أكرموا عمتكم النخلة.. قولة تأصيل لعظمة النخيل.. وقد اختص الحق سبحانه وتعالى بذكر النخيل في القرآن الكريم في حوالي عشرين آية.. تذكر منها عندما نادى سبحانه وتعالى السيدة مريم عندما جاءها المخاض تحت جذع نخلة مزيلاً عنها الحزن مخاطباً لها"وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا".) وقوله: " وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ " ثم " وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ". وقيل إنها ذكرت في أكثر من ثلثمائة حديث شريف.. لذا فإن النخلة شجرة مباركة.. والزائر للمدينة المنورة تبهره روعة نخيلها وثماره المتنوعة.. وقد وقع عليه الاختيار في تلك الديار الشريفة وفي منطقة الخليج لتزيين الشوارع وهو شجر منتشر في العراق وتونس والواحات الغربية وصعيد مصر. وفي السودان ظل الناس في شماله يعتمدون عليه بأنواعه المتعددة من القنديل والكُلم والبركاوي وأنواع الجاو الكثيرة. فبعضه مخصص للأكل والآخر للسوق للاستفادة منه في الصناعات الأخرى، وقد سرنا أن نشاهد هذه الأيام الخرطوم وهي تبدأ الزينة بأشجار النخيل في شوارعها وبأشجار في عمرها المتوسط والذي يجعلها مثمرة وظليلة في زمن قليل، وهو اتجاه يجد الإشادة بدلاً عن زراعة النيم ودقن الباشا، بل أحياناً الدمس. إن أشجار النخيل سوف تحول الشوارع إلى وضع حضاري.. وللنخيل ميزات يجعله أنسب الأشجار لزينة وتظليل الشوارع.. فهو لا يتفرع عرضياً.. بل ينمو إلى أعلى وبذلك لا يؤدي إلى تضييق الشوارع وليس له سواقط من أوراق وغيرها كما يحصل لبقية الأشجار.. بالإضافة إلى ثماره المتوقعة وبكميات كبيرة إذا وجدت الرعاية والخبرة ولا شك أن الجهات التي اختارت زراعته سوف تعمل على رعايته حتى يستفاد من إنتاجه.. وقد لاحظنا أيضاً أن حملات نظافة قد تمت لأشجار النخيل المزروعة سلفاً بجنبات الشوارع فأصبح باسقاً يسر الناظرين.. وقد لاحظت أيضاً أن عمليات تصفيح الشتول الصغيرة قد تمت وهي عملية يقوم بها خبراء لتوفير شتول إضافية للزراعة.. والفنان صديق يقول: خدّر الشتل المصفح.. جاب قلوب لأهله فرّح على أي حال إن فكرة زراعة النخيل بالشوارع.. فكرة صائبة يشكر من سعى لها وقد لاحظت أن العمل قد بدأ بهذه الأشجار المتراصة بشوارع الستين وعبيد ختم وشارع أفريقيا حتى فروعه بجامعة أفريقيا.. وعلى امتداد شارع المطار في اتجاه عد حسين وشارع الطابية بوسط الخرطوم. عندما كنت أعمل مشرفاً للتعداد السكاني ممثلاً للأمم المتحدة بجنوب السودان قبل الانفصال.. لاحظت أن شوارع مدينة "كجوك" عاصمة ولاية واراب.. قد تم تشجير جميع شوارعها بأشجار المانجو وقد راعني وأعجبني ذلك.. لكن ما أروع أن تكتسي شوارع الخرطوم بأشجار النخيل.. أشجار الخير والبركة والظل والثمار والجمال.