حقاً كان يوم السبت مطلع هذا الأسبوع يوم عرس إنسان الشمالية.. فمنذ ساعات الصباح الأولى تقاطر على قاعة الصداقة أبناء الولاية من مناطقها المختلفة ومن الخرطوم بجانب عدد مقدر من أبناء الولاية بأرض المهجر للمشاركة في مؤتمر نهضة الولاية الذي عقد برعاية السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير. ومنذ ساعات الصباح الأولى امتلأت القاعة الرئيسية على سعتها بأعداد كبيرة لم تشهده القاعة من قبل وعلى امتداد ساعات النهار والليل عكف المؤتمرون في صبر على بحث أوراق العمل الخاصة بأحداث نهضة تنموية في كافة المجلات بعد أن عايشت الولاية الإهمال والتهميش عبر العصور السياسية منذ الاستقلال وهذا التهميش في قيني برجع إلى السحات التي اتسم بها إنسان الشمالية والمتمثلة في التجرد والإيثار.. ورغم أن الولاية قد رفدت البلاد بعدد مقدر من القيادات والرموز السياسية تصدرهم الزعيم إسماعيل الأزهري والرئيس إبراهيم عبود والرئيس جعفر نميري والرئيس المشير عبد الرحمن سوار الدهب وآخرهم الرئيس عمر البشير إلا أن هؤلاء القادة والحكام لم يقدموا لأهلهم إلا القليل وأنصب همهم وجهدهم في قضايا السودان الكبرى. هذا التجمع الباهر والفريد الذي أحتضنته قاعة الصداقة لم يأت من فراغ بل سبقه حراك شعبي مكثف انتظم كل تجمعات أبناء الولاية بالخرطوم وكنت قريباً من ذلك الحراك طيلة الشهور الماضية.. هؤلاء النفر الأبرار من أبناء الولاية ظلوا يعقدون اللقاءات بمنتديات وأندية مناطق الولاية بالخرطوم مبشرين بنهضة كبرى تشهدها الولاية ومركزين على أهمية إنفاذ ترعتي السد كمدخل لإحداث طفرة تنموية زراعية وصناعية تملك الولاية كل مقومات تحقيقها بتوفير مليون فدان تزرع بالري الإنسيابي بجانب اثنين مليون فدان تحتاج لمعالجة تقنية بعد مرحلة التبشير اتجه هؤلاء النفر الكرام إلى الاتصال بالمسؤولين .. وكان فاتحة هذه المرحلة اللقاء المطول مع نائب دائرة مروي الفريق أول صلاح قوش ثم اللقاءات المتعددة بحكومة الولاية ومجلسها التشريعي وفي أغسطس من العام الماضي بأدر والي الشمالية باصدار قرار بتشكيل لجنة عليا للإعداد لقيام هذا اللقاء والتحم الجهدان الرسمي والشعبي في تنأغم وانسجام كامل لتحقيق نهضة تنموية بالولاية وتصاعد الجهدين الرسمي والشعبي وتمخض عن الإعلان الهام الذي أصدره السيد رئيس الجهمورية في لقاء جماهيري بحاضرة ولاية الجزيرة والخاص بتبني الدولة إقامة الترعتين وعزت هذا القرار الكبيرة بتأكيده له إبان مهرجان البركل بعدها انتظم الجهدين الرسمي والشعبي.. وتصاعدت وتيرته حتى وصل قمته في القاء الجامع مطلع الاسبوع بقاعة الصداقة. اعداد لردهات قاعة الصداقة وأقول إن وجده الجميع كارت تطفح بالبشر والسرور لكون الولاية تقف الآن على أعتاب مرحلة مفصلية هامة في مسيرتها وأنهم أصبحوا على يقين بأن المرحلة ستفضي إلى إحداث طفرة تنموية كبرى تلبي طموحات إنسان الولاية الصابر وكان عريس اليوم السيد والي الولاية المهندس علي العوض محمد موسى الذي قدم في خطابه الضافي سرداً مفصلاً لتاريخ الولاية وإنسانها الذي أتسم بعطائه الجزل ولكافة ولايات السودان.. وأشاد بالشهداء الذين قدمتهم الولاية نصرة لقضايا الوطن على رأسهم الشهيد الزبير محمد صالح والشهيد المهندس محمود شريف والشيخ الفريق عبد المنعم الطاهر والشهيد حاج نور ورفاقهم. وسرد تاريخ الولاية الناصع من ترهاقا والإمام المهدي والرئيس النميري وفي كلمته أمام الحشد الجامع تناول مساعد رئيس الجمهورية السيد إبراهيم محمود حضارة الولاية الضاربة في القدم وثمن دور أبناء الولاية في قيادة النهضة على مستوى السودان والمحيط الأقليمي. كان السيد رئيس مرتاحاً وكان كالعهد به أريحياً وتصاعدت أريحيته أن وجد نفسه بين أهله وعشيرته وأشاد في كلمته بأبناء الولاية الذين اضطلعوا باقامة كل المؤسسات الخدمية بالولاية بالعون الذاتي ووسط التكبير والتهيل أعلن تبني الدولة إقامة ترعتي السد مدخل لتحقيق التنمية المنشودة بالولاية ولا أريد أن أتناول فقره النفير التي جسدت أريحية أبناء الولاية بترعتهم بالمليارات لنهضة الولاية ولا أريد أن أكسر ظهورهم ما قدموه ظلوا يقدمونه في كل المناسبات الوطنية. وأنا أغادر القاعة قبيل منتصف الليل أيقنت أن الولاية الشمالية قد سلكت الطريق الصحيح وأعني به تكامل الجهدين الرسمي والشعبي خاصة وأن إنسان الولاية جبل على تقديم كل غالٍ للولاية وللسودان عامة.