وصف خبراء ومحللون اقتصاديون التصريحات الإيجابية التي يطلقها المسؤولون عن قطاع السكر في البلاد، بالبالونات السياسية المملوءة بالهواء ليس إلا، وقالوا إنه لا مكان لها في الواقع، وألمح الخبراء إلى أن الدولة لديها مآرب سياسية خفية في عدم تحرير سلعة السكر، فيما كشف خبراء آخرون عن أسطورة مشروع سكر النيل الأبيض التي تستبق الأحداث، وقالوا عنه إنه مهدد بعدة تحديات تواجه إنتاجيته، أبرزها عملية التمويل التي لم تكتمل بعد، إضافة إلى إشكالية الري وشح المياه لكونه مشروعاً إستراتيجياً ضخماً، يحتاج إلى كميات هائلة من المياه، علاوة على حاجة المشروع إلى قيادي وإداري متمرس ومتمكن، ذي خبرات عالية لإدارته.. ولاستجلاء المزيد من الحقائق في شأن الأزمة المتجددة لسكر الصناعات من ناحية أصحاب الصلة بالأمر، أكد الأستاذ عبد الله الطيب الهادي المدير العام لشركة اتحاد الغرف الصناعية، أن الارتفاع العالمي لسلعة السكر والاستقرار النسبي بالداخل، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار، تعد الأسباب الرئيسية في تأرجح أسعاره ما بين الاستقرار والارتفاع المفاجيء له في الفترة الأخيرة، وأقر الهادي بتأزم الموقف لسلعة السكر، مطالباً الدولة بضرورة استصدار قرار وزاري قوي وشجاع لحل الإشكالية العالقة لسكر الصناعات بالبلاد، مؤكداً في ذات الوقت احتياج البلاد إلى استيراد كميات كبيرة منه بغرض سد الفجوة والعجز في المصانع، معترفاً بضعف الإنتاج المحلي، وقال إن حاجتنا من السكر تقدر بحوالي 240 ألف طن في العام، وزاد إلا أن الاستهلاك المحلي حالياً تجاوز ال1.600 طن، وكشف المدير العام ل«آخر لحظة» أن المتوفر في الوقت الراهن من الإنتاج المحلي في كل من شركة السكر السودانية وكنانة، مع اعتبار دخول مصنع النيل الأبيض، لا يتعدى المليون طن في أحسن الحالات، مشيراً إلى أن الفجوة في السكر خلال العام الماضي بلغت 600 ألف طن، وأوضح الهادي أن الإشكالية التي تواجه عملية استيراد السكر لا تزال قائمة بحسبان انعدام الموازنة ما بين استيراد وشراء السكر من الخارج بأسعار مرتفعة، والاصطدام بمطبات انخفاض الأسعار بالداخل، داعياً إلى أهمية النظر العميق والفاحص لخلق نوع من المعالجات المناسبة لعدم التوازن، كما دعا الدولة لإحداث مقدار من الوفرة لهذه السلعة الضرورية بالرغم من مجابهة الدولة لمشاكل في شح العملة الحرة وضعف عائدات البترول والصادرات، وأضاف أن مجمل هذه الأشياء لا تغطي الاحتياجات الأساسية، ولا يمكن للدولة والقطاع الخاص مجابهتها بمفردهم، ودعا المديرالعام كافة المواطنين إلى ضرورة التكيف مع الأوضاع والتفهم للحالات والتعامل مع عملية الارتفاع لكافة السلع الغذائية والاستهلاكية على أنه أمر وواقع أصبح معاشاً ولا مناص منه، مشدداً على أهمية الترشيد في كافة مناحي الحياة بحسبان الدخل المحدود للأسر لمقابلة الارتفاع في الأسعار بالأسواق، وطالب عبد الله الطيب المسؤولين والمعنيين بالشأن بضرورة تحرير سلعة السكر أسوة بما حدث للدواء والقمح، فيما تترك آلية أسعاره ليتحكم فيها السعر العالمي، مع مراعاة الرقابة المستمرة. وقال خبير اقتصادي ومراقب في شؤون الصناعات الغذائية- طالب بحجب اسمه- إن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بالوفرة أو الاكتفاء في أية سلعة كانت، وأضاف أحياناً تكون هناك زيادة في مدخلات الإنتاج، وأشار إلى أن الزيادة المباغتة في سعر الدولار الجمركي لها آثار سالبة على كافة السلع الاستهلاكية، والتي يتضرر منها المواطن بصورة مباشرة. وبصم الخبير الاقتصادي على سياسة الدولة لاختيار شركة السكر السودانية وكنانة لعمليات الاستيراد، وقال إنها في تقديري سياسة وفكرة جيدة لكونها تمنع الفوضى وتخلق نوعاً من الانضباط بالأسواق، مشيداً بعملية المراقبة والفحص من قبل هيئة المواصفات لكونها تتحقق من سلامة البضائع الواردة والمحلية، فيما انتقد المراقب الاقتصادي دور هيئة حماية المستهلك من الناحية الرقابية، وقال إن ما تقوم به لا يتعدى الجولات التفتيشية بين الحين والآخر.