فردوس في العقد الثالث من عمرها (فاقدة الأبوين)، أكملت فترة إقامتها في دار المايقوما بكل ما في هذه الدار من تفاصيل شخصية تخص المقيم بها، ثم تبنتها أسرة بديلة من ابوين ضاقت بهم سبل الإنجاب، فبحثوا عن ابن يورثانه معاني الحب والحنان أجراً لعمريهما القارب على نهايته، الممتلئ بالمال وخالي من البنون.. كبرت فردوس وتعلمت واندمجت في جو هذه الأسرة التي صارت كل دنياها منذ أن خرجت من مجتمع ضيق تسوده الرأفة والتسامح- (المايقوما)- الى مجتمع أكثر رحابة يضيق بفكرة (اللقيط) كماً وكيفاً.. فكانت حذرة في تعاملها مع الآخرين خوفاً من نظرتهم لها، مرت الأيام حتى اشتد عودها وتوفي والديها في حادث مرور، فارتطمت بجدار الوحدة من جديد، تقدم لخطبتها أحد معارف والدها وتزوجها فانجبت بنتين وولد قرت بهم عينيها، فحاولت جاهدة أن تعلمهم وتحسن تربيتهم وتكمل نواقص أحاسيسهم بما فقدته من رعاية وحب أسري، فكانوا مثالاً للأدب والتهذيب منذ بواكير طفولتهم، وعندما دخل الابن الأكبر المدرسه صار أقرانه يعيرونه بأمه، مما دفع الابن لترك المدرسة هروباً من هذه الكلمة.. حتى اضطرت الأسرة للرحيل بعيداً، فلماذا يصر المجتمع على رفع كرباج الاتهام بالفاحشة على وجهه كلما أراد الاندماج في بيئته والتفاعل معها كفرد له حقوق وواجبات.. ومن هو المواطن غير الصالح في نظر هذا المجتمع الذي يحاكم دون مراعاة لنفسية اللقيط الحساسة. الفاقده للثقة.. ماهي خصائصه وسماته العامة لنلصق به كل إسقاطات أم وأب كان كل همه نشوة أتت سكرة وصارت فكرة لشخص لفظه المجتمع بكل قسوة، لماذا يهدم المجتمع بنيان فاقدي الأبوين بمعاول الشتم والسب بقول (ود أو بنت الحرام)على كل من يحاول أن يرتقي بذاته ممطياً صهوة ثقته في ربه ونفسه، نلاحظ أن أكثر فاقدي الأبوين حاقدين على المجتمع لذلك يمارس أغلبهم لعبة الخروج عن المألوف بترك التعليم واعتناق هوايات ووسائل هدامة في المجتمع كالسرقة، والانفلات الأخلاقي، ليكملون خطوط لوحة فاشلة لرسم بدأ خاطئاً، واكتمل بذات الخطأ، فقد فلت الجاني- (الأم والأب)- من زمام المجتمع ليقلد الابن اللقيط تاج الفاحشة وراثة حتى يعاقب عليها. سوسنة يا وطن ولدك اجهض ثوابت عزتك قطع الدثار الكان ملفح همتك لبس العقوق ثوباً مشرط روعتك