لا ادري حتى الآن لماذا يطلق العرب من البحر إلى البحر ،على المرافق العامة الصغيرة التي لا تصل إلى مستوى الوزارة مصلحة ، في السودان كانت هناك قائمة طويلة من المصالح التي ذهبت مع الريح منها مصلحة الكباري ومصلحة الطرق ومصلحة الأراضي ومصلحة الجمارك ورسوم الانتاج ، وبالمناسبة كنت في أيام الجامعة واحدا من موظفي المصلحة الأخيرة لكن كنت كادرا متسيبا ( وشايف ) نفسي على الآخر وصعلوك لا يشق له غبار ، عفوا المصالح الخدمية ليست موضوعنا اليوم لكن المسألة ببساطة تتعلق بالمصلحة المشتركة يعني كما يقولون في الخطاب العامي ( شيلني وأشيلك ) ، للأسف في هذا الزمن الرمادي نجد ان المصالح هي التي تحدد علاقات البشر ، حتى في الأسرة الواحدة نجد ان المصلحة هي التي تحدد العلاقات بين أفرادها ، يعني بالمفتشر وبدون لف ولا دوران الناس مصالح ، عموما حاولوا البحث في تلافيف حياتكم بمختلف ألوان طيفها ستجدون ان المصالح هي التي تتحكم في تصرفات البشر ، خذوا مثلا ان فلتكان الفلاني كان كادرا منظما في حزب المؤتمر الوطني ، ولكن حينما يكتشف ان حسابات مصالحه ستتأثر اذا ظل ضمن هذا الحزب فإنه سرعان ما يغير بوصلته الإيديولوجية وينضم إلى حزب المؤتمر الشعبي أو إلي أي حزب آخر طالما ان المصلحة تقتضي ذلك ، هذا السيناريو من المشاهد الدراماتيكية في السودان ( وما فيش حد أحسن من حد ) ، الآن ونحن قاب قوسين أو ادني من انفصال الجنوب نجد ان المصالح تتحكم بصورة كبيرة في مجريات التوجه نحو آلية الانفصال أو الوحدة لدي النخب الجنوبية ، صدقوني ان مسألة التوجه نحو الانفصال أو الوحدة في السودان تحكمها المصالح بدرجة كبيرة ، مصالح سيادية ومصالح أثنية وقبيلة ، ولكن اكبر المصالح في هذا الماعون المتقلب مصلحة ( الجيب ) ، نعم مصلحة الجيب ، ويا جماعة الخير في هذا الزمن الأغبر ( ما فيش عيب في مصلحة الجيب ) فالحركة الشعبية بجلالة قدرها يمكن ان تدفع المليارات من اجل استمالة كادر جنوبي له حضوره لدى العامة من اجل ان يقف في صفها ويستقطب معه مئات الألوف في نهر الاستفتاء المتقلب وناس المؤتمر الوطني يمكن ان يفعلوا نفس السيناريو من اجل زيادة ( كومهم ) ، وكله بأجره ، والشعب المغلوب أجره على الله ، أقول قولي هذا وفي عقلي الخربان حكايات طريفة سردتها للعبد لله صديقة إعلامية ( احتفظ باسمها ) خوفا عليها ، هذه الصديقة تعمل في منظمة أممية و تنتقل بين جوبا والخرطوم بصفة مستمرة وقد أكدت ان ناس الحركة الشعبية يدفعون الملايين ليس بالجنية السوداني التعبان وانما باليورو... والدولار للمناوئين لهم من اجل استقطابهم نحو نهر الانفصال الذي يبدو انه في عنفوانه هذه الايام ، لكن اسمعوني ( يا ناس وحنوا علي ) ، اعتقد ان الدول الكبرى ومعها إسرائيل بنت الذين مصالحها تقتضي ان يكون السودان مليون حتة ، في هذه الحالة يمكن ان نطلق على الوطن مصلحة السودان المشتت .وكله بثمنه .