منتجع جبل الست القابع وسط الجبال في مدينة اركويت تقول قصته إن زوجة الحاكم العام الانجليزي كانت تذهب بصورة دائمة وتقف متأملة هذا الجبل، ومن هنا أطلق عليه منتجع جبل الست.. رحلة طويلة- من مقر إقامتنا في المنتجع الذي شهد انعقاد ملتقى وزراء مدراء السياحة بالولايات- الى الجبل حيث لا يستطيع اي شخص إلا أن يقف متعجباً مندهشاً مأخوذاً من منظر الجبل المحاط بالضباب، وكثيراً ما كنت أعتقد أن مثل هذه الظواهر لا يمكن أن نشاهدها إلا في اوربا وأمريكا، سحرني منظر الجبل بكل ما تحمل الكلمة من معنى، رغم مشقة الطريق إليه وسط الجبال، ورغم جمال الطبيعة، إلا أن المكان يبدو موحشاً خالياً من الحياة إلا من بعض المساكن هنا وهناك، حيث لا يقع نظرك إلا على الصخور المترامية في كل مكان تعلوها أشجار الصبار مما جعل الحياة تبدو قاسية في هذا المكان، لكن سحر أجوائه لا يقاوم، لفت نظري منظر أحد الصخور يوحي اليك أنه يوشك أن يسقط لكنه ثابت، كثبات إنسان تلك المنطقة، ترجلنا من السيارات واتجهنا صوب الجبل الذي يقع أسفل المنطقة التي نقف فيها على بعد مسافة لسيت بالقريبة، ويفصلنا عنه سور، وقفنا متأملين وحالنا يحاكي حال زوجة الحاكم العام، تجولنا في المكان، العم حامد بجسده النحيل جسد بساطة أهل الشرق وطيبتهم، وهو يعمل حارساً للمنشآت حول الجبل، يصنع قهوة أهل الشرق المشهورة، دعانا للجلوس واحتساء القهوة، لكن الزمن لم يسعفنا، لكن حملنا رسالة الى الوالي وقال إنه يحتاج الى مسكن ليقيم فيه شاكياً من برودة الطقس هناك بعد أن أكملنا جولتنا اتجهنا صوب مزار أمير الشرق البطل القائد عثمان دقنة، الذي يقبع أعلى أحد الجبال، منظره أعادني الى حقب تاريخية شهدت بطولات أجدادنا الذين لم يتوانوا في الدفاع عن هذا الوطن ومقاومة الاستعمار، أجواء المزار من الداخل تشعرك بهيبة هذا الرجل وتنقلك الى أجواء الثورة المهدية.. النزل السياحية التي أقمنا فيها يعود تاريخ البعض منها الى فترة الانجليز في السودان، مباني تاريخية رائعة الجمال على الرغم من إدخال بعض لمسات الحداثة عليها. تحديات السياحة: وزير السياحة محمد ابو زيد بدأ متحمساً وهو يلقي كلمته أمام الملتقى، يبدو أنه تأثر بسحر تلك المناطق، وقال في هذا الملتقى تلتقي الإرادات إرادة رئاسة الجمهورية، وإرادة الوزارة الاتحادية، وإرادة الولايات والقطاع الخاص، قائلاً إنها تتجه نحو هدف واحد السياحة، واصفاً الأمر (بانتشال هذا الغريق الى بر الأمان ) وأضاف قائلاً: ومن ثم تنميته وتربيته ليصبح عملاقاً واعتبر الملتقى بدابة الطريق.. وقال الأمر الثاني هو الفرص مبيناً بقوله نحن في عالم الاقتصاد الذي تشكل فيه التنافسية عنصراً مهماً.. مشيراً الى أن الفرص تحتاج الى عناصر تحركها وقال إن السودان يتمتع بفرص واسعة ووافرة، نستطيع من خلالها أن ننافس ونتقدم ونكسب الميداليات والكؤوس.. وقال إن السودان الآن يمتلئ سياحة من أنهار وصحارى وحضارة وتاريخ وحياة برية.. مشيراً الى أن هذا التنوع غير موجود في اي بلد في العالم، لكنه شكا من تحديات تواجه العمل السياحي.. وقال إن الماهر من يتقلب على التحديات والعاجز يقف أمام كل حاجز قائلاً إن التحديات ليست بالسهلة، لكن نستطيع أن نتجاوزها ونحطمها واعتبر البنيات الأساسية للسياحة، أهم التحديات خاصة الطرق وتوفير الخدمات من كهرباء ومياه نظيفة، ومن ثم الفنادق والمنتجعات والمتنزهات، شاكياً من الأعباء الضريبية والبروقراطية وصعوبة الحصول على التأشيرة وصعوبة الحركة، وقال لا نستطيع تجاوز هذه العقبات إلا عبر التنسيق بين كل شركاء السياحة لقناعتنا أن السياحة تنهض بالبلاد اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.. وقال إن المشروع النهضوي في مجال السياحة نراه قريباً وليس ببعيد.. مشيراً الى أن السودان يمتلك ميزة سياحية في كل ولاية من ولايات السودان. قال مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد: إن انعقاد المتلقى في هذا التوقيت له دلالات.. مشيراً لفوائده على الاقتصاد والمجتمعات وأكد أن السياحة حظيت بنقاشات مستفيضة في لجان الحوار الوطني.. وقال: إن الملتقى سيحاول إيجاد حلول عملية لمشاكل ومعوقات السياحة. النهضة السياحية: من جانبه قال والي البحر الأحمر علي أحمد حامد: إن السياحة صناعة وتحتاج الى جهد مشترك ورؤية، وأضاف نحن أصحاب الحق في وضع الرؤية لتحقيق النجاح المطلوب، وقال إن المناخ المتوفر يؤهلنا لنهضة سياحية، داعياً كل الجهات للنقاش لحل المشكلات والمعوقات عبر وضع أسس واضحة بمشاركة المجتمع.. وقال إن أهم معالم الخطة التوافق حول كيفية إعداد البلاد لمستقبل نشاط سياحي كبير، واعتبرها مهمة شاقة.. مشيراً الى أن قطاعاً كبيراً من المجتمع والمؤسسات الرسمية غير مقتنعة بجدوى السياحة ووصفها بالمشكلة الحقيقية.. داعياً الى أهمية تغيير فهم هؤلاء في هذا الإطار وقال إن السودان يوجد به تنوع سياحي يندر أن يوجد في بلد واحد.. قائلاً إن السودان لا يحتاج الى بترول فقط للزراعة والسياحة قائلاً: هذا ما قاله خبراء في الاقتصاد.. وأضاف إن التحدي الذي يواجه السودان الآن كيفية الاستفادة من هذه المقومات.. داعياً الى إعداد البلد خاصة مؤسسات الدولة من حيث التشريعات والاجراءات.. مشدداً على أهمية التوازن بين تبسيط الاجراءات ودخول السياح وحفظ الأمن قائلاً: إن السياحة انهارت في بعض الدول بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة.. مشيراً الى مبادرة الولاية لإنشاء شركات مساهمة عامة منها شركة سياحية.. داعياً الولايات لتحذو حذوهم عبر منح الاستثمارات ميزات نسبية خاصة الأراضي المجانية لإقامة مناطق سياحية، توفر ايرادات يومية وحمل الدولة مسؤولية اقامة البنى التحتية.. داعياً وزارة الخارجية الى تبسيط اجراءات الدخول الى السودان، ومن ثم الالتفات للترويج السياحي ووصفها بالمهمة الصعبة جداً إلا أنه قال قطعنا فيه شوطاً كبيراً.. وقال إن الترويج يشترك فيه جهد الدولة والقطاع الخاص. مورد متجدد: وزير السياحة بالبحر الأحمر صالح صلاح صالح قال: إن الولاية اهتمت بوسائل النقل السياحي لتسهيل حركة السواح وقال إن الولاية أصبحت وجهة رئيسية لسواح الداخل لتوفر كل ما يحتاجه السائح من وسائل نقل والمواقع السياحية والايواء.. وقال إن الكل يتفق أن السياحة مورد اقتصادي مهم ومتجدد، ولكنه يحتاج الى اتفاق وآليه ورؤية وطنية واضحة للاستفادة منه بشكل كبير عبر جلب السواح الأجانب الذين يدرون عائداً كبيراً من العملات الصعبة.. وقال إن الاقتصاد اليوم في أمس الحاجة لها.. مشيراً الى أن السودان يتميز بكل المقومات السياحية المتنوعة والمتعددة من بحار والجزر والسواحل والسهول والاودية والجبال والأنهار والشلالات وغيرها، ما يجعل السودان من أكثر الدول التي تجذب السائح، وأكد أن العمل السياحي يحتاج لرؤية تروجية واضحة وعكس المقومات في المعارض السياحية العالمية. 740 الف سائح: وقال وكيل وزارة السياحة جراهام عبد القادر إن الملتقى الذي يعقد باركويت في الفترة من 15- 16 مايو هو استمرار لملتقيات عقدت، وهذا هو الملتقى السادس، مشيراً الى أن الملتقى الذي عقد في العام الماضي في ولاية الجزيرة خرج ب 15 توصية مهمة منها 9 توصيات معنية بالولايات، و5 معنية بالوزارة الاتحادية وتوصية عامة ترتبط بالبنيات التحتية فيما يتعلق بالتوصيات التي تعنيها، قامت الوزارة بانفاذ التوصية الخاصة بتوسيع الترويج، وقال شاركنا خلال الفترة من مارس 2015 الى مارس 2016 في 9 معارض دولية عبر مشاركة واسعة من قبل القطاع الخاص، وتجاوز عدد المشاركين 55 مشاركاً في معارض في المانيا واسبانيا وموسكو وتركيا، وعدد المشاركات في الورش والندوات والملتقيات الدولية تجاوز 18 ملتقى، وما نود أن نصل اليه في هذا الملتقى أن نتوافق جميعاً على عمليات الترويج المشترك في الخارج لتحسين صورة السودان، وهذا من شأنه أن يحقق مزيداً من الايرادات وخاصة نحن في منحنى اقتصادي مهم، يتطلب أن تكون السياحة رافد أساسياً للاقتصاد السوداني، وأيضاً لا يمكن أن نروج بمعزل عن موارد بشرية مقتدرة على خدمة السواح، وتقديم المعلومات المناسبة لذلك نستهدف هذا العام تدريب 1000 مرشد سياحي وقد بدأنا الآن، حيث قاربنا نحو 150 مرشداً خلال الربع الأول وسنوالي ذلك الى نهاية العام، وأكد أن المشاركات في المعارض الداخلية تواجه اشكالات، مشيراً الى أنها تقام في وقت واحد في كثير من الولايات.. ما يربك السواح ولا نستطع أن نسوق خارجياً بطريق إيجابية وأتوقع أن نخرج من هذا الملتقى باتفاق لترتيب هذه المعارض، وهياكل إدارات السياحة في الولايات المختلفة، بالإضافة لتأسيس البنيات التحتية في المقاصد السياحية في الولايات والتوافق على القوانين واللوائح التي تخدم السياحة، وبتخفيض الجبايات على مؤسسات السياحة المختلفة، لأنها ترفع من أسعار الخدمة هناك شكالية تتعلق بالقدوم السياحي للسودان واجراءات التأشيرة وحركة السائح داخل السودان، نود أيضاً أن نخرج بمواءمة ونظام يوفق بين الأمن الوطني وزيادة القدوم السياحي للسودان، ومراجعة مصفوفات ما تم اتخاذه من قرارات العام الماضي، مشاركاتنا الخارجية في الأعوام الماضية زادت نسبة القدوم السياحي بنسبة 7% عدد السواح عام 2015 وصل الى 740 الف سائح محققاً إيرادات في حدود 930 مليون دولار، وهذا ليس ما يرضينا لدينا بشريات ومؤشرات للخطة الخمسية حتى العام 2020 بمبررات ومسوقات إيجابية، بعض الولايات نشطة الآن وبعضها يظل في مرحلة السياحة الكامنة، وأخرى في مرحلة خارطة الطريق بعض الولايات لا نستطيع أن نتقدم فيها بخطوات واسعة في مجال السياحة خاصة التي تمر بظروف أمنية وبعضها توفرت فيها بنيات تحتية معقولة، نستطيع أن نتحرك فيها بصورة نشطة وأخرى تعتمد على ولايات مجاورة، وهذه تسمى ولايات كامنة وعليه لا نستطيع أن نقول إننا في حالة الرضى بالنسبة للقدوم السياحي، لكن نستطيع أن نقفز بخطوات ثابتة ومرضية.