ولد ادغار ألن بو في مدينة بوسطن عام 1809م وسط عائلة فنية، كان يعمل والداه ممثلين متنقلين، توفي والده وهو في التاسعة من عمره، تركته والدته مع أقاربها بالتيمور بحثاً عن الرزق.. تبنته أسرة فرانسيس ألن وعاش معها في إنجلترا في الفترة من عامي 1815 - 1820م وحمل منها الاسم الأوسط ألن، تفتقت ملكاته الشعرية عندما كان في الخامسة من عمره مما دفع أحد أساتذته في مدرسة ريتموند إلى القول «يكتب الأولاد الآخرون قصائد عن الميكانيكا، أما بو فيكتب الشعر الحقيقي، هذا الولد خلق شاعراً»، وعندما بلغ السادسة من عمره كتب أول قصائده «وليام ويلسون». عندما انتقل بو مع أسرته الجديدة درس في مدرسة مانور بإنجلترا، ولما كانت عبارة عن قصر قديم يشبه المتاهة، يرجع النقاد أن أدب الرعب والروايات البوليسية التي كتبها الشاعر بعد ذلك، تعود لتأثره المبكر بهذا المكان الغامض والمخيف. التحق بجامعة فرجينيا في العام 1826 ولكنه سرعان ما أدمن الكحول ولعب القمار بعد الصدمة العاطفية العنيفة التي تعرض لها بسبب ارتباط الفتاة التي أحبها برجل آخر أكثر ثراءً، طرد أدجار من الجامعة والتحق بالجيش في مدينة بوسطن وهناك أصدر أول مجموعته الشعرية تحت اسم مستعار وهو أجار بيري، ثم مجموعته الثانية 1830. اشترك في الكثير من المسابقات الأدبية وحصل على العديد من الجوائز المالية، وعمل محرراً صحفياً في العديد من المجلات والصحف مثل صحيفة جراهام ويرودواي جورنال وحصل على قدر كبير من الشهرة كناقد صارم ومحلل أدبي لا يشق له غبار، تزوج من ابنة عمته فرجينيا كليم في العام 1830م. وفي العام 1837 نجح بون في نشر أول رواية له باسم حكاية آرثر جور دون، ثم طرح أول مجموعة قصص الرعب الخاصة به في مجلة بيرتون جنتلمان في عام 1840م، ثم أصبح رئيس تحرير مجلة أمريكا والتي نشر بها أول رواياته البوليسية «جريمة قتل في المشرحة» والتي ترجمت للغة الفرنسية، تلتها قصيدته الحشرة والتي حازت على جائزة جريدة فلادلفيا للآداب، ثم قصيدة الغراب والتي كانت سبب شهرته في جميع الأوساط الأدبية. توفيت زوجته بمرض السل الذي لم يمهلها طويلاً وكتب فيها يو أجمل قصائده وأرقها «انابل لي» قال فيها: لا يستطيع ضوء القمر إلا أن يجلب لي الأحلام عن انابل لي الجميلة ولا تلمع النجوم إلا أرى فيها عين انابل لي الجميلة كتب يو في شتى الأنواع الأدبية من النثر والقصة والمقال والنقد، ولم تتجاوز قصائده السبعين قصيدة ولكنها حفرت اسمه كأحد أعظم شعراء العصر الحديث، وقد وصف يو ولهه بالشعر قائلاً الشعر بالنسبة لي ليس هدفاً وإنما شعور انفعالي يسيطر عليّ مثله مثل الحب أو الحرية أو الجنون! يلقب بو ب«أبو القصة القصيرة وأول من كتبها في شكلها الحديث»، ويعتبره النقاد واضع حجر الأثاث للأنماط القصصية الحديثة التي ظهرت بعد ذلك كالقصة البوليسية والألغاز، ليفتح الباب أمام الكاتب الإنجليزي آرثر كونان دويل لاقتراع شخصية المتحري سيرلول هو عز بطل رواياته البوليسية، كتب أيضاً بعض الأعمال التي تعتبر من قصص الخيال العلمي ليرسي الدعائم الأولى لهذا النوع من الأدب أيضاً، وتعتبر رواية (خدعة البالون) أهم الروايات في هذا المجال، إذ يدعي الكاتب فيها أنه استطاع أن يصل للقمر بمنطاد وهناك وجد مدينة خيالية يسكنها أقزام يتواصلون عن طريق التخاطر، والقصة مكتوبة بأسلوب كوميدي يظهر فيها تأثر بو بالكاتب الإنجليزي سويفت في كتابه رحلات بيلفر. تحولت العديد من كتاباته إلى أفلام مثل رواية «سقوط بيت آرثر» ورواية «الغراب»، وقال عنه الشاعر الفرنسي بولدير «لقد اجتاز هذا الرجل قمم الفن الوعرة، وهوى في حفرة الفكر الإنساني، واكتشف في حياة أشبه بعاصفة لا تهدأ، طرفاً وأشكالاً مجهولة يدهش بها الخيال ويروي العقول الظامئة إلى الجمال. مات على مقعد في الشارع في العام 1849م عن عمر يناهز الأربعين عاماً، لكنه استطاع خلال عمره القصير أن يصنع صرحاً أدبياً عملاقاً يجعله يمثل إحدى القمم الشامخة لمملكة الأدب الساحرة، مات ولسان حاله يقول قصيدته حمداً لله. حمداً لله لقد انتهى الخطر وولى المرض الطويل وانتهت الحمى التي يسمونها الحياة أعرف أن قواي قد فارقتني ولكن أشعر أنني أفضل حالاً بكثير لقد سكن كل هذا الانين والعواء والتنهد والبكاء ومعها سكن هذا الخفق الرهيب في القلب لقد انتهت الحمى التي يسمونها الحياة