على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها وتطوير اسطولها ،وكذلك النقلة الهائلة في مجال البنيات الأساسية المساعدة ،حيث تمكنت الشركة من شراء عمارة ضخمة في موقع استراتيجي بمدينة بورتسودان كمقر لرئاستها ومكاتب لإدارتها وشركاتها الفرعية، وكذلك تشييد مخازن للبضائع ومستودعات للحاويات بالقرب من ميناء بورتسودان، وتشييد عمارة ضخمة بوسط الخرطوم في مجال الاستثمار لدعم إيرادات الشركة وليس استخدامها مكاتب، حيث قام أحد المدراء في عام1996م بنقل مقر رئاسة الشركة لتشغل هذه العمارة الاستثمارية ليبقى سيادته بالخرطوم ولتكون رئاسة الشركة بعيدة عن أصولها ومواقع عملها !!وكذلك امتلاك الشركة لمكاتب في لندن وهامبردج وامتلاكها لأكثر من ألفي حاوية بالمواصفات العالمية وشاحنات لترحيلها من وإلى الميناء ،كما تميزت الشركة في تنوع أعمالها وتعدد مصادر ايراداتها بإنشاء عدة شركات فرعية مكملة لنشاطها الأساسي في النقل البحري وعلى رأس تلك الشركات التوكيلات الملاحية، وحصول الشركة على ثقة كبريات شركات النقل البحري واعتمادها كوكيل لبواخرها في عمليات الشحن والتفريغ والخدمات الأخرى بميناء بورتسودان، كما وأن الشركة في سبيل تطوير أعمالها والتوسع مستقبلاً للمساهمة في نقل صادرات خام البترول ومشتقاته، دخلت في اتفاقية مع الشركة الماليزية للنقل البحري. إحدى شركات مجموعة بتروناس الماليزية ،وبموجب تلك الإتفاقية أنشئت شركة (سودان لاين مسك العالمية) للنقل البحري وتمتلك شركة الخطوط البحرية السودانية 51% من الأسهم والشركة الماليزية 49% وحدد مقرها السودان وتعمل وفق قانون الاستثمار كناقل وطني (ثاني) وتهدف الشراكة الى تشجيع وتنشيط حركة نقل الصادرات والواردات بين المواني السودانية ومختلف المواني العالمية ،كنشاط رئيسي والتوسع مستقبلاً للمساهمة في نقل صادرات البترول وبدأت الشركة نشاطها في أبريل 2006م . وحققت معدلات قياسية ونجاحات كبيرة، وأصبحت تشكل إضافة نوعية للخدمة المتميزة للعملاء والمصدرين والمستوردين بواسطة الحاويات، واعتمدت الشركة في نشاطها على تأجير السفن في المرحلة الأولى، ولكن أصابها ما أصاب الشركة الأم !! لقد ظلت الخطوط البحرية السودانية ترفع علم السودان خفاقاً في موانئ العالم، وتحمل سفنها أسماء تعبر عن الوحدة الوطنية (نيالا، سنار، دار فور، الخرطوم، لجزيرة، الأبيض، أم درمان، القضارف، الضعين، دنقلا، مروي، شندي، مريدي..) وغير ذلك من الأسماء التي ترمز للوحدة بين أجزاء السودان. ولا يخالجني أدني شك في أن متخذي القرار الكارثة بتصفية الشركة لا يدركون قيمتها ومكانتها المرموقة، والسمعة الطيبة التي نالتها في عالم البحار والمواني ،حيث أن المنظمات العالمية التي ترعى الشؤون البرية مثل منظمة (الانكتاد) قالت في وصفها ما معناه (أنها شركة ناجحة ومتميزة على الرغم من صغر حجم أسطولها) ومنحتها درع التميز تقديراً لها كخط وطني منتظم ولالتزام بواخرها باشتراطات السلامة والمظهر بل حتى شركات (البوهيات) العالمية كانت تقوم بالترويج لأعمالها بدعوة عملائها للوقوف على مستوى خدماتها من خلال أعمال الطلاء لبواخر الخطوط البحرية السودانية، والتي كانت تلقب في المواني الأوروبية (بالخضر) فضلاً عن حصول أطقمها على ثقة الشركات والتجار في الحفاظ على سلامة منقولاتهم من التلف أو الفقدان أو التلاعب كما يحدث في كثير من بواخر الشركات الأخرى . أما قمة التقدير والاحترام والإعجاب، فقد تجلى في عزف السلام الجمهوري السوداني لبواخر الشركة عند دخولها المواني الأوروبية.. صاحب هذا القلم يشهد الله تعالى على كفاءة وتميز الشركة لا سيما في مجال عمليات الشحن والتفريغ ،وتحديداً تفريغ بواخر السكر- مجال عملي آنذاك لأكثر من عشرة أعوام متصلة 1976-1987م وتم تحقيق ملايين الدولارات للخزينة العامة كحافز سرعة تفريغ بدلاً من الغرامات الدولارية، التي كان يمكن أن تتحملها الخزينة العامة في حالة تأخير التفريغ عن الزمن المحدد لكل باخرة، كما هو معلوم في التعامل البحري وإذا تجاوزنا عن قرار مجلس الوزراء الموقر بالرقم 224 لسنة 2002م المشار اليها آنفاً والذي يؤكد أهمية وجود ناقل وطني كجزء من الأمن القومي للبلاد، والتوجيه بدعم الشركة وتقديم كل الضمانات الممكنة لما يساعدها على إنفاذ خططها، فإن فخامة رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير قد أعلن من خلال مخاطبته اللقاء النوعي الحاشد بقاعة المزارعين بودمدني – في ديسمبر الماضي إبّان افتتاحه مهرجان الجزيرة الأول للسياحة والتسوق وعبر خطاب مطول لتناول كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية أعلن الرئيس عن شراء سفن جديدة للخطوط البحرية السودانية وطائرات للخطوط الجوية السودانية، إلا أنه من الواضح الجلي أن سيف لجنة التصرف في مرافق القطاع العام لا يرى ولا يسمع ولا ينوي إنزال سيفه إلا بعد القضاء على كل مؤسسات القطاع العام الناجح منها قبل الخامل، من يحمي الخطوط البحرية السودانية الناقل الوطني من هذا السيف البتار؟!!! والله من وراء القصد