هل تستفيد الحكومة من الورقة الأخيرة أم تضيع سداً مثل سابقاتها، كانت الإدارة الأمريكية في حاجة ملحة لإرضاء الداخل الأمريكي لتحقيق إنجاز ملموس في أفريقيا وخاصة في السودان، ورمت بكل ثقلها ومن خلفها كل آليات الأممالمتحدة والإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوروبي، وحيدت الكثير من الدول العربية واستفردت بحكومة السودان ومارست سياسة العصا دون الجزرة حتى جعلت حكومة السودان توقع على الكثير من الإتفاقات دون رضاها لفك الحصار المفروض عليها، وكل قرار وقعته حكومة السودان كان من خلفه وعد أمريكي ووعود أممية أوروبية، لكن كل الوعود راحت أدراج الرياح، وسوف تبقى أخطارها خنجراً في خاصرة البلاد لزمن طويل، وأحسب أن الدبلوماسية السودانية أدارت أزمة غير متكافئة بامكانات البلاد المتواضعة مع أقوى الأنظمة العالمية، وأن بقاء السودان حتى الآن يعد نصراً مؤزراً لحكومته ولشعبه، ورغم الظلم والجور الذي تجرعنا سمومه من الولاياتالمتحدةالأمريكية وآلياتها الذي أدى إلى بتر الجزء الجنوبي من بلادنا، بأماني لم يتحقق منها إي شيء حتى للجنوبيين، فلقد أكدت الولاياتالمتحدةللجنوبيين أنهم بعد الإنفصال سوف تكون دولتهم ملجأ لأبناء أفريقيا لما سوف يتمتعون به من خير وفير، ونهضة كبيرة تنقلهم إلى مصافي الدول المتقدمة في أوروبا . ولكن مافتئت دولتهم وما أفاقوا من نشوة الإنتصار الزائف حتى تخلت الدول الكبرى من كل وعودها لهم واشتعلت الحرب القبلية التي أفرزت ضحايا في عام واحد أكثر من الحرب التي استمرت عشرين عاماً بين الجيش والمتمردين الجنوبيين . نحن لا نبكي على اللبن المسكوب، بل نقول للجنوبيين دون تردد ولا ندم مبروك عليكم دولتكم، ونتمنى أن نتعاون كجيران، وأن تنشغلوا بشأن بلادكم وأن ترفعوا أيديكم من الحركات المسلحة السودانية وأن توقفوا دعمكم لها وإيوائكم لها، فالزمان ليس كالزمان السابق، والعالم الآن في حاجة لحكومة قوية في السودان، وذلك بلغة المصالح فلقد إشتعلت الحروب في الشرق الأوسط من جراء الثورات التي أفشلت ولم تحقق لشعوبها الإنعتاق، بل خربت ديارهم ويتمت أطفالهم، وشردتهم وهذا مربط الفرس، وبالإضافة للهجرات الأفريقية بسبب الفقر والبحث عن حياة أفضل التي ما عادت أوروبا وأمريكا بحاجة إليهم، لهذا أصبحوا راغبين بوقف تلك الهجرات التي أصبحت تمثل مهدداً أمنياً بأوروبا وأمريكا . موقع السودان الاستراتيجي والآمن، جعل منه طريقاً للهجرات ولتجارة البشر التي أصبحت مهدداً خطيراً على أوروبا وأمريكا، وفجأة طلبت أمريكا وأوروبا ود حكومة السودان بالمساعدة في وقف هذه الهجرات، فهذا ما سيجعل حكومة السودان في موقف قوي ولمحاربة هذه الهجرات، لابد من دعم حكومة السودان من عدة مناحي أمنية واقتصادية، وبطبيعة الحال السودان بلد مضياف وله من الموارد ما يمكنه من إمتصاص وتقليل كثافة الهجرة . على الدبلوماسية السودانية أن توضح أسباب عدم تمكن السودان من محاربة ظاهرة الإتجار بالبشر، والحد من الهجرة إلى أوروبا وأمريكيا بسبب إنشغال القوات المسلحة وحرس الحدود بمحاربة الحركات المسلحة، التي تتخذ من جنوب السودان منطلقاً لعملياتها العسكرية وعدم انصياعها لعملية السلام المطروحة في البلاد، والسبب الثاني هو الحصار الإقتصادي المفروض على البلاد من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، رغم إيفاء الحكومة بكل التزاماتها وزوال كل أسبابه وهاهو الجنوب وقد وقع الإتفاقيات مع الشمال وتم الإنفصال، وانتهت الحرب بين الشمال والجنوب عملياً وهاهي دارفور تنعم بالأمن والإستقرار، وبدأت عجلة التنمية تتحرك في ربوعها المختلفة، وبالسودان الآن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها كافة ألوان الطيف السياسي المختلفة، وهاهو السودان يشهد إنفتاح غير مسبوق في محيطه العربي والإفريقي والعالمي بالمساهمة في محاربة الإرهاب والهجرات والإتجار بالبشر، وهذه الهجرات تعتبير كما يقول المثل السوداني بسبب (جنكم المرق منكم).