن العالمي ككل وقال ان هنالك ثلاثة تيارات هي التيار الانفصالي الجنوبي والتيار الانفصالي بالشمال والثالث هو التيار الاستراتيجي والذي يضم الولاياتالمتحدةالامريكية ومصر والشمال والجنوب وهو التيار الذي تتحقق مصلحته في اطار السودان الموحد ودعا الصحفي وعضو الحركة الشعبية ياي جوزيف الى الحوار القائم على الحياد من اجل عكس الواقع العام في البلد وهو حوار من شأنه ان يدعم خط الوحدة بالسودان، مشيرا لان للانفصال مضار مع اختلاف النسب ودعا كل دعاة الوحدة للتوجه جنوبا وتنوير اصحاب الحق في الاستفتاء وفي مسرح الاستفتاء نفسه.