بدا واضحاً أننا كمواطنين لن نستطيع من الآن فصاعداً، بحكم عوامل كثيرة داخلية وخارجية، الحصول على خدمة ما، أو الاستمتاع بسلعة ما، بالشكل الذى نأمله، أو المستوى الذى يجب أن يكون، إلا إذا سددنا مقابل ذلك بالأسعار الحقيقية لتلك الخدمة أو السلعة، وهي الأسعار المتعارف عليها عالمياً وزيادة لذلك لا بد أن نحذف ونشطب ونمحو من قاموس حياتنا الخدمية مصطلح (الدعم) تماماً إذا أردنا أن نعيش بكرامة واستقرار وسلام.. الدولة لم تعد تستطيع وليس بمقدورها أن تدعم شيئاً، أو أن تسدد أي فروقات، بل الدولة في حاجة إلى الدعم بعد الزيادات الكبيرة والكثيرة في بداية هذا العام على الكثير من السلع والخدمات تجد الحكومة حرجاً في زيادة فاتورة الكهرباء على الأقل في هذا التوقيت.. لكن مهما تأخرت (زيادة الفاتورة ) فإنها ستأتي. أمر الكهرباء وانقطاعاتها المتكررة شيء عجاب مع أنها صارت منجزاً حضارياً قديماً، وصارت من بديهيات الحياة، لكنها تستدعينا لفتح هذا الموضوع الشائك الآن.. فذلك المرفق كغيره من مرافق الدولة التي يتهاوى فيها كل شيء.. طاله قصور كبير في التوسعات والتطوير يقابل الزيادة الكبيرة جداً في الاستهلاك الرسمى والشعبي يكفي أن أجهزة التكييف والثلاجات التي تحفظ عليها الأدوية والأطعمة أصبحت أمراً شائعاً في القرى ناهيك عن التوسعات السكنية في المدن وعلى رأسها الخرطوم. يجب أن نؤكد أولاً، أن الكهرباء لم يعد ممكناً الاستغناء عنها بحال من الأحوال في أي قرية أو(حلة) ما دامت قد وصلت إليها و(تبرمج) الناس عليها.. بمجرد وصولها أقيمت مشروعات تعتمد اعتماداً كلياً عليها.. سواء كانت هذه المشروعات صغيرة أو كبيرة فى النهاية تستوعب عمالة في زمن العطاله هذا.. وتفتح بيوتاً تترزق منها أعداد كبيرة من الأسر.. ليس من السهل إغلاق هذه البيوت أو تسريح تلك العمالة.. وكذلك لا يجب التفريق بين القرية والمدينة في هذا الشأن تحت أي ظرف. صحيح أن كثيراً من المناطق وإلى عهد قريب كانت خارج تغطية شبكة الكهرباء إلا أن المواطنين الآن باتوا يقومون بقطع الطرق حين يتم قطع الكهرباء عنهم وسط احتجاجات عارمة. ذلك لأن الأوضاع اختلفت تماماً لم تعد كماليات.. لم تعد للرفاهية.. لم تعد لتشغيل المروحة أو الثلاجة.. أصبحت مشروعات منتجة.. أصبحت أرزاق ناس ومصالحهم.. كل ذلك وغيره يحتم على المسؤولين ضرورة إيجاد حلول سريعة لهذه الأزمة المتفاقمة.. كما يحتم عليهم التعامل مع القضية من كافة أبعادها.. ما يتعلق بالدعم ما يتعلق بالإحلال والتجديد بمصادر الطاقة الأخرى.. باستخراج واستيراد الوقود.. بالعمالة والتدريب والتطوير.. بالترشيد في الاستهلاك. خسائر كبيرة طالت القطاعات المنتجة خلال هذه الفترة الغابرة .. أزمات نفسية ومعنوية طالت المواطن البسيط خلال الأسابيع المنصرمة.. استياء وضجر طال الجانبين على مدى الأيام القليلة الماضية في ظل ارتفاع درجات الحرارة وغياب الكهرباء يرافقها الماء ليبرز الوجه القبيح.. فهل من حل في الأفق ؟