اليوم (21/3) حملتني أقدامي وحاجتي إلى إدارة القبول بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتوثيق شهادة شقيقتي، بعد الإعلان الذي تبوبت به الصحف السيارة ومواقع التواصل الاجتماعي بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لن توثق أية شهادة غير موضح فيها نوع الدراسة (نظامي / انتساب/ تعليم عن بعد) بعد تاريخ الحادي والثلاثين من مارس من العام الحالي.... ولي قصة ألزمتني الفراش إلى حين تغيُّر خطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتبحث لنا عن ماهية الشكوى التي يصرخ بها خريجو الجامعات المتوقفون عن أشغالهم بغية التوثيق ... منتصف مارس صدر قرار مفاده الآتي (الما بوثق شهادتة قبل يوم 31/3 حتكون لاغية)، هي ترجمة حرفية لما تمخضت عنه الأقاويل عن ماهية القرار أو فلنقل التعميم المرجو الالتزام به، وكانت الاستجابة كما هو متوقع فقد أتى الجميع من كل حدب وصوب حاملين همومهم بين فايلات مسطرة، وحقائب جلدية، أو ظروف ورقية كل بحسب (خبرته)، الجميع يسأل عن بوابة التوثيق، الجميع يستفسر عن الرسوم... ووصلتُ الى الإدارة العامة للقبول الخرطوم.. حسن ظن هو أم غفلة لم أقو على التفسير، حين قرأت تعديل القرار على بوابة إدارة القبول أو لنقل تفسير الإعلان بطريقة خجلى، يفيد التعديل- بحسب قرار المجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي- بتوضيح نوع الدراسة بالشهادات الجامعية، والتي ضمنت في لائحة القبول الفصل السابع الفقرة (2).. وأن القرار لا يعمل بأثر رجعي وأن التعميم الذي وُزِع على الجامعات كان بتاريخ 2 فبراير 2016 واي شهادة استخرجت بعد الأول من أبريل 2016 لن توثق بدون توضيح نوع الدراسة وكل الذين تم استخراج شهادات لهم قبل (1/4/2016) لن يتم التطبيق عليهم بأثر رجعي ولا يسري عليهم القرار ... انتهى ... إدارة القبول أم وزارة التعليم هي التي ننتظر إنصافها، وأسفي حين نتكئ على الوزارة التي خرَّجت الملايين برعاية إداراتها المتناسقة... ولننظر إلى السياسات في إصدار القرارت فأشد من يعاني منها هو المواطن متلقي الخدمة، وأكثر من يتحمل عبئها موظف الإدارة المعنية، والقصد هنا الموظفون بإدارة القبول، وأكبر مخطئ هو من يصيغ القرار بمبعد عن التصويب والمراجعة، ونحن هنا نستغيث استغاثة سائل مواطن فقد طعم كل شيء، ومازال يناله نصيب وافر من الإهمال واللامبالاة... القرار صيغ بطريقة خاطئة أدت إلى تظاهرة توثيقية من الخريجين، وماراثون من العاملين بإدارة القبول، لتولي خدمة ما ينوف عن الألف شهادة أو أكثر تقريباً فقط من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، ساعتان ونصف والجموع الغفيرة تسد أفق الرؤية، تحجب ما تبقى من صبر وتصرخ في وجه كل من يلتمس طريقاً للإجابة والسؤال، ساعتان ونصف موعد إغلاق البوابة لاستلام الشهادة المرادة توثيقها ... الكنز هو أن تسلم شهادتك عند البوابة وتنتظر أن تسمع اسمك مع صيحات مكبرات الصوت، التي تعمل كلها في وقت واحد فتجد نفسك تتلفت في كل الاتجاهات لترتوي بسماع اسمك لتتنفس صعداء أول المشوار، ثم تسمع اسمك بعد انتظار ساعتين كحد أدنى، ومن ثم تتجه إلى النافذة الموسومة بالرقم الذي تكتمل فيه إجراءات توثيق شهادتك، وهنا نقف موقف صمت حداداً على ما وصلنا اليه من سوء تنظيم وهمجية... رسالتي هنا إلى الخريجين الذين يحملون مؤهلات جامعية ونفترض نيلهم نصيباً من النضج، ولكن أسفي أن ما يفعله الخريجون جدٌ مؤلم، فالصرخات المتتالية والازدحام أمام النوافذ المخصصة لتلقي الخدمة، والكثير الذي تعجز عنه مساحتنا عن سرد واقعه المزري، ونتغاضى هنا عن حالات الازدحام المقصودة من المرضى الذين يجدون في تلكم المواقف متنفساً لهم، الجميع باستثناءات بسيطة جداً كان يسعى للوصول متجاهلاً الجموع الغفيرة التي تقف أمامه ولك أن تتخيل عزيزي القارئ مأساة وزارة تعليم عالي، لم تستطع أن تهذب تلقي خدمة لخريجيها وتعمدت إذلالهم (ومسكهم من اليد البتوجعهم) فليس لها وجيع وزارتنا الحالمة .... وكانت ثورة التعليم العالي متوافقة مع عدد طالبي التأهيل، فخرجت الملايين وصدَّرتهم لخارج البلاد، وعندما أفلست وليس لنا تفسير غير ذلك- بغض النظر عن التفسير الذي انتهجته الوزارة- وهو أن تطبيق القرار أتى متزامناً بالطلب من جهات خارجية لأغراض التقويم والعمل(بضرورة توضيح نظام ومدة ومكان الدراسة) التي أصبحت قبلة الخريجين للسفر بغية إيجاد عمل يسد حاجتهم ويستوعب إمكاناتهم... ونقول إن الوزارة أحق بالغنيمة، فمثلما يحدث في كل المصالح التي تقدم خدمة مباشرة للمواطن بحفلة شواء من جلدنا، كان لابد للوزارة التي تلتزم بالمحطة الأولى في تأهيل العمالة المصدرة إلى الخارج، وأن يكون لها نصيب من ورق البنكنوت، وبرغم كل شيء إلا أن نصيب الوزارة كان قليلاً، فالتوثيق فقط (15) جنية لا غير .... الساعة الثالثة كان آخر المودعين لمبنى إدارة القبول، والساعة الواحدة والنصف كانت موعد وجبة إفطار الموظفين، موظفون بأصابع اليد مطلوب منهم تأدية خدمة لأكثر من ألف مواطن، بتركيز ومراجعة وختم، هناك من بُحَّ صوته وهناك من فقد القدرة على الحديث والشرح، ومنهم من جلس مغشياً عليه ينظر لحال الخريجين متحسراً، ومنهم من يعاونه الضحك على تخطي أسوأ الظروف، والبقية تصرخ في محاولات مستميتة طلباً من الجميع النظام، ومتلقيّ الخدمة مازالوا في انتظارهم يتساءلون يترددون يفقدون القدرة على الصبر يتوهون بين النوافذ ... وفي خضم كل هذا تصبح الشهادات المراد توثيقها هزيلة بائسة تشكو حالها لكل من يراها ولسان حزنها يقول ( يا ريتني ما اتخرجت) ... سنقول ليس لنا في القرار يدٌ، ولكن لنا في حسن السلوك ألف يد، فإدارة القبول تقدم خدمة لمختلف الدرجات العلمية، وتنظر لهم بعين احترام، ولكن في قرارها الصادم مؤخراً رمٌت بالجميع في سلة واحدة من غير تميٌز من غير تفكير، وكان العنوان هو مهزلة التوثيق ... كسرة، وأخيراً استملتُ شهادة شقيقتي موثقة من الموظف وهو يتصبب تعباً، ويتنفس ألماً ... داخل الاطار ... وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي د. سمية أبوكشوة، منكِ الرجاء بتعميم قرار التوضيح ليتنسى للمواطن تلقي الخدمة والموظف العمل وفقاً لتفانيه ... موظفو إدارة التأليم( الله يصبركم .. ) خريجو السودان (كان الله في عون صبركم).