في كل بقعة من هذا الوطن توجد شخصيات مميزة ومبدعة، ومن هذه الشخصيات ومن أوائلها على الإطلاق المرحوم الزعيم محي الدين مكي من منطقة الكرد محلية الدبة.. ومناسبة هذا الحديث إنني قد علمت أن الباحث المبدع داراب يقوم هذه الأيام بإعداد كتاب توثيقي عن الزعيم محي الدين.. وسوف أتطرق في هذه المساحة المحدودة إلى ثلاثة جزئيات.. أولها حديث عن الزعيم ثم عن المؤلف داراب، ثم عن مياه الكرد التي تمثل محطة مهمة في مياه الزعيم.. ونقول أولاً إن كلمة الزعيم قد التصقت باسم المرحوم محي الدين مكي أبو شامة منذ فترة الاستقلال، حيث كان من الشخصيات الوطنية القومية، وقد كان الزعيم الأزهري يكن له تقديراً وينزل بداره في حله وترحاله، وقد ظلت تلك الدار ملتقى لكل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني، وهي مفتوحة على مدار اليوم بكرم حاتمي مشهود وكانت مصحوبة ببشاشة صاحبها وتواضعه وبساطته واستقباله الرائع لكل قادم حتى ولو لم يلتقِ به من قبل. وصالون الزعيم قد أصبح شبيهاً بالمتحف فكل جدرانه مزينة بصور نادرة من فترة الاستقلال، كما تشمل إحدى جنباته قسماً خاصاً عن شهادات تكريمه وهي بالعشرات إن لم نقل بالمئات في كل العهود، وقد قضى الزعيم كل حياته في خدمة الوطن والناس والأهل وأصبحت ذكراه العطرة باقية. أما مؤلف الكتاب المزمع إصداره هو الأستاذ داراب، وهو أديب وباحث وموثق.. وهو من الشباب المثقف ويملك موهبة نادرة في مجالات الصحافة والأدب والثقافة والبحوث.. فهو صاحب صحيفة (نبتة) الثقافية الاجتماعية التي توقفت لظروف خاصة وسوف تعاود الإصدار بصورة جديدة.. وهو مؤلف كتاب (حسونة شاعر الأكابر) وحسونة هو شاعر الشايقية الأول وكتاب (روائع أحمدون) شاعر دنقلا العجوز وكتاب (مدارج الشموخ) وهو يشمل ملحمة تاريخية شعرية.. أن الأستاذ داراب له باع في مجال التوثيق الشعبي ونفض الغبار عن من لم ينالوا حظهم من التوثيق. أما محطة مياه الكرد وقد عثر الكاتب على وثيقة خطها الزعيم أفاد فيها بأنها أول محطة مياه بالولاية الشمالية.. وأشار إلى أن ضابطاً شاباً يقوم بأعباء مساعد المحافظة للمنطقة، وقد ذكرني بالاسم قد قام بافتتاحها قبل أربعين عاماً، وهي محطة قامت بجهد الزعيم، وقد استغرب الناس في ذلك الوقت في إنشاء المحطة لأن محطات المياه بالصهاريج كانت تنشأ فقط في مناطق العطش بغرب السودان. إن محطة مياه الكرد بمحلية الكرد أول محطة مياه بالولاية الشمالية، وأن أهل الكرد أول من حطي بالمواسير في منازلهم.