نعم توجد مشكلة وتوجد أخطاء كثيرة تُصاحب رحلة حجاج بيت الله القادمين إليه من السودان.. ومخطئ من لا يرى غير ذلك.. من مدينة الحجاج بمطار الخرطوم إلى مطار الوصول بالأراضي المقدسة رحلة معاناة لا تُصيب غيرنا نحن دون حجيج البلاد الأخرى من مشارقها إلى مغاربها.. فمن أين تأتي هذه الصعاب ومن المتسبب فيها؟. هل هي الوكالات.. أم هل هي الهيئة العامة للحج والعمرة أم وزارة الإرشاد ذات نفسها أم الحجيج السوداني.. أم كل هؤلاء معاً.. هل نحن شعب ينقصنا التنظيم والنظام (ليس السياسي) هل نحن محبون للفوضى أم مجبورون على التعامل معها. لست بصدد شكوى بعض الحجيج من الوكالات فيما يتعلّق بالسكن على بعد عشرات الكيلومترات من الحرم ولا ما تأخذه من مقابل مادي لا يتناسب والخدمات المقدمة خاصة بالنسبة للإعاشة ... فكلها مسائل تتضاءل أمام أكبر إخفاق يتعلق بكيفية أداء المناسك خاصة وأن الناس ذاهبون للعبادة والتوبة وليس للأكل وفق حديث شقيقة صاحب الوكالة عندما ردت على بعض المحتجين على نوعية الطعام.. بالدليل العملي والتجربة الذاتية فإن كثيراً من حجاجنا من كبار السن يتوهون في كيفية أداء مناسك الحج.. لم يكن أمامهم من خيار غير الذهاب مع الجماعة والعودة معها.. إلى أين هم ذاهبون وماذا يقولون أمام كل مشعر لا يعرفون.. لم يجدوا من يوضح لهم.. كيف.. أقول لكم.. وتابعوني الحاجة التي أُمنت على رعايتها بسبب تخلف ابنها بعد أن عاد جواز سفره دون تأشيرة امرأة في الثمانين تقريباً أدهشني حبها للرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت تعتقد تماماً أن الحج يبدأ وينتهي عند زيارة قبر نبينا الكريم.. دخلنا المدينةالمنورة مساءً توجهنا إلى المسجد النبوي كانت تصر أن أذهب بها إلى الروضة الشريفة لكن مع الزحام لم نتمكن إلا في اليوم الثالث.. بعد أن صلت ركعتين توجهت لي بالسؤال متى سنرجع السودان! قلت لها ياحاجة الحج لم يبدأ بعد قالت لي وماذا هناك بعد زيارة الرسول (صلى الله عليه وسلم) والصلاة في الروضة. الحاج (س) بكت زوجته كثيراً فقد حلف بأغلظ الإيمان ألا يرتدي الإحرام فكيف يخرج على الملأ دون جلابية وطاقية وعمامة.. لم يُنقذ الموقف إلا بعد تدخل أبنائه من هنا من الخرطوم وربنا يبارك في شركات الاتصال التي تنافست في منح شرائح مجانية يسّرت التواصل بين الخرطوم والأراضي المقدسة الحاجة التي معنا بدأنا نشرح لها عملية الطواف.. من هذه العلامة يبدأ الشوط وهنا ينتهي .. سبعة أشواط باستنكار قالت: سبعة أشواط كثيرة.. شوطين فقط عندما وجدت الإصرار من الجماعة قالت خلاص ثلاثة.. اقنعناها بأنهم سبعة ولا سبيل لترك واحد. حكي لنا أحد الحجاج أن زميلهم الطاعن في السن قال لهم: إنتو ولاد عبد العزيز ديل وين ما سألوا مننا.. في الخرطوم ما قالوا لينا حتلقوا الأمراء قدامكم!. كثيرون من طاعني السن كان مصيرهم التوهان أثناء أداء المناسك ولولا الهواتف النقالة لرجع الكثيرون دون أداء الفريضة. لا أعرف أية ميزة أو أهمية في أن تحج الوفود الرسمية والإعلامية بهذه الكثافة.. هل المطلوب وجود صحافيين أم مرشدين ومن المسؤول عن تفويج أعداد كبيرة من الإعلاميين والرسميين وتغيّب المرشدين الذين يقع على عاتقهم شرح كيفية أداء المناسك للناس.. صحيح تم توزيع كتيبات للناس لكن هل كل من أراد أداء الفريضة ملم بالقراءة.. صحيح قدمت محاضرات في منى وفي عرفات لكنها كانت أشبه بخطبة الجمعة.. ركزت على الوعظ.. ولم يكن هناك شخص متخصص ذو علم ليشرح للناس ماذا يفعلون.. كان بإمكان الهيئة العامة للحج والعمرة أن تبدأ محاضرات يومية لكل الحجيج على دفعات حسب موعد التفويج من هنا من الخرطوم ثم تتواصل عند كل مشعر حرام بالأراضي المُقدسة.. هؤلاء العلماء كانوا أحق بالتفويج من مجموعة الصحافيين اللهم إلا إذا كانت الهيئة ترغب في الشكر والثناء على صفحات يحررها هؤلاء المكرمون.. مندوبو الوكالات أو الأمراء (من غير أولاد عبد العزيز) لم يكن لهم دور كبير مع كبار السن.. حجاج الدول الأخرى يأتون في جماعات لا يفترقون أميرهم يحمل راية عليها اسم ورقم الوكالة وبلدها عدا نحن.. عند المزارات تلاحظ أمراء الوفود الأخرى ينادون بالمايكرفون على المجموعة فرداً فرداً للتأكد من أنّهم ركبوا الحافلات.. الحجيج السودانيون يتسابقون لوحدهم لضمان أن المركبة لا تُغادر دونهم.. عند مسجد قباء نسينا حاجتين أحداهما في السبعين من عمرها وصلت السكن بعد الاستعانة بفوج من المصريين عند وصولهما أجهشتا بالبكاء ورفضتا الأكل ليوم كامل، العديد من التجارب المريرة خاضها حجاج بيت الله من السودانيين.. معاناة تتجاوز الأكل والراحة أو جود عالقين بمطار جدة بسبب تأخر الطيران.. معاناة من صميم أداء المناسك نفسها. إذن هناك جهات تحتاج إلى حل فهل هي الوكالات أم الهيئة.. سؤال إجابته عند المجلس الوطني رقيب الأداء التنفيذي. سؤال مهم: هل ذهب وفد المجلس الوطني إلى الأراضي المُقدسة على نفقة هيئة الحج والعمرة؟. إن كان ذلك كذلك فمنه العوض وعليه العوض. شهادة إلى سودانير وإلى كباتنها ومضيفيها ومضيافتها الرقيقات.. رغم انتقادي المستمر لما آل إليه الحال بعد الخصخصة فقد كانت الأوفر حظاً في الشكر وليس الجهات التي بعثت بعض الزملاء على نفقتها لتتقي شر النقد.