جميل أن تعلو الأصوات هذه الأيام متحدثة عن ضرورة الغناء الوطني، وجميل أن تظهر مبادرات من مطربين ومطربات، ولأن الحديث في هكذا موضوع لا ولن يتوقف، فمن الضرورة بمكان أن نعود مرة لنقول ما قلناه من قبل، ولكن قبل ذلك دعونا نسأل : إلى أين وصلت مبادرة الفنان الكبير محمد الأمين، التي بشرنا بها وقال فيها إن المرحلة القادمة هي مرحلة الغناء للوطن، ودعونا أيضاً نعيد أسئلتنا التي سبق وأن وجهناها لمن نسميهم كبار الفنانين: أين الأغنية الوطنية من تجاربكم الغنائية؟ وأين أنتم من قضايا الوطن والمجتمع. هي أسئلة قد تبدو صغيرة ولكن إجابتها تكشف عن مآسٍ فنية من الوزن (التقيل)، وتكشف أن الغناء للوطن هو ليس من أولويات الكثير من المطربين ولا المطربات، الذين بات كل همهم البحث عن الثراء والشهرة وغيرهما من مصالح خاصة. نعم الغناء الوطني أصبح هو آخر اهتمامات المعنيين بالفنون، ولا يدخل ولو بنسبة ضئيلة في دائرة إهتماماتهم، لأن المبادرة الوحيدة في هذا الاتجاه كانت قبل عدة سنوات عبر مهرجان الأغنية الوطنية، الذي تبنته ورعته مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم، واشترك فيه مئات المطربين والمطربات من مراكز الشباب وحتى اتحاد الفنانين، وكانت جوائزه بالملايين، وبعد ذلك وضح أنه كان مجرد (فورة أغنيات) ذابت في الهواء، بعد أن استبشرنا خيراً وقتها بذلك السباق الفني المحموم، وبعد أن تجاهلتها أجهزة الإعلام، ربما لعدم جودتها أو أسباب أخرى لا نعلمها، المهم أن المهرجان لم يحقق أهدافه وبعده توقفت المبادرات. لا ننكر أو نزايد على حب كل الفنانين لوطنهم، ولا نتهم أحداً منهم في إحساسه بالوطن وقضاياه، ولكن للأسف بعضهم غير متفاعل مع هذا الحب ولا مع تلك القضايا، وإلا ماذا نقول في خلو الساحة الفنية من أي أغنيات وطنية جديدة؟.. وهل من المقبول أن يكون كل الغناء الوطني الذي تقدمه أجهزتنا الإعلامية هو غناء تم إنتاجه وتقديمه قبل عشرات السنين حتى أصبح من التاريخ؟ خلاصة الشوف: (مثلاً .. مثلاً) لماذا لا يخصص برنامج (نجوم الغد) بقناة النيل الأزرق بعض حلقاته لتنافس المواهب في الأغنيات الوطنية ؟